رأي الداخل الإيراني حول البرنامج النووي

السنوات العشر الماضية التي تحوّل فيها الملف النووي الى الشغل الشاغل لملايين من الإيرانيين و للعالم بأسره ، لم يجرؤ الكثيرون في إيران على إبداء رأي معارض للمشروع النووي، فالجميع يجب أن يمتدح ويوافق هذا البرنامج الذي أنفقت السلطات الإيرانية مبالغ طائلة كان بالأحرى أن تستثمرها في التنمية والتعليم ومجالات حيوية أخرى يشعر المواطون بأمسّ الحاجة اليها. لكن هذه الأيام نسمع أصوات في الداخل تطرح قضايا تخالف فيها رأي النظام في المجال النووي على أقل تقدير

ففي ندوة نقاشية عقدت في جامعة طهران الإسبوع الحالي أبدى بعض السياسيين الإيرانيين الذين هم أساتذة جامعات و قادة إصلاحيين في نفس الوقت مسائل نقاشية وضعت علامات استفهام كثيرة حول الملف النووي كان أبرزها عدم الجدوى الإقتصادية التي يجنيها الملف للبلاد. فقد أكد أحمد شيرزاد وهو عضو إصلاحي سابق في البرلمان الإيراني أنّ إيران تفتقد لمصادر اليروانيوم وليست لديها تقنيات عالية كي تتمكّن من التنقيب على اليورانيوم في أعماق ثلاثمائة متر تحت الأرض والتي يكلّفها عشرة أضعاف السعر العالمي للمادة ، من هنا فإنّ التأكيد على مواصلة الملف النووي ليس بمصلحة البلاد إقتصادياً ولا سياسياً بسبب العقوبات المترتبة على هذا الملف

أما "صادق زيبا كلام" فهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران وهو سياسي إصلاحي بارز أبدى رأياً مختلفاً وهو أنّ البرنامج النووي قد كلّف البلاد ما يفوق تكلفة الحرب الإيرانية العراقية وقد أضرّ بالبلاد ما لم تضرّه تلك الحرب فمواصلة هذا الملف لا يخدم البلاد لا سياسياً و لا إقتصادياً. من جانبه فقد شدد "هرميداس باوند" وهو أستاذ الإقتصاد في جامعة طهران وهومن النخب الإصلاحية أنّ على روحاني معالجة الملف النووي بصورة سلمية

رغم الإنتقادات المكثّفة التي أبدتها التيارات المتطرفة ضد تصريحات المنتقدين وصلت الى حد تخوينهم، لكن طرح مثل هذه القضايا التي تعكس نبض الشارع الإيراني لم تكن تظهر لو لا الحرية النسبية التي منحتها حكومة روحاني المعتدلة. ففي إطار الإعتدال المعتمد من قبل روحاني وحكومته يمكن أن نتعرّف على رأي الداخل الإيراني ليس فقط بالنسبة للقضية النووية لكن يمكن أن يكون رأي الداخل مفصلياً حيال قضايا مصيرية متعددة خاصة علاقة إيران بالخارج ورغبة المواطنين الإيرانيين بناء علاقات جيدة بعيدة عن التدخل المعتمدة من قبل النظام مع جيرانهم العرب ومع بقية دول العالم خاصة العالم الغربي وأمريكا