رأيي فيك
ان الشخص الجريء القوي هو صاحب الرأي الذي يحمل رسالة الى مجتمعه و امته . الذي ينظر الى مستقبلها بعين مستكشفة و بقلب يرتجف خوفا عليها , الخوف المبرر المبني على اسباب و وقائع حقيقية لا متخيلة او متوهمة .. يشاركه في خوفه امله في الاصلاح و البناء و التغيير الفعلي لا الانتقاد من اجل تحطيم البنى الراسخة التي تمثل عطاءاتها للعالم . ان لكل امة من الامم على مر العصور يد طولى في اثراء الفكر الحضاري الانساني . لا ينكر هذا الا جاحد او حاقد او عدو , و لو كان من اولي القربى. الانتقاد
من حق كل امريء ان ينتقد و ينقد كل سلوك اجتماعي يخالف العرف الانساني و ادبياته .اختلاف القيم و المباديء و انماط السلوك بين المجتمعات , قضايا لها جذورها التاريخية و اسبابها الموضوعية , حتى و ان اختلفت مع المعايير العقلية . فعقلنة السلوك الجمعي , انما هي حصر للقيمة او المبدأ في اطار وحيد من الحكم . لان " كنه " الشيء لا يكون دائما في قياس معياري ثابت . فالكرم مثلا , هو الاثرة في بذل مال بلا مقابل , يسفه فاعله ان تجاوز حدودا " عقلية " لدى البعض .
لكنه من الخصال الاخلاقية الانسانية في التعاملات بين الافراد .تشنجات
ان من يسعى الى التغيير و هو مؤمن بفكرة مسبقة بتحد و تصلب في الرأي , في تقليد و تبعية , و واهما في انه هو على الصواب . فهو بهذا التعنت , غالبا ما يجانب الحقيقة في اندفاعه برعونة و تهكم و استهزاء . يختلف كثيرا عمن يأتي بافكار من معطيات يؤمن بها . برغم انني لا اتفق معه في اغلب ارائه , الا انه مثال في الصمود على الفكرة و الايمان بها . لانبثاقها منه و من غيرته و حماسته . فهو يناقش من منطلق يؤمن به , ثم يأتي بما يؤيد نظرته الى امر .. هنا مكمن الخلاف في بعض توجهاته . الاصل ان نبحث و نتقصى الحقائق و ندرك الغايات و الاهداف و الاساليب المتبعة , كما اي باحث علمي يتجرد عن كل انطباع سابق او مواقف شخصية .. فينطلق من مشاهداته و يضع الفروض و يبحث عن العلل و الاسباب ثم يستقريء النتائج بعد الترجيح و الموازنة . و هنا ايضا , لا يعني انه " الباحث " قد وصل الى الحقيقة الكلية او المطلقة .. و تغييب كافة ما استبعد من مظاهر و احداث . لان النظرية غالبا ما تتعرض للنقد و في الفشل عند التطبيق و لو الى حين . و هذا ما يعيبنا نحن العرب عموما حتى في طرفي المعادلة . اصولية جامدة او انفتاحية تائهة . و لا اقول عقلانية او عدم عقلانية .. لان عكس ذلك هو الجنون .. الذي يعني فقدان " العقل " .التجديد
ان دعاة تجديد الفكر الانساني على مر العصور من فلاسفة و انبياء و مفكرين و ادباء و مصلحين , كانت لهم دعوة هادفة , تحملوا لاجلها مشاق و صعاب من اجل ما هو اسمى و ارفع . غايتها مصلحة الاخر من رؤية مغايرة .. هذا هو الهدف من التجديد . تستمد من الواقع و تبنى عليه لا ان تهدمه و تحطمه ..لا انفصال و لا بتر كلي او جزئي لكل اعراف المجتمع و انماطه السلوكية , لان للقيم ثبات نسبي و دوام نسبي و بعضها راسخ لا يتجزأ و لا يتغير . كما الكذب و السرقة و القتل و كل الاعتداءات على الاخر قولية او فعلية او تشاركية . ان التجديد يتعلق بالسلوك الفردي لانه وحدة البناء الاساسية لكل وحدات المنظومة الاجتماعية , منه يكون التسلسل في التغيير .. ليسهم في قبول و معاضدة عمليات جماعية توجه السلوك العام .
التعليقات (0)