مقدمة :
لكي لا يتهمنا احد جزافا بأننا نحاول النيل من اطروحات القوميين " الفرس " فان ما هو وارد هنا ليس من بنات افكارنا وانما هو عبارة عن ترجمة مجتزة من بحث طويل للكاتب الايراني الاستاذ احمد حسن مبلغ يتناول من خلاله موضوع معاداة العرب في الخطاب القومي الايراني " الفارسي " وذلك منذ بداية منتصف القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا و الذي نشرعلى المواقع التي تستخدم اللغة الفارسية تحت عنوان " نظری به گفتار ناسیونالیسم در ایران " اي " رؤية في الخطاب القومي الايراني" .
ان ظاهرة معاداة العرب في الادب الايراني العنصري طرحت بشكل جلي وواضح منذ منتصف القرن التاسع عشر على يد شخص يدعى " آخوند زادة " الا انها انتشرت و استفحلت من بعده على يد انصاره وذلك أثر ظهور الافكار التي تنادي بافضلية العرق الآري والتي اتخذت فيما بعد طابعا رسميا في ايران وذلك بعد فشل ثورة الدستور و ظهور رضا شاه البهلوي على المسرح السياسي اوائل القرن العشرين وتشكيل ما يعرف " الدولة – الامة "، في ايران والتي هي دولة ديكتاتورية يسندها العسكر وامة " آرية " عنصرية بامتياز تتكون هويتها من ثلاث عناوين رئيسة وهي كالتالي :
1- التاريخ الايراني القديم وهوتاريخ من صنع مخيلة المستشرقين الغربيين ومن سار في فلكهم من المثقفين القوميين الفرس بعد ان تم الغاء تسمية " البلدان الايرانية المتصالحة " .
2- اللغة الفارسية ، والذي خصوا بها الفرس دون سواهم في حين هي لغة يتكلم بها غير الايرانيين مثل بعض الهنود و الطاجيك و الافغان " الهزارة " والتي تسمى قبل اطلاق اسم الفارسي عليها اللغة "الدرية " وفرضوها على جميع الشعوب الايرانية .
3- الفكر الشيعي " الصفوي " وهو عبارة عن اسلام " مزردش " كما يقول عنه بعض الباحثين وفيما يلي مختصر لترجمة ما جاء في الجزء الاول من هذا البحث .
اذا قرأنا الخطاب القومي الفارسي الايراني منذ نشأته ومن ثم تبنيه رسميا من قبل الانظمة المتعاقبة على دفة الحكم في ايران نراه يتصف بخاصتين اساسيتين كونه صديق للعنصرية و لا يجد نفسه خارجا عن اطارها .
ان معادة الاسلام و العرب ( الاسلام "كثقافة " و العرب كعرق " سامي " ) مقابل الفرس ( كعرق آري " ) وكذلك الحديث عن الاثنين فيما يتعلق بالموضوع المراد بحثه نجد اصدائه في خطاب احادي الجانب (الاسلام = العرب ) و تتموضع تعبيراته في مواقف معادية للعرب تحديدا ، الامر الذي يحملنا على القول ان ظاهرة العنصرية في الخطاب القومي الفارسي تكمن اولا واخيرا في معادة العرب دون غيرهم فمعادة الاسلام لوحده لا يمكن ان تكون ظاهرة عنصرية .
