أوقفت شابة في الثلاثينيات من عمرها أمس، ربحي العاروري شقيق الشهيد مشهور العاروري، تسأله عن موكب الشهيد الذي مر قبل لحظات في شوارع رام الله باتجاه مجمع فلسطين الطبي، فرد ربحي: إنها جنازة شقيقي الذي استشهد قبل 36 عاما خلال اشتباك مسلح في الاغوار.
سألته الشابة، بشيء من الاهتمام الواضح على وجهها "وأين كانت الجثة طوال هذه المدة ؟؟". رد عليها "كانت إسرائيل تحتجزها في مقابر الأرقام واليوم تمت إعادته".
بكت الشابة، وقالت للعاروري: "مبروك وان شاء الله عقبال عند والدي".
دفعت جملة الفتاة إلى سؤاله: ومن هو والدك؟؟.
وتبين أن الفتاة فايزة جابر، هي ابنة الشهيد الحاج فايز جابر الذي استشهد في العام 1976، في عملية عنتيبي في أوغندا، حينما خطفت مجموعة تابعة للجبهة الشعبية طائرة فرنسية واقتادتها إلى أوغندا، ومن ثم توجهت وحدة كوماندو إسرائيلية من تل أبيب إلى أوغندا، وقتلت كافة أفراد المجموعة وعددا من رهائن الطائرة.
وما زالت جثث أفراد الخلية مدفونة في أوغندا.
وشاءت الأقدار ان تمر الفتاة أمس، من الشارع ذاته الذي كانت تمر منه جنازة الشهيد العاروري، وقالت فايزة: "كنت أمر بالصدفة وشاهدت الجنازة، ولم اكن اعلم مسبقا بأن هناك شهيدا سقط حديثا، وهو ما دفعني للسؤال عن هذا الشهيد، ليتبين انه عانى مثلما يعاني والدي بعد موته".
وتحول اعتصام دعت إليه قوى وفصائل فلسطينية ومستقلون أمس، للتظاهر ضد التوجه الى المفاوضات المباشرة، إلى جنازة رمزية لرفات الشهيد العاروري، الذي وصل رفاته دوار المنارة في الوقت الذي كان فيه الاعتصام قائما.
ولم يحظ الاعتصام بحشد جماهيري كبير مثلما تمنى القائمون عليه، بل تحول إلى منصة إعلامية أو مناسبة تحدث فيها السياسيون وممثلو الفصائل إلى وسائل الإعلام التي قارب عدد ممثليها عدد الحضور.
ورغم قلة عدد الحضور في الاعتصام، إلا أن البعض حاول إطلاق شعارات ضد المفاوضات، ومنها "قل لميتشيل بوضوح عالمفاوضات ما بنا نروح".
وقال ممثل أحد الفصائل ان عدم وجود الحشد المطلوب قد يعود لأن الناس لم تعد تؤمن بالسياسيين، ويبحثون عن أفعال وليس أحاديث إعلامية فقط.
وتواجد في الاعتصام ممثلون عن غالبية الفصائل الفلسطينية الرئيسية، ومنها فتح، الجبهة الشعبية، الديمقراطية، حزب الشعب، المبادرة الوطنية، ورفعت عشرات الرايات للجبهة الشعبية وحزب الشعب والمبادرة الوطنية، في حين رفع علمان اثنان فقط لفلسطين.
وفي غمرة انشغال من تواجد من الحضور في الحديث للكاميرات أو الأحاديث الجانبية، انطلقت أبواق مركبات قادمة من جهة المقاطعة، حيث تبين ان هذه المركبات هي لموكب الشهيد العاروري.
وأعلن أمام المعتصمين ان هذا الرفات هو رفات الشهيد العاروري الذي استشهد قبل ستة وثلاثين عاما، وطلب من المعتصمين المشاركة في الجنازة الرمزية للشهيد باتجاه المجمع الطبي.
وقال ماجد العاروي وهو شقيق مشهور العاروري لوكالة فرانس برس ان "الاسرة تقدمت الى المحكمة الاسرائيلية قبل حوالي عام بطلب الافراج عن الجثة وحصلنا على قرار بعد ستة شهور بالزام الجيش الاسرائيلي تسليمنا الجثة".
واضاف: "ننتظر تنفيذ القرار منذ ستة اشهر"، موضحا ان الرفات "خضع لتحليل الحامض النووي للتأكد من هويته، خاصة وان الجثة تحللت منذ ذلك الحين".
التعليقات (0)