القسم الثالث
للكاتب الاستاذ احمد حسن مبلغ
ترجمة :جابر احمد
الخطاب القومي الأيراني بعد الحرب العالمية الثانية :
ان تحول القومية الرومانطيقية الى النقد الاجتماعي في الأدب الفارسي في الاربعينات مثل شبيهها في السياسة التي أدت الى التدخلات الخارجية ، ومن الطبيعي لو ان المتفقين " المانيا وحلفاؤها " قد احتلوا ايران بدل من المتحدين " امريكا وحلفاؤها في الحرب "دول المحور " لاستطاعت القومية الرومانطيقية في العقد التي سبقها ان تفرض سلطتها على الدولة والمجتمع ، ولاصبحت مطلقة العنان في تصرفاتها هذا اذا علمنا ان الغالبية العظمى من المثقفين الفرس كانوا قد انخرطوا كأعضاء في حزب التودة الايراني وهم متأثرين الى هذا الحد او ذاك بالافكار النازية حتى ان نوري الدين كيانوري الذي شغل فيما بعد منصب الامين العام للحزب الشيوعي الايراني " تودة " اثناء احتلال ايران من قبل الحلفاء " دول المحور " كان لايزال مؤيدا للأفكار النازية .
وهنا لابد من الاشارة ان الماركسية في النظرية شأنها شأن الاديان العالمية :الأسلام و المسيحية و اليهودية و البوذية و... تعارض مقولة العرق " اما في العمل فيما يخص بعض الامور تختلف : على سيبيل المثال في العمل فان النظام الماركسي في افغانستان بقيادة تركي وامين و النظام الاسلامي للمجاهدين وطالبان بزعامة مله عمر ) المقولة المركزية له هي الطبقة التي التي تحتوي البشر على اختلاف " اعراقهم " من هنا و خلافا لليمينيين فان العلاقة بين الناس لا يحددها هذا " العرق " او تلك الثقافة و انما الانتاج هو الذي يحدد العلاقة بين ابناء البشرية ، وهذا خلافا للقوى القومية " اليمينية " حيث ترى ان ا " العرق " او " الثقافة " هي مقولات أزلية خالدة وغير قابلة للتغيير وانطلاقا من ذلك فأن اللعلاقات بين " الاعراق " الافضل و الاسوء هي غير قابلة للتغير ، اما "الطبقات " فهي ليست ازلية وليست ابدية فقد ولدت في ظروف تاريخية خاصة و في ظروف اخرى فأنها محكومة بالزوال .
لقد تحدثنا في الحلقات السابقة ورئينا كيف ان الأيدولوجية ثؤثر في تغيير افكار الناس ولعل نموذجها التحول الذي طرأ على افكار كل من تقي أراني و نورالدين كيانوري ، اما احسان طبري والذي يعد من كبار مفكري حزب التودة هو من بين المفكرين القلائل الذين لم يـتأثروا بالافكار القومية العنصرية اليمينية ،من هنا فانه يقيًم " انتصار الاسلام في ايران" تقييما ايجابيا وتحدث " عن تحول كيفي هام في المجتمع الايراني من الناحية الاجتماعية والاسس المعنوية " ويرى ايضا " ان سيطرة العرب والدين الجديد ترك تأثيرات عميقة في المجتمع الايراني ( ... ) ان السيطرة المعنوية للاسلام اوجدت شرخا محسوسا بين الماضي و الحاضر " (3 ) ونادراً ما نشاهد فقدان معادة العرب والاسلام لدى الكثير من المفكرين العلمانيين غير الماركسين و يعد آرامش دوستدار والذي ورد ذكره في الحلقات السابقة من بين الكتاب العلمانيين غير الماركسين المعاصرين يعد آرامش دوستدار من اهم منظري معاداة العرب والاسلام ، اما النموذج الآخر هو علي امير فرطوسي الذي خلق من الحلاج قوميا ماديا عن أب وجد ومعاديا للأسلام (4) اما من كتاب الرعيل الأول فان صادق هدايت قد تخلص من التأثير النازي الا انه لم يتخلص من افكاره اليمينية المعادية للعرب وكذلك صديقه المقرب مجتبى مينوي الذي بقي اسير الافكار المعادية للعرب و الاتراك معا .
وكتب هدايت عام 1937 الى مينوي ( من بمبي الى لندن ) قائلا :
" أنك تتحدث كالآخرين يظهرون بأن قلبز و هيتلر " جينا " ابديا يجب على الجميع ان يتملقوا و يعتقدوا بذلك انا اقول يجب البصق على الاثنين " معا(5) .
اما مينوي فقد كتب عام 1949 حول ابن سينا قائلا :
" ... و ان ابو النصر الفارابي لا يشك بنسبه كونه ينتمي الى العرق التركي ، الا انه حضاريا لا ينتمي لا من قريب و لا من بعيد الى ذلك الزمان الذي لا يعرفون فيه الاتراك معنا للحضارة والمعرفة " .(6)
لقد تطرق الكاتب باسهاب الى الادباء العنصريين الفرس في تلك المرحلة الا اننا نكتفي بهذا القدر من الترجمة على امل مواصلة البحث في القسم الرايع و الذي يتحدث فيه الكاتب عن " القومية الحكومية في ايران "
ورد سهوا في مقدمة القسم الاول كون الكاتب ايرانيا الا انه في الحقيقة افغانيا اتقدم بالشكر لكل من لفت نظري الى ذلك .
الهوامش :
(1) كاتوزيان ، مصدر سابق ، ص ، 19
(2) طبری، احسان: برسیهایی در باره برخی از جهان بینی ها و جنبش های اجتماعی در ایران. کابل چاپ دوم 1361[چاپ اول 1348]، ص 24
(3) نفس المصدر السابق
(4) . فطروس، علی میر: حلاج. انتشارات کار. (چاپ اول: بی تاریخ و بیجا)
(5) . به نقل از کاتوزیان ص 11
(6) . مینوی، مجتبی: نقد ِ حال. چاپ سوم 1367 [چاپ اول 1351] ص 144
التعليقات (0)