ذِكْر الشَيء يَجلُبه
أشتهي خطواتي الطفولية المصحوبة بضحكةٍ مجللةٍ من القلبِ ، تجذب انتباه من حولي فتزرع على شفاههم ابتسامة وترسل لأعينهم الحنان .
" عفريته " نادوني بها كثيراً ، خصوصاً خالاتي - اللاتي إلى الآن لا أجد تفسيرا لاختلاف ألوان أعينهن ، كنت أربط أسماءهن بألوان أعينهن - ، كنت أتخيل أن الوصف لطيف ظريف ، قبل أن أدرك أكثر ، وأعرف أن " العفريت " كيان مخيف ، لا وصف له .
من ثم اصطدمت بتعريفات مُحبطة جدا للعفريت ، في منهج التوحيد ، رددتها وحفظتها واستقرت في ركن من أركان عقلي المزدحم ،، [ أنواع الطواغيت ] ، عذبني الاستيعاب حينها ، ساعدني والدي ، وان لم يفلح في ازالة مخاوفي من الوصف القديم لشقاوتي ، فامتنعت عن الضحكة ، والقفز في حديقة الحي ،،
في طرقات المدرسة همسات طالبات خاليات الوفاض إلا من بعض سخافات ، يتناقلن اكتشافات مريبة كـ " القرين " و " الحمام المُغلق المسكون بروح طالبة قُتلت بداخله منذ سنوات " ، أرجع للبيت مهمومة بالفكرة ، لأعرف بعد عناء أن القرين لن يبتعد كثيرا عن كيان " العفريت " ،، ياربي ، إذن تلك الكراسي المتحركة الطائرة أحيانا في البيت المجاور لساحة المدرسة بجوار السور المهدوم ، لها علاقة بحكايات الطالبات .
... أمي أمي أعرف بيت العفاريت ،، تسقط المعكرونة على الأرض ، حزنت جدا ، ليس لصدمة أمي صاحبة القلب الضعيف ، بل لأني أحب المعكرونة!
أسقطها العفريت " بعفرتته " ، هكذا أقنعت نفسي ، عندما نهتني أمي عن ذكر اسمه مجددا .
ها أنا الآن ناضجة ، ألتقط الصباح وأنا محملة بكومات خيبة ، تستمر أيام ، تُغري الأسابيع . تَصرخ جارتنا الجاهلة " معمولها عمل " أستدرك التفاصيل وأكتشف أن في الأمر " عِفريت " ، لا أهتم بكونه من الانس أو الجن ، فقط ألعن طفولتي المحمومة " بالعفرته " .. وكأنها وصمة لن تزول .
أقسمت وأنا على قسمي شاهدة ، لن أعبث بأقدار أطفال في عُمر الزهور وأصف مرحهم الفطري ، بوصف بقسوةِ " العفريت " .
بالمناسبة : لا تخبروا أمي أنني رددت إسمه كثيراً هنا ، فمازالت تمنعني ... !
حفظكم الله .
أمل صلاح عيسى .