وقد نشأ الخطاب القومي عموما اثر المواجهة المباشرة و غير المتكافئة التي حصلت بين الشرق والغرب اوائل القرن التاسع عشر ، حيث ادرك المسلمون بداية في تركيا العثمانية ومن ثم البلدان العربية وخاصة مصر وسورية عجزهم و تخلفهم المخيف وقد طرحوا على انفسهم سؤلا على قدر كبير من الاهمية لايزال حتى اليوم مشغولين وحائرين بالاجابة عليه وهو "لماذا الغرب تقدم في حين بقي الشرق متخلفا ؟" . (1)
وفي لجة هذه الأحداث اكتشف المثقفون الحداثويون القوميون الفرس أن تخلف بلادهم يكمن في وجود الدين الاسلامي ولم يكتفوا بذلك وحسب بل رأوا انهم لا يمكن لهم تحقيق اهدافهم في بناء ايران الحديثة الا بالعودة الى ماضي ايران القديم ، اي ايران ما قبل الاسلام وهذا بحد ذاته خداع خلقوه لانفسهم حيث اعتبروا ان هجوم " العرب الحفاة و الجياع " ( كما يقول اخوند زاده ) و حسب قول( أرامش دوستدار انهم " الشعب الوحيد من بين الشعوب السامية الذي لا ثقافة له) " هو السبب الرئيس الكامن وراء تخلفهم عن ركب الحضارة الغربية وسرعان ما اصبحت هذه النظرة و بسرعة تغلف بالكامل خطابات المثقفين القوميين الحداثويين العنصريين الفرس .
كاتوزيان ينتقد .
وينتقد الباحث الايراني محمد علي كاتوزيان استمرارية هذه " الظاهرة المخترعة " قائلا :
"اذا اردنا البحث في الجذور الموضوعية لظاهرة نشوء فكرة القومية و الحداثة في المجتمع والادب الايراني الفارسي يمكن القول أن هذه الفكرة نشأت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر .... ويعد فتح علي آخوند و الذي عرف فيما بعد بأسم آخوند زاده ) هو اكبر رائد للقوميين الحداثويين الفرس ، حيث يعتبر هذا الرجل في تلك المرحلة بنظر العديد من انصاره رجلا تقدميا ، ولكن أي من المثفقين القوميين في ايران لم يكلفوا أنفسهم عناء البحث حول معرفة الاسباب الحقيقية التي جعلت اوروبا تتقدم في المجالين الاجتماعي و الثقافي وبنوا نظريتهم على الفكرة القائلة بمحو الثقافة و الحضارة الاسلامية العربية التي سادت ايران بعد الاسلام ، هذه الفكرة التي لاتزال وحتى يومنا هذا يعتقد بها الكثير من الحداثويين الايرانيين" العنصريين الفرس" وهي رائجة بين اوساط العديد من مثقفيهم ، حيث يرون ان التخلف التاريخي الطويل الذي لحق بايران في مقابل التقدم لدى الاوروبيين انما مرده يرجع بالاساس الى " الهجوم العربي و النفوذ الاسلامي في ايران " . (2) .
وفي الواقع كان اخوند زاده( 1812 -1878 ) والذي عاش في منتصف القرن التاسع عشر هو اول من وضع اللبنة الاولى لهذا النوع من التفكير القومي العنصري الفارسي و الذي هو باختصار يكمن في معادة العرب و الاسلام (معادة الاسلام = معادة العرب) وقد نجح في ادخال مثل هذه الافكار اليمينية المتطرفة في الخطاب الثقافي الفارسي المعادي للعرب والاسلام معا . (3 )
لقد كتب آخوندزاده قبل ما يقارب من القرن والنصف قائلا :
"وا اسفاه عليك يا ايران ، اين عظمتك ، ان سطوتك ، اين سعادتك ـ لقد جوعك العرب الحفاة والجياع ولمدة 1280 سنة ، خربوا ارضك و جعلوا اهلك يجهلون التطورات الكبرى التي حدثت في العالم ومحرومون من نعمة الحرية وملكهم رجل جاهل .... " ( 4)
كما كتب وبعد قرن من وفاته احد تلامذة هذا المفكر العنصري وهو آرامش دوستدار مايلي :
" ... تلك الثقافة التي بدأت مع زرداشت و ذلك باسم أهورا مزدا ومن ثم تبلورت ونمت على يد نبي ك "ماني " وخاصة الثورة الدينية و الاجتماعية التي قام بها مزدك كيف ينتهي امرها منحدرة الى هاوية السقوط على يد رسول ينتمي الى شعب هو الوحيد من بين الشعوب السامية الذي لا ثقافة له وذلك عبر شعار لا اله الا الله ." (5)
"...هذا الاسلام الذي لا يحتوي حتى على اي رائحة للابداع و الذي تنسجم اطروحاته مع ظروف الحياة التي انبثق عنها و ضمن اطار حدوده المقرونة بالبداوة و العوز يخرج من طبيعته الفاقد لاي مظهر ثقافي " . (6 ) ".
