رجال الانتفاضة الشعبانية والربيع العراقي ضحايا وعاظ السلاطين ... السيستاني انموذجاً
ان لما جرى يجري من احداث سياسية وامنية واقتصادية واجتماعية وغيرها في العراق تأثيرا ولد عندنا كثيراً من الاستفهامات التي تحتاج لأجوبة شافية صريحة يمكن لها ان تغير مسار التفكير الذهني عند كل عراقي بغض النظر عن الانتماء والتوجه , كذلك تكون هي الاساس في اتخاذ القرارات المتعلقة في تشخيص الواقع المعاش .
اذا رجعنا الى الوراء واقصد زمن النظام السابق وتحديدا في فترة مابعد 1990م نجد ان الشعب في ذلك الوقت اراد التغيير وباشر به فعلا وقدم ضحايا وخصوصا ايام الانتفاضة الشعبانية 1991م بعد ان انتفض واستطاع ان يسقط اغلب محافظات العراق من ايدي رجال النظام السابق لكن للاسف حدث مالم يكن في حسابات عقل العراقي الشيعي بالذات !
بعد ان انتفض الشارع العراقي والتهبت المحافظات التي تسكنها الاغلبية الشيعية نارا صبت على رؤوس رجال البعث وانهزموا اذلاء خائبين صار طعم النصر يتذوقه لسان كل من خرج ليغير واقعا مرا قاسيا من العراقيين , لكننا نرى ساحة التغيير خالية تماما من وكلاء ومعتمدي الخوئي الذين كانوا يعيشون في قلوب اغلب ابناء المذهب الشيعي !
مع الاخذ بنظر الاعتبار ان مرجعية الخوئي كانت جامدة وخاملة ولم تحرك ساكنا امام انتهاكات ازلام البعث حتى وصل الحال لقتل وحبس وتسفير رجال الدين , وضرب قبة سيد الشهداء بالقذائف , وقتل المنتفضين بوجه النظام داخل الحرم الجسيني الشريف , وقبل كل ذلك الحرب التي شنها صدام على ايران والتي راح ضحيتها مئات الالاف من الطرفين , وحملة الاعدامات والاعتقالات العشوائية التي قامت بها السلطة انذاك , وغزو الكويت والسلب والنهب هناك والخوئي لم يحرك ساكنا مطلقا .
لكن نرى التحرك والحركة من قبل الخوئي نفسه في تلك الايام والتي اضطر ان يظهر فيها على حقيقته مع صدام ليعلن ان الانتفاضة ماهي الا "تخريب غوغائيين" يراد بها زعزعة الامن وتخريب البلد وهذا كله لم يكن تقولا على الخوئي بل مواقف الخوئي تدل بوضوح عن ذلك اضافة الى وجود مقطع فيديو يصرح بذلك بمجرد ما تكتب في المتصفح صدام والخوئي ستجد اكثر من هذا !
وفعلا استطاع الخوئي ان يجهض الثورة بوقوفه مع النظام السابق بعنوان واعظ للسلطان , ولم يكتف بوقوفه على التل والشعب يُذبح من الوريد الى الوريد بل بادر ليهاجم الثوار ويعلن عن وقوفه لنصرة صدام والبعث المجرم ويكون سميرا للملوك !
تلك احداث ذهبت بمأساتها لكن ما اريد ان ابوح به هو ان الماضي تجدد وتكرر وابطال المسرح السياسي بدل ان يكونوا الخوئي ووكلائه وصدام ورجال سلطته اصبح السيستاني ووكلائه والمالكي ورجال سلطته هم ابطال العملية السياسية , فكلنا يعرف مواقف السيستاني خليفة الخوئي مع صدام واذا اردنا ان نختصر ونتفضل على السيستاني نقول انه صمت صمت القبور على افعال صدام ورجاله بعد ان تسلم الخلافة .
اما بعد سقوط النظام فنرى للسيستاني موقفين لا غير هما :
الموقف الاول : وقوفه مع المحتل علنا بعد السقوط 2003م في كل الجوانب منها :
أ – اصداره فتوى بحرمة قتال الامريكان بحجة انها قوات اسقطت نظام صدام المجرم ( الذي كان يتعامل معه بكل اخلاص) وثمن تلك الفتوى تسلمه مبلغ من المال قدره 200 مليون دولار من وزير الدفاع الامريكي رامسفيلد .
