مواضيع اليوم

رؤية لاإقليديـة !

عبدالسلام كرزيكة

2010-05-02 06:39:00

0

الحاضر هو إمتداد طبيعي ومنطقي للماضي ، وجُلُّ ما يتحقق اليوم من إنجازات هي وليدة فكر ومنهاج ماضي ، لأن الماضي هو مبعث الحاضر والمستقبل ، وهو مصدر التعاسة أو السعادة ، ووفقه تتحدد الإختيارات الكفيلة بلعب أدوار مهمة من حيوات البشر ، ودرجاتهم ، وتسلسلهم وفق الأعراف ، والتوجهات الفكرية والأخلاقية والعقائدية ، وأيضا وفق المكاسب المادية والمراكز الإجتماعية ..

ولو أدرك البشر أهمية الفروق الفردية والجماعية بينهم لعاشوا في سلام ، ولاستمرت الحياة في سلاسة .. لكنهم ينصاعون للتقليد عن إدراك وعن لاوعي ، ماخلف نوعا من الفوضى التي يشهدها العالم ..

فالعلم الحديث أثبت هذا الإختلاف (المعجز) بين البشر في البصمات الشخصية ، وفي الطاقات ، والإمكانات ، والملكات ، ما يجعل تراتبهم - وفق أبجديات معقدة - أمرا مُحتما ، وهو ما يقوض محاولات البعض منهم في التطاول على غيرهم بمسميات أقبح من ذنوبهم - المحتملة - كمسمى الحرية رغم أنها في الحقيقة تقليد !..

يوم خلق الله الإنسان أنزله منزلته ، وأشهده عليها بمجرد أن فتح عينيه بأن أمر ملائكته المقربين بالسجود له ، لاليتأله ، ويتجبر ، ويتكبر ، بل لأن يكون (التواضع) أول درس لهذا المخلوق من [طين] ، والذي سجدت له ملائكة من [نور] ..

سجود الملائكة ليس من أجل التقليد بل من أجل الإقتداء .. أن يقتدي الإنسان بطاعتهم في السجود للمخلوق (بأمرٍ) من الملك الخالق .. الخالق نفسه الذي (أمر) الإنسان بعدم السجود لغيره ، أوطاعة غيره ، أوعبادة غيره .. الخالق الذي نهى الإنسان عن تقليد الملائكة في سجودهم للمخلوق ، ليس لأن الملائكة عصوا أو أخطؤوا ، بل لأن أمره لهم يومها كان إستثنائيا وفريدا !..

الله وبكل ما وصف به نفسه من صفات كاملة ومثالية ، لم يدعو خلقه إلى تقليده ، لأنهم يسيؤون التقليد ويخربون بيوتهم بأيديهم .. فلو قلد الإنسان صفة (الكبر مثلا) لاغتر ، ولتعالى على غيره ، ولو قلد صفة (العظمة) لتأله ، ولبطش وظلم .. فهل يرى الإنسان مجالا لتقليد ربه الذي (لاتأخذه سنة ولانوم) ؟!..

فلو عرف كل إنسان مميزاته ، وإمكاناته ، لعرف مكامن قوته ،ولتواضع لخالقه ومصوره ، ولشعر بالرضى عن نفسه ، ولأطلق العنان لعقله ليعرف مقدار الحرية الممنوحة له وفق حيز خاص به ، هو أكبر من أن يتجاوزه إلى حيز الآخر .. وذلك التجاوز هو إثبات ضمني على التقليد لا على الحرية.

ــــــــــــــــ

تاج الديــن : 05 - 2010

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات