بين مشهد مبارك يدخل قاعة المحكمة على سرير نقال وبين مشهد جثة القذافي المنكل بها ..افضل مشهد الرئيس المصري السابق ينتظر حكم العدالة وسلطة القانون لا مشهد لجريمة ثأر لشعب ثائر ..
ابشع ما في مبارك والقذافي انهما معا جاءا الى السطلة بنفس ثوري انقلابي رافض للدكتاتوريات الملكية وتوريث السلطات لكنهما معا وقعا فريسة السلطة فنسيا ما ثارا من اجله واصبحا رمزا للدكتاتورية والتوريث..
هي هكذا تبدا ثورة فتصبح دكتاتورية تعلق المشانق وتقضي على من يخالفها ثم تبدا بسرقة خيرات الامة من جديد حتى التخمة لتاتي ثورة جديدة تعلق مشانق الثورة القديمة وتجلس على الكرسي مكانها وتعيد التاريخ نفسه من جديد..
لم يقلقني رحيل بن علي من تونس ولم يؤرقني تنحي مبارك في مصر لكن نهاية القذافي في ليبيا ارعبتني ...يرعبني مفهوم الثأر وعدم اللجؤ للقضاء والايمان بالقانون ويخيفني ان تنسى الثورة اسباب ثورتها فتقع فريسة نشوة الانتصار .
امس لم اتجرأ على القاء حتى نظرة عابرة على صورة جثة القذافي الاولى التي وصلت الى وكالة الصحافة الفرنسية ..لا اريد ان ادقق اذا كانت الصورة مركبة او حقيقية .لا يفرحني مشهد قتله ولا يشفي غليلي التكيل بجثته ..على الثورة ان تكون ارقى وعلى الثوار ان يحموا ثورتهم
فلا يطلقوا لغرائزهم العنان لتسيطر عليهم ..
لم اتابع نشرات الاخبار لا اريد ان تلمح عيني صور مؤذية للقذافي ..حرمت نفسي من مشاركة الشعب الليبي لانتصاره فلم افرح لفرحه ..خفت على ليبيا ..في عيون شبابها المقهور لهفة للثأر قد تقضي على الرغبة في العدالة ..
خفت على الربيع العربي من خريف قد يسقط اوراق الشجر الخضراء فيه ويترك اغصانا يابسة قاسية قابلة للكسر بسهولة..
لو اعتقله من اطلق عليه النار..لو ساقه للمحكمة ..لو دخل القذافي قاعة المحكمة خائر القوى يحيطه به اولاده ..يؤكد كل منهم حضوره بصوت يكاد يخرج من فمه ويخفي كل منهم وجهه بيديه حتى لا ترى عيناه واقعه ولا يصدق موقعه الجديد..وامام منصة القضاة يتهافت مئات المحامين ليدعوا علي افراد العائلة فردا فردا وخارج القاعة يهدج صوت الثوار مطالبين بتطبيق العدالة والقانون على الدكتاتور الكبيرو اولاده ..
مشهد كدت سأتابع تفاصيله على شاشة التلفزيون واشارك الليبيين انتصارهم وارقص لفوزهم وابحلق في صور القذافي المكسور من دون ان يهز لي جفن...ومن دون ان اخاف من شتاء عربي عاصف بالدم
التعليقات (0)