ربيع البشـير القادم.
مصعب المشرف
26 مارس 2018م
قبل إقلاع طائرته إلى القاهرة سجل الرئيس البشير زيارة (أُعلِنَ عنها) ودية للدكتور علي الحاج (زعيم المؤتمر الشعبي) في منزلة .
إستقبال البشير في القاهرة كان حميميا وغير مسبوق على غير العادة . وقد حرص السيسي قبيل إنطلاق الإنتخابات الرئاسية ؛ على تقديمه أمام شعبه المصري حليفاً ومؤازراً له ، من خلال فعالية إجتماعية مصرية عامة تسمى الأسرة السعيدة.
بعد عودته من القاهرة . فقد رشحت أنباء عن ترتيب سفر قادم للبشير إلى المملكة السعودية.
أعلنت الخرطوم عن قبول الرئيس بوتين الدعوة لزيارة السودان.
عادت تركيا لتظهر في الساحة من جديد بعد أن كانت قد إختفت بذريعة الحرب على الإرهاب الكردي . وأعلنت أنقرة عن عزمها المؤكد في المساهمة بتشييد مطار الخرطوم الدولي الجديد.
أعلنت دولة قطر عزمها إعادة تأهيل ميناء سواكن على نفقتها الخاصة بكلفة تصل إلى أربع مليارات دولار . وأن الميناء الجديد سيستقبل السفن المغادرة والقادمة من وإلى دولة قطـر.
تسري شائعات خلال هذه الأيام عن إحتمال عزل المؤتمر الشعبي لأمينه العام (د.علي الحاج) من منصبه.
سرّبت بعض قيادات المؤتمر الشعبي أفكاراً علنية بضرورة إنضواء حزبهم ضمن توليفة (نداء السودان) المعارضة بقيادة الصادق المهدي. بمبرر التوطئة لممارسة المؤتمر الشعبي معارضة فاعلة.
عند خلط وإعادة ترتيب كل هذه الأوراق من جديد . فإنها ستشير بوضوح إلى أن الرئيس عمر البشير قد وطن نفسه على تكريس إستراتبيجية الصدر المفتوح والأيدي الممدودة لكل المتناقضات . واللعب بذكاء على حبالها.
زيارة البشير لدكتور علي الحاج أصاب بها عصفورين بحجر . .... فهو قد أبلغ الحاج بأن لا مناص الآن سوى حل المؤتمر الشعبي والإنضواء تحت راية المؤتمر الوطني ؛ حتى يتفادى الشعبي رياح عاصفة قادمة بقوة تستهدف إجتثاث الإخوان المسلمين . والقضاء على أفكارهم الإرهابية وممارساتهم الإقصائية في العديد من دول التحالف العربي المؤثرة بتحالفاتها الإستراتيجية مع الغرب والولايات المتحدة ... ثم قدراتها المالية التي يسيل لها لعاب المؤمن قبل الكافـر.
زيارة اليشير لعلي الحاج قبيل مغادرته للقاهرة . قصد بها البشير أيصاً أن يحمل معه أولً ما يقنع به السيسي أنه لا يعاني ضعفاً أو تهديدا داخليا جاداً ... وثانياً ما يطمئن به الرئيس المصري السيسي بأن النسخة السودانية من جماعة الإخوان المسلمين لا تزال في الجيب وتحت السيطرة . وأنها لا ترفض الحوار معه والإنصات إليه . وبالتالي فإن مسألة إيواء أو طرد كوادر جماعة الإخوان المصريين من السودان هي فقط المساحة الممكنة ، والأجدى بالطرح والأخذ والرد دون غيرها من مطالب السيسي بإجتثاث النسخة السودانية من هذه الجماعة.
بذلكيبقيالبشيرفييدهبعضالكروتالتييمكنهاللعببهافيطاولةالتحالف. وهوعلىثقةبأنالإقتناعالمصريبوجهةنظرهكفيلبإقناعوتطمينالدولالعربيةالأخرى..... ولانشكبعدالتجاربالمتعددةوالمواقفالمتكررةمنذمشاركةمصرالسياسيةوالعسكريةفيتحريرالكويتمروراً بالموقف الثابتتجاهإيرانوحتىإحتلالهالمثلثحلايب.... لانشكمطلقاًفيأنمصر كانتوستظلواسطةالعقد فيالعلاقةبينالسودانوبلدانشبهجزيرةالعرب..... شئنانحـنأوأبينا... وعلينابالتاليرسمسياستناومداخلعلاقتنامعهذهالبلدانالعربيةخاصة.
ولكن .. ومن جهة أخرى فلا أدري هل يدرك البشير والخارجية والإستخبارات السودانية (اليوم) مدى حاجة مصر للسودان أم لا ؟
ربما يجب أن نشير هنا إلى أن حاجة "الشعب" المصري قبل أنظمته السياسية إلى الإطمئنان على موقف السودان منه يظل أمراً في غاية الأهمية والحساسية لهم .... والأسباب هنا تختلط فيها الجوانب النفسية بالمعيشية والإعتياد والتجربة الإنسانية عبر العصور ومنذ فجر التاريخ البشري بالإضافة إلى أسباب أخرى كأنها ثقوب مظلمة تظل غير مستدركة ولا مفهومة ....
كما لا نقلل من فطنة المجتمع المصري العميق وخبراته المتراكمة ؛ بما يجعله يدرك واقع أن الله عز وجل قد قال: (وجعلنا من الماء كل شيء حي ) .... ولم يقل وجعلنا من النفط كل شيءٍ حي ..
لأجل ذلك كان وصول الرئيس البشير إلى القاهرة في هذا التوقيت بالذات وفرحة السيسي به ، وإصطحابه للمشاركة به في فعاليات يوم الأسرة السعيدة . إنما يأتي بمثابة أكثر من ليلة سياسية ودعاية إنتخابية للسيسي ودعوة للمشاركة الشعبية الكثيفة في هذه الإنتخابات رغم أن نتيجتها محسومة سلفا.
المشهد البانورامي الذي يسيطر على المنطقة الآن هو أن عمر البشير ليس بحاجة إلى فضح وتعرية أفكار الإخوان المسلمين الخديجة المفلسة بحكم تجربة الشعب السوداني معها وضجره منها وقناعته بفشلها ؛ بقدر ما أنه بحاجة ماسة الى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب والعبور بالإقتصاد إلى مرحلة مستقرة ...... وأن مصر بحاجة مصيرية الى القضاء على الارهاب وتحقيق الأمن والأمان داخل أراضيها ... وأن ربيع اصلاحات السعودية متوقف نجاحه على الوقوف بحزم في وجه الإخوان المسلمين.
والمتوقع إذن أن تتكاتف الدول الثلاث في المرحلة القادمة على مساعدة بعضها بشفافية ومثالية البنيان المرصوص ؛ كي تحقق كل واحدة منها النجاح في خططها لنفسها.
ختاماً ؛ وبوجه عام . فقد أفلحت زيارة البشير إلى القاهرة في كافة جوانبها فهي :
وعمر البشير في كل هذه التحركات يجد حتماً الرضا والدعم من المواطن السوداني العادي عامـة ..... وعدم الإعتراض الضمني من أصحاب الأجندة الحزبية خاصة.
التعليقات (0)