أردوغان ... هل بدأ زمن التعثر؟
سائق سيارة الأجرة الخمسيني كان يتباهى بالفوز الذي لم يفاجئه، لحزب العدالة والتنمية. لقد أجرى استطلاعه الشعبي الخاص طوال الشهور الثلاثة الماضية،
14.06.2011 10:37
مع ركابه من مختلف الانتماءات والشرائح الاجتماعية والسياسية. خلص إلى نتيجة واحدة: رجب طيب أردوغان سينال 50 في المئة من الأصوات، وهو ما تطابق مع الأرقام الرسمية المعلنة.
الاحتفالات السيارة التي جابت شوارع اسطنبول ليلاً بعد ساعات قليلة على إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية، لم تكن صاخبة... لكنها كانت مختلطة بشكل لافت للنظر.. سيارات فاخرة، وركابها تشي مظاهرهم بثراء ما، وأخرى تقل شباناً متوسطي الحالي، وعربات نقل يقودها كادحون، عرقهم هو نواة الرفاهية الاقتصادية لهذا البلد الإسلامي الصاعد... ولأي بلد.
اختار نصف الناخبين الأتراك تفويض حزب العدالة والتنمية قيادة البلاد للسـنوات الأربع المقبلة، للمرة الثالثة على التوالي، تماماً مثلما اختاروا رفع عدد النساء في البرلمان من 44 إلى 74، أو مثلما ادخلوا 3 شخصيات لا علاقة لها بالسياسة، إلى قلب الديموقراطية التركية، هم مخرج سينمائي ولاعب كرة قدم، ومغنية علوية محافظة.
فاز أردوغان في الشارع، لكنه لم يحقق حلمه المنشود في البرلمان، إذ كما اتضح من الأوراق السرية المحشوة في صناديق الاقتراع الـ 199 ألفاً و207، فقد اختار الأتراك أيضا، ألا يولوه الثقة المطلقة عبر منحه 326 مقعداً، وهو الذي ما أخفى توقه إلى غالبية الـ367 التي كانت ستتوّجه سيداً مطلقاً على المسرح السياسي ليعيد صياغته كما يشتهي... عبر دستور جديد.
ويقول الصحافي والمحلل البارز في صحيفة «ملي غزته» التابعة لحزب السعادة الإسلامي، مصطفى أوزجان لـ»السفير» إنه «من غير الواضح ما إذا كان أردوغان سيتمكن من إقناع الآخرين بالتعاون معه حول تعديل الدستور».
واعتبر أوزجان ان الأحزاب الأخرى في البرلمان «لن تمنح أردوغان الفرصة ليتحول إلى بطل الدستور الجديد لتركيا».
وعلى سبيل المثال، يشير أوزجان إلى ان حزب الشعب الجمهوري المعارض (26 مقعداً) عادة ما يتجنب التعاون مع حزب العدالة والتنمية، مضيفا في الوقت ذاته ان هناك تيارات داخل حزب الشعب الجمهوري ولها انقساماتها حول فكرة التعاون مع أردوغان، ولهذا فإن أي تعاون من جانب الحزب، قد يؤدي إلى انقسام الحزب العلماني الذي يعتبر مؤسس الجمهورية التركية.
وبما أن هذا الحزب الأتاتوركي، لا يميل إلى التعاون، ولأن حزب الحركة القومية تجمعه علاقات خصومة حادة مع اردوغان كما برهنت تجربة الأعوام العشرة الماضية، فقد لا يجد اردوغان امامه سوى النواب «المستقلين» الاكراد، وانما من خلال «ابتزازه» كما يقول أوزجان الذي يؤكد ان من شأن ذلك «إثارة حساسية المؤسسة العسكرية ودوائر الدولة».
يقول أوزجان إن «تركيبة البرلمان الجديد لا تساعده بتاتاً... هذا اقله حتى الآن».
في مقر حزب الشعب الجمهوري في اسطنبول، كان عبوس الوجوه مع اعلان نتائج الانتخابات، يعكس احساساً بالهزيمة. كل التقديرات كانت تشير الى انه سينال 30 مقعداً، لكنه انتهى بـ26.
يقول مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب أوغوز ساليجي لـ»السفير» إن «روح الانقلاب» ما زالت داخل الدستور المعمول به منذ انقلاب العام 1980 على الرغم من التعديلات الكثيرة التي ادخلت اليه.
لا يستطيع الحزب أن يقف جهاراً ضد تعديل الدستور الذي تؤيده غالبية الاتراك. ولهذا على ما يبدو، يقول ساليجي «بهذا المعنى نحن متقاربون مع حزب العدالة والتنمية على تعديل الدستور».
منذ الثمانينيات، هي المرة الاولى التي كان يبدو فيها حزب الشعب الجمهوري قادراً على تخطي حصة الثلاثين في المئة، لكنه لم ينجح. هذه هي مرارة علمانيي الحزب المعارض. فوتت فرصة تاريخية ليستعيد مكانته على الحلبة السياسية، ولا يبدو انه سيعمق جراحه بمنح اردوغان مكاسب تاريخية سهلة.
ربما يكون اردوغان نال نسبة اكبر من اصوات الناخبين، لكن مقاعده البرلمانية تراجعت، وكذلك قدرته على المناورة سياسياً. اردوغان هذا، بطموحاته الكبرى، ربما يكون مقبلاً على اكثر سنوات حكمه السياسي تعثراً.
خليل حرب السفير -
التعليقات (0)