نظرة الى المصطلحات التي يستخدمها كل من آخوند زاده وآرامش دوستدار :
الف آخوند زاده :
- ايران قبل الاسلام = ( العظمة ، القوة ، السعادة التطور ) بينما العرب = ( حفاة جياع )
- ايران بعد الاسلام = ( الفقر ، الدمار ، الجهل ، المذلة و التخلف عن ركب التطور . بينما العرب = ( حفاة جياع )
ب : آرامش دوستدار .
- ايران قبل الاسلام ( = ( لديها ثقافة و نبي اسمه اهور مزدا وانبياء اخرين مثل ماني ومزدك ... بينما العرب = ( الشعب السامي الوحيد الذي لا ثقافة له ، انهم بدو ينشدون السلطة وبسسب صعوبة الحياة و الطبيعة الصحراوية يفتقدون لاي مظهر ثقافي )
- ايران قبل الاسلام = ( لها ثقافة بدأت مع زرداشت و ذلك باسم أهورا مزدا ومن ثم تبلورت ونمت على يد نبي ك "ماني " . بينما العرب (=... الشعب السامي الوحيد من بين الشعوب السامية الذي لاثقافة له شعب صحراوي يعيش الضيق وطبيعة خالية من الثقافة )
ايران بعد الاسلام = ( الانحدار الى هاوية السقوط ويصبح مصير شعب مثقف تحت سيطرة رسول وذلك عبر شعار لا اله الا الله .. .
ومن خلال ما ورد نرى ان كل من آخوند زادة و آرامش دوستدار يتكلمون بلغة و احدة وما يميز الاثنين كون آخوند زاده لم يطلع على نظرية العرق الاري الذي اطلع عليها وتشربها ارامش دوستدار .
انتهي الجزء الاول من هذه الدراسة ويليه الجزء الثاني منها وهو تحت عنوان الفكر القومي الفارسي " الايراني" بعد الحرب العالمية الاولى حيث نعد الاخوة القراء العرب بترجمته اذا ما سنحت لنا الفرصة .
مصدر المقالة : من بحث مطول للاستاذ احمد حسين مبلغ للاطلاع راجع الروابط التالي :
http://www.topiranian.com/maghalat/archives/003958.htm
http://www.naqd-wa-jaameah.org
المصادر بالفارسية "
1. دکتر کاظم علمداری با کتاب "چرا ایران عقب ماند و غرب پیش رفت؟" (چاپ اول 1379، چاپ ششم 1380) به دنبال پاسخ رفته است. شش بار چاپ کتاب در یک سال نشان می دهد که این پرسش تاچه حدی در مرکز توجهات در ایران قرار دارد.
2. کاتوزیان، محمد علی همایون: صادق هدایت. از افسانه تا واقعیت. مترجم فیروزه مهاجر. 1376 ش (چاپ دوم). ص 9
متن اصلی انگلیسی اثر:
Katouzian, Homa: Sadeq Hedayat. The life and literature of an Iranian writer.
London1991.
3. دوستدار، آرامش: در خششهای تیره. پاریس 1999(چاپ دوم)
4. آخوند زاده، میرزا فتحعلی: مکتوبات. تصحیح از م. صبحدم. (انتشارات مرد امروز) 1364.
(ص 20-21)
5. دوستدار، آرامش: درخشش های تیره. پاریس 1999، ص 244
6. آخوند زاده، میرزا فتحعلی: مکتوبات. تصحیح از م. صبحدم. (انتشارات مرد امروز) 1364.
التعليقات (0)