مواضيع اليوم

رجال الدين في السعودية

رجال الدين السعوديون يضعون قيودًا على الإصلاح

10/2/2004م

عندما أعلن الشخص الذي يقف على قمة المؤسسة الدينية في السعودية خلال فبراير الماضي بأن الإسلام لا يجيز اختلاط النساء بالرجال، فإنه بذلك الإعلان يكون قد وضع حدودًا للإصلاحيين لا ينبغي لهم تجاوزها عند مطالبتهم بحقوق المرأة في مجتمعهم المحافظ.

ولا أحد في السعودية وحتى من أفراد الأسرة المالكة يستطيع تحدي ذلك الحكم الذي أعلنه الشيخ عبد العزيز آل الشيخ/ المفتي العام للمملكة العربية السعودية.

والفتوى التي نطق بها آل الشيخ قد فتحت أبواب النقاش حول ؛ إن كانت الملكية المطلقة في السعودية قادرة على المضيّ قدمًا في طريق الإصلاحات التي تحوّل البلاد إلى دولة حديثة مع استمرار وجود المؤسسة الدينية القوية التي لا تزال تسير بعقلية القرن الثامن عشر.

وقال آل الشيخ: إن الشريعة الإسلامية لا تجيز اختلاط النساء بالرجال لأن الاختلاط سبب للبلاء والمصائب. والفتوى التي أصدرها آل الشيخ، وهو سليل الشيخ محمد بن عبد الوهاب الزعيم الديني الذي تحالف مع أسرة آل سعود، جاءت في أعقاب مشاركة لبنى العليّان وهي سيدة أعمال سعودية مرموقة، في منتدى لرجال الأعمال في جدة.

لقد ظهرت لبنى العليان في صورة وقد سقط خمارها من فوق رأسها إلى كتفيها، وطالبت في حديثها أمام المنتدى بمساواة الجنسين في المملكة، الأمر الذي أثار حفيظة المفتي العام وجعله يصف ذلك التطور بأنه مخالف لتعليمات الإسلام.

وبالرغم من أن الفَصل كان قائما أثناء المؤتمر بين الرجال والنساء، فإنه في بعض الأحيان كان الاختلاط يحدث بين الجنسين بشكل لا يرضى عنه المحافظون.

وحقوق المرأة التي يطالب بها الليبراليون: حيث إن المرأة غير مسموح لها بقيادة السيارة، أو السفر بدون محرم، ما هي إلا جزء من مطالبهم، لأنهم يطالبون أيضًا بتقسيم عادل للثروة، وبحق الانتخاب وحقوق الإنسان والشفافية.

والمرأة مفصولة تمامًا في المجتمع السعودي؛ في المدارس والجامعات وأماكن العمل وفي المستشفيات وغيرها من المرافق.

وفي المطاعم تجد أقسامًا خاصة للنساء، والفصل بين الجنسين قائم حتى في أماكن الترفيه والحدائق العامة حيث إن هناك أياما مخصصة للرجال وأيامًا أخرى للنساء.

وقد قال الأكاديمي "رائد قشتي" معلقًا على الوضع الاجتماعي: إن المؤسسة الدينية تفكر بعقلية ما قبل التاريخ وأنها تعطل أي مشروع في هذه البلاد، فهم لهم اليد الطولى في كل شيء، وما برحوا يقاومون الإصلاح بكل قواهم، حيث يرون أن التغيير يشكل تهديدًا لهم، ولا فرق عندهم إذا كان الإصلاح اجتماعيًا أو سياسيًا أو اقتصاديًا فكل ذلك مرفوض من جانبهم.

وسلطة رجال الدين في السعودية مستمرة منذ التحالف السابق بين آل سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب مؤسس الوهابية في القرن الثامن عشر، والوهابية هي المذهب الإسلامي الوحيد المسموح به في البلاد. ورجال الدين المتشددون في السعودية لهم دور ونفوذ في المساجد وفي المناهج المدرسية وفي تطبيق القانون الإسلامي.

والسعودية دولة قامت على أساس الدين، وبدون الدين فإنها ستتمزق على أساس قبلي حسبما يراه محسن العواجي؛ وهو محامٍ إسلامي تم حبسه لمدة أربعة أعوام في عام 1994م لأنه طالب بالإصلاحات.

والمحللون يقولون إن أسرة آل سعود قد غضت الطرف لسنوات عن الدعوة الوهابية التي تتحمل مسئولية التطرف السائد في البلاد، وقد فعلت أسرة آل سعود ذلك لأنها تعلم أن استفزاز العلماء الوهابيين يهدد مركزهم ويسحب بساط الشرعية من تحت أقدامهم.

وفي هذا الصدد يقول المحلل السعودي خالد الفضيلي: إن رجال الدين والسياسة قد ظلوا يقايضون المنافع لسنوات عديدة، ففي الوقت الذي سمح فيه الحكام لرجال الدين بتطبيق أفكارهم، فإن رجال الدين قاموا بحماية الحكام عن طريق فتاواهم وتوجيهاتهم، وأضاف الفضيلي: إن الزعماء الدينيين ظلوا يقوموا بحماية العروس والأُسر الحاكمة في السعودية، أو غيرها من البلاد.

ومعظم المواطنين السعوديين قد تربوا في كَنف الوهابية التي لا تتسامح مع غيرها من المذاهب الإسلامية أو مع أصحاب المعتقدات الأخرى.

ويشير بعض المحللين إلى أن البلاد لم تكن دائمًا متشددة، ويذكرون بأن السعودية تمتعت بنوع من الليبرالية في الستينات حيث كان لها مجلس شورى كما كانت تمارس الانتخابات البلدية وأنه كان في مقدور المرأة العمل والاختلاط بالرجال.

ويعزو هؤلاء المحللون تشديد الخناق إلى حادث احتلال الحرم المكي عام 1979م من قبل جماعة سنية متعصبة كانت تعارض الحداثة في البلاد التي كانت مهدا للإسلام.

ولا ننسى أن الأسرة المالكة السعودية التي تستمد شرعيتها من حمايتها للحرمين الشريفين في حاجة لدعم المؤسسة الدينية لها. والمؤسسة الدينية الوهابية ما فتئت تحارب الفنون ومسرّات الحياة الأخرى، والموسيقى محظورة في الأماكن العامة كما هو الحال مع دور السينما، وقد طغت الدروس الدينية على المناهج المدرسية حيث لا يجد الطلاب وقتًا كافيًا للمواد الأخرى.

ومن غير المتوقع حدوث تغيير مفاجئ في السعودية حيث يتدخل التوجيه الديني في كل شئون الحياة، إلا أن بعض المسئولين باتوا يعترفون بأن العقيدة الدينية التي تبثّ روح الكراهية ضد الغرب قد ساعدت في خلق الأجواء التي ترعرع فيها المتعصبون الذين قاموا بالهجمات على الولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر 2001م.

والإصلاحيون يرون أن تلك الهجمات التي قام بها أشخاص معظمهم من السعوديين ومن أتباع زعيم القاعدة أسامة بن لادن والدكتاتور العراقي السابق صدام حسين، قد وضعت السعودية ومؤسستها الدينية أمام ضغوط الحركة الإصلاحية.

والأسرة المالكة التي لا يبدو أنها ستغيّر بنفسها النظام القائم، تتعرض حاليًا لضغوط من حليفتها واشنطن لإجراء اللازم بشأن احتواء نفوذ القاعدة ولمنع البلاد التي تعتبر الدولة الرئيسة في تصدير النفط من الوقوع في أتون الاضطرابات، وفي هذا الصدد قال محسن العواجي: إن بلادنا ستُرغم على القيام بإصلاح لأنه إذا تُرك لهم الخيار فإنهم لن يتحركوا.

ولم تحدث في المملكة تغييرات كبيرة مثل إدخال خطوط التلفون والتلفزيون مرورًا بتعليم البنات دون مقاومة عنيفة من رجال الدين. وحسبما يرى الإصلاحيون فإن على الأسرة المالكة أن تحدد إن كانت ترغب في مواجهة ذلك التحدي.

ويضيف القستي: بأنه منذ 1990م يردّ د نفس الكلام بأن الإصلاح أمر ضروري إلا أننا غير مستعدين له، والسؤال: متى سنكون مستعدين له؟

وقد تعهد ولي العهد الأمير عبد الله بأنه سيمضي قدمًا في طريق الإصلاح، إلا أنه أشار إلى أن التغيير سيكون تدريجيًا دون أن يتناقض مع تعالم الإسلام، وأضاف الأمير عبد الله: إن هذا البلد إما أن يكون بلدًا مسلما أو لا يكون شيئا على الإطلاق.

والكثير من المحللين يشككون إن كان الإصرار على الإصلاح على مستوى القمة سيكون كافيًا في هذه المرة، ويعتقد البعض أن الأسرة المالكة ستمارس ضغوطًا على رجال الدين عن طريق تقليص امتيازاتهم.

وعلى كل حال فإن الحكومة السعودية حذرة بشأن السرعة المطلوبة للإصلاح.

وقد أبلغ مسئول حكومي وكالة رويتر بأن التغيير لا يتم بين يوم وليلة، وعلينا أن نبدأ المسيرة والمحافظة على زخمها، كما أن علينا تهيئة الناس للتغيير القادم حتى يتقبلونه بصدر رحب لأنه من المستحيل أن يُفرض التغيير بالقوة.

ومرة أخرى يقول الفضلي: إن الحكومة قد أخطأت عندما سمحت لرجال الدين بمد وتوسيع نفوذهم، وأضاف بأن الدولة أعطت لرجال الدين الصلاحيات والسلطة، إلا أن السحر قد انقلب على الساحر.





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !