رجل الدين كوارث تتجدد
الحديث عن رجال الدين في المجتمعات العربية أمرُ مُحرم فهو في نظرهم إنتقاص وفي نظر أتباعهم جريمة لا يُقدم عليها إلا رويبضه كما يزعمون ، رجال الدين مصطلح مشتق من اللغة اليونانية القديمة ويعني الشمولية للذين كرسوا حياتهم للأنشطة الدينية داخل مجتمعاتهم ، ذلك المفهوم آتى كنتيجة طبيعية للقدسية التي أحاطت بتلك الفئة البشرية والتي هي نتيجة طبيعية للغباء والجهل ، في السابق وتحديداً في العصور المُظلمة التي عاشت فيها أوروبا حيناً من الدهر كان لرجال الدين سلطة دينية وسياسية لم يعرف لها التاريخ مثيلاً فكل شيء يهم العلاقة الروحية بين الفرد وربه لابد أن يمر عليهم ليباركوه وكل أمر ديني تقوم به السلطة السياسية يجب أن يحظى بمباركتهم ليلقى القبول عند الناس ، في تلك الحقبة كان كل شيء محتكر بيد فئه تظن أن مفاتيح كل شيء بيدها فالعقل البشري مُخدر والعلم مُعطل والحياة السوية مفقودة حتى حدثت الثورة الأوروبية فزال الظلام بعد أن سقطت القُدسية المصطنعه لمن استخدم الدين لفرض وجوده وقناعاته على الناس.
بعضاً ممن يحلم بسلطة وهيمنه على الناس والفضاء الاجتماعي قام بما قام به اشباهه في العصور الأوروبية ، فالنصوص الدينية تم توظيفها لتعزيز الصورة النمطية المقدسه المطبوعة بالذهنية المجتمعية عن حاملي الدين والمتدينين ، وليس ذلك فحسب بل تم إدخال أراء وتوقيعها بختم القداسه وتمريرها للناس على أنها دين وشرع يجب التمسك به ، وتلك جريمة خصوصاً وأنه لا يوجد إيمان بحرية الفرد وحق الاختيار ، قد يقول قائل لا يوجد لدينا رجال دين مثلما كان بأوروبا قديماٌ ، الرد على ذلك القول لا يحتاج لأدلة فيكفيه مطالعة تاريخ أمته الذي يتغنى به صباح مساء ففيه قصص وحوادث تدل على وجود تلك الفئة التي قمعت كل مخالفيها بإسم الدين والتقرب إلى الله وسيجد صراعات تلك الفئة فيما بينها حاضرة وجليه وما بروز وولادة المذاهب الفقهية والمدارس والفرق الدينية قديماً الا دليلاً على وجود طبقة رجال الدين وصراعهم مع المجتمعات وصراعهم فيما بينهم على كعكة السلطة والعقل البشري.
الواقع الحديث المعاصر لايختلف عن التاريخ القديم فهو امتداد لتلك الحقبة الزمنية المُظلمة في تاريخ الأمه العربية التي صدرت كوارثها للعالم أجمع ، فمن رحم تلك الصراعات الفكرية والمذهبية التي أوجدها رجال الدين من عدم خرجت لنا تيارات ومناهج فكرية أكثر تشدداً ودمويه من سابقاتها وتم تقسيم المجتمعات لفئات على حسب إيمانها بالمدرسة الفقهية أو المذهبية وهذه هي الكارثة فإذا لم تكن وهابي فأنت صوفي وإذا لم تكن صوفي فأنت خميني وإذا لم تكن خميني فأنت مُلحد وهذه تُهمة من لا تهمة له.
المجتمعات المؤمنة بالعقل والحرية وحرية الإعتقاد لا يوجد فيها ذلك المصطلح "رجال الدين " ولا تؤمن بقدسية احد ولا تُقيم للاختلاف وزناً عكس المجتمعات التي تؤمن بمفرده الموقعين عن الله فكل شيء فيها قابل للإنتهاك لمجرد الشُبهه والخلاف في الجزئيات ويتعاظم الأمر إذا كان الخلاف في الكليات وعندئذِ لا عزاء للإنسان وكرامته المُنتهكه بفتوى ورأي يُسميها الجُهال شرع مُقدس من عقلِ مُطهر .
@Riyadzahriny
التعليقات (0)