ب – الافتاء بوجوب تسليم السلاح للامريكان وفعلا تم تسليم كثير من الاسلحة من قبل المغفلين الناعقين خلف كل ناعق
ج – استطاع هو ووكلائه ورجال حكومته اقناع السذج من العراقيين ان اي فرد يقاوم المحتل او مجرد انه يرفض المحتل وافعاله فهذا وهابي وعنده اتصال بالقاعدة وقياداتها او انه بعثي وحاقد على الامريكان لانهم اسقطوا نظام البعث !
د – سكوته الغير مبرر على كل جرائم الاحتلال وشركاته الامنية وكل الانتهاكات التي قام بها جيش الاحتلال سواء في سجون ابي غريب وغيرها ام في المدن والقرى والجامعات والمدارس والمؤسسات ... وسواء كان الانتهاك والتعدي على حقوق العراقيين وثرواتهم ... ام على اعراضهم ومقدساتهم ومعتقداتهم ...
و – عدم اتخاذه اي موقف شريف في فترة تفعيل الطائفية من قبل المحتل بل كان لوكلائه واحزابه الدور البارز في تحشيد الجماهير الشيعية ودفعها في سحيق الطائفية المقيتة .
الموقف الثاني : وقوفه بكل قوة ووكلائه وطلبة حوزته وكل من له علاقة به مع حكومة الفساد والظلم ودعمها ماديا ومعنويا وذلك من خلال عدة امور
أ - اصداره عشرات الفتاوى المؤيدة للحكومة والاحزاب الفاسدة تنص على ان من لم ينتخب قائمة الشمعة فتحرم عليه امرأته , خروج المرأة لانتخاب قائمة الشمعة كخروج زينب يوم الطف لنصرة الحسين , من لم ينتخب احد القائمتين الشيعيتين الكبيرتين ( القانون , الوطني) فليحضر جوابه امام الله تعالى وليتحمل مسؤولية رجوع ازلام البعث للحكم .
ب - سكوته المطبق على كل فساد وانتهاك صدر من رجال الحكومة واحزابها المجرمة بحق الشعب العراقي سواء كان ذلك في السجون ( العلنية , السرية ) والمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني ام في المدن والقرى والجامعات والمدارس ... وسواء كان الانتهاك والتعدي على حقوق العراقيين وثرواتهم ... ام على اعراضهم ومقدساتهم ومعتقداتهم ...
ج – قبوله على كل افعال وكلائه المرتبطين بالاحزاب الفاسدة كقياديين ودفاعه عنهم والتزامه لهم من خلال دفعه للأموال الطائلة لطمطمة حوادث الزنا والاغتصاب وسرقة اموال المسلمين ... وتسخير كل المنابر لتبوق وتدافع عنهم وعن افعالهم اللاأخلاقية واللاإنسانية كوكيله الزاني في ميسان مناف الناجي ووكيله في الحلة الخالدي ووكيله القاتل في كربلاء عبد المهدي الكربلائي ووكيله المختلس والسمسير في البصرة جبار العبادي وغيرهم العشرات .
د – اجهاضه لأي ثورة يمكن لها ان توقع حكومة العمالة والسرقات بتفعيل دور الطائفية من خلال وكلائه والاحزاب المنضوية تحت عباءته .
و – وقوفه بوجه الشعب علنا في حال مطالبة الشعب بأبسط حقوقه المغيبة المسروقة والافتاء صراحة ان من يطالب بحقوقه ويقف معلنا رفضه لسياسة الاستخفاف والسرقة فهذا بعثي او سلفي وهابي !
وخير شاهد على هذا حركته ووقوفه لجنب الحكومة وازلامها الظالمين السارقين ومشاركته الفاعلة كسيده الخوئي لافشال الربيع العراقي ووئد احلام العراقيين بالعيش الرغيد والعدالة في الحكم بعد ان طالبوا لعدة سنوات الزمر الحاكمة الانصاف والعدالة وتوفير الامن والامان والخدمات لكن دون جدوى الى ان ثارت الشعوب العربية الحرة ونهض العراقيون ليقتصوا من القتلة والمجرمين الجالسين على كرسي الدولة السيستانية .
واذا به يقف صراحة وبلا حرمة وعيب مع نوري المالكي وحزبه الحاكم ليكون من اكبر وعاظ السلاطين فيفتي بحرمة الالتحاق بركب المطالبين بحقوقهم المشروعة (متظاهري 25- شباط ) بحجة انهم بعثية ووهابية ويريدون اسقاط حكومة المرجعية الشيعية ! وهو طيلة فترة ما بعد السقوط لم ولن يطالب بأي حق عراقي والشعب يتجرع مرارة العيش وألم انعدام الامن والامان وموت الخدمات وانتشار البطالة وانتهاك الابرياء في سجون الظلم والجور ...
ففي رأيي لابد من ان ينتبه كل الشعب وان كان الاغلب قد صار على دراية ان السيستاني هو اساس كل ما يحدث في العراق من ويلات ودمار ... بل هو اصل كل معاناة العراقيين منذ ان تسلم زمام الخلافة , ومعارض لكل طموحات الشعب الخيرة ولا يغرنكم كلمات وكلائه المعسولة في خطب الجمعة وغيرها , فما تكلموا بها الا من اجل تخدير الشعب ولأنه صار الفساد اشهر من نار على علم لذلك نراهم ينتقدون الحكومة بطريقة مدروسة ووفق معايير مخطط لها .
والا اي عقل يقبل ان غلق باب السيستاني بوجه المالكي وغيره يشبع الجائع ويزوج الاعزب ويرجع الاب المقتول لطفله والزوج لأرملته والابن لوالدته ... ؟!
واي عقل يقبل ان غلق باب السيستاني بوجه الحكومة يرجع الاثار المسروقة والاراضي المغصوبة والحقوق المضيعة والكرامات المنتهكة في السجون وغيرها ...؟!
اي عاقل يقبل ان غلق باب السيستاني بوجه الحكومة الفاسدة التي عمل من اجل انتخابها بكل قوة معناه المطالبة بحقوق الجماهير والانتصار للمظلومين والوقوف وجها لوجه لمحاسبة المتورطين بدماء العراقيين وسرقة ثرواتهم ؟!
اي عقل يقبل ان غلق الباب بوجه الحكومة معناه فتح الباب من اجل الخروج والكون مع الشعب المحروم والنزول لساحة المطالبة والاخذ بالثأر لكل الموتورين ومعناه التصدي علنا للمفسدين العملاء ؟!
ولا اقول سوى { وَمَن كَانَ فِى هَـٰذِهِۦٓ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِى ٱلْاخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًۭاْ }.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل سيبقى باب السيستاني مسدودا امام المالكي وحكومته ؟
ام ان الثورة السورية ستغير من الحال بين السيستاني والمالكي علنا ويرفعا غطاء المسرحية بعد ان يتم تكليف الوكلاء وطلبة الحوزة وقراء المنابر بتثقيف الشيعة حول "السفياني" الذي ممكن ان يقال انه صاحب الثورة السورية (السلفية) وانه سيعلن الحرب مع العراق لان حكومة العراق شيعية والمرجعية المسيطرة على مجريات الاحداث شيعية والاغلبية شيعية ويؤولون الروايات الحاكية عن السفياني ويبدأون يطبقون ذلك على قادة الثورة السورية ؟!
بعد ذلك تبرز لنا حرب طائفية طاحنة لم تكن في العراق فحسب بل في المنطقة عامة وتكون الوقفة الصريحة للسيستاني مع المالكي والحكومة الفاسدة بحجة اننا لابد ان نتوحد وان كان الحاكم فاسد سارق قاتل (المالكي) لان العدو اصبح السفياني بعينه والحاكم مهما يكن فهو شيعيا ويؤمن بولاية الامام عليه عليه السلام .
ويتناسى السيستاني ان السفياني في نظر الشيعة كل انسان قاتل وظالم ومنحرف في حكمه وعقيدته يمثل اوضح مصداق للسفياني وان الحكومة العراقية برجالها ومن ايدها ودعمها في حكمها يمثل اصل الانحراف عن جادة الشريعة والانسانية جمعاء .
فمادام السفياني الموجود في الروايات مبغوضا لانه قاتل وسارق ومنحرف اذن لا فرق بين السفياني والحكومة العراقية القاتلة السارقة المنحرفة بل لانها تتوفر فيها هكذا مواصفات اصبحت هي السفياني بعينه .
هذا ما اعتقده وما سيكون {وَٱنتَظِرُوٓا۟ إِنَّا مُنتَظِرُونَ} .
التعليقات (0)