علي جبار عطية
انظر الى جاري العطارالناجح في عمله والطموح الى تطويره بغبطة واتمنى ان اتقمص دوره وهو يعرض بضاعته المتنوعة بالجملة والمفرد لكن ما ان أدخل معه في التفاصيل حتى تتحول غبطتي له أسىً ورثاءً جميلاً! والسبب أن جاري أبا محمد يفتح دكانه السابعة صباحاً ولا يغلقه الا منتصف الليل وهذه مدة عمل طويلة جداً اي أنه يظل واقفاًً في محله في ثلاثة شفتات عمل متواصلة واذا غادر المحل فانما ليتبضع له من سوق الجملة!
وعرفت منه انه مدين بمبلغ ستين مليون دينار عراقي لمجازفته بشراء بيت متوسط السعة هرب اليه من احداث العنف الطائفي يقع في اطراف بغداد!
ولأنه مدين من رأسه حتى قدميه كما يقول نزار قباني فهو لايستطيع تشغيل عامل يحل محله في احدى وجبات عمله لأن هذا يعني تضحيته بنحو ثلاث مئة الف دينار أجرة العامل المفترض!
وحاورته في خسائره فاتضح لي انها فادحة جداً فهو يعترف انه مقصر في واجباته الدينية وفي صلة الارحام ولا يستطيع حضور مناسبة اجتماعية مفرحة او محزنة وينسحب الأمر على علاقته بعائلته فحضوره بروتوكولي كما يقول الساسة!
وعلى رأس خسائره شعوره انه مستلب انسانياً بل هو عبارة عن آلة لا يعرف ليله من نهاره..
بل هو رجل بلا أحلام وانحصر كل همه في تسديد ديونه قلتُ له ان انسانية الانسان تتجلى في تقسيمه ليومه والاهم الا يطغى عمله على واجباته الدينية والاجتماعية وهواياته وهذا سر من اسرار سعادته أو شقائه ولعل هذا ما هو متوفر في الوظيفة الحكومية اذ انها ولو كان الاجر فيها محدوداً الا لذوي المناصب العالية الا ان أهم ما فيها ان لها وقتاً محدوداً يطلق سراحك بعده لتمسك ببعض آدميتك!
أقول لجاري الطيب: لو كنت في دائرة حكومية هل كنت توصل الليل بالنهار لتسدد ديونك؟
وهل يفسر التكالب على الوظيفة الحكومية ولو بدفع الرشا بمحاولة استرداد جزء من الآدمية؟
التعليقات (0)