لن نجد أحداً ـ حسن النيه ـ فى مصر يرفض أن يأتى رئيساً توافقياً ترضى عنه جموع الشعب المصرى ، ولكن السؤال الأهم هو هل الشعب المصرى كتلة واحدة لكى يرتضى رئيساً توافقياً ؟! .
والواضح أمامنا أن من يسعى لتفعيل هذا الطرح ـ المستحيل تحققه على أرض الواقع ـ هى فقط جماعة الإخوان المسلمين وبرغم أن هذه الدعوة وجيهه ومُريحة للجماعه لكى تتفادى مخاطر الإلتزام الذى ألزمت نفسها به من ضمن ما ألزمت ـ دون أن يطلب منها أحد ذلك علناً ـ بألا تُرشح أحداً من أعضاءها لمنصب الرئاسة ، إلا أن هذا الطرح يعيدنا للنظام الأقدم وهو الإستفتاء على الرئيس بنعم أو لا ، فالجماعة تروج لمبدأ التوافق فيما يُفيدها وتحارب ذلك التوافق فيما تراه يمثل ضرراً لها والأمثلة على ذلك كثيرة .
وكان الأفضل والأسهل أن تقوم الجماعة بترشيح أحد كوادرها ولن يكون هذا أول نقوص لها فيما ألتزمت به ، فهى قالت قبل إنتخابات مجلس الشعب قبل الثورة أنها تريد "المشاركة وليس المغالبة" ودخلت الإنتخابات المُزوره بعدد بسيط من المرشحين تنفيذاً لإلتزامها رغم أن كافة القوى السياسية طالبتها بعدم دخول تلك الإنتخابات حتى لا تعطى شرعية للنظام البائد ، إلا أنها رفضت ذلك وشاركت فى المهزلة والتى إنسحبت منها بعد ذلك ، وبعد الثورة كررت الجماعة نفس مقولتها ومع هذا زاحمت على كل مقاعد البرلمان .
وإذا كانت جماعة الأخوان تعتقد أنها تمُن على كل مهتم بالشأن المصرى بأنها لن ترشح منها أحداً للرئاسة ، فهذه فى الحقيقة لا تُعد مِنه ولا تفضُّل منها فهى تعلم أنها سوف تنكشف ويتم تحجيمها ـ معرفة حجمها الحقيقى ـ لو ترشح منها شخص للرئاسة ، لذلك هى ليست من السذاجة لتفعل ذلك الآن ، ولكنه هروب من الشىء الوحيد الذى سيكشف حجم الجماعة الحقيقى فى الشارع المصرى ، ولكن الجماعة أصابها الغرور ـ ولها كل الحق ـ بعد إنتخابات مجلس الشعب والتى حصدت فيها أغلبية كبيرة ، وكان على جماعة الإخوان أن تعلم أن الأصوات التى حصلت عليها فى إنتخابات الشعب ليست دليلاً على حجم وجودها فى الشارع ، فقديماً كان الشعب يُُعطى صوته للإخوان عِنداً فى الحزب الوطنى المنحل ، فليس غريباً أن يحصل الأخوان على أغلبية مقاعد البرلمان ولكن الغريب أن تفرض الجماعة على الشعب كله ـ وليس على أعضاءها فقط ـ مرشح توافقى ليلبس جلبابها .. مُموَّه اللون .
فلم يكن تدنى نسبة حضور الناخبين فى إنتخابات مجلس الشورى والتى لم تتعدى 15 % من عدد الناخبين الأصليين كاشفاً عن عدم رضاء الناس على ذلك المجلس فقط ولكن الأهم هو أن تلك الإنتخابات كانت وحدها الكاشفه عن أقصى نسبة لوجود الجماعات الدينية والأحزاب السياسية على أرض الواقع بالإضافة لأصحاب المصلحة من تلك الإنتخابات كأهالى القرى أو المناطق التى يخصهم بها أحد المرشحين .
فالجماعة تُريد أن يأتى رئيس من تحت عباءتها ـ ولو كانت ضيقه ـ وينال رضا المجلس العسكرى ، بمعنى أن من يوّقِع على مرسوم تسلمه المنصب كلُ من المرشد والمشير ثم يبصم الشعب ـ الغير مؤهل
للديمقراطية ـ على ذلك الإختيار ، قديماً قال د. مصطفى الفقى" للأسف رئيس مصر القادم يحتاج لموافقة أمريكا وعدم ممانعة إسرائيل" وبدون أسف نؤكد أنه سيكون واهماً بعد ثورة يناير من يعتقد أن تلك المقولة ستتحول إلى "رئيس مصر القادم يجب أن يوافق عليه المجلس العسكرى وألا يلقى معارضة الإخوان المسلمين" أو العكس .
التعليقات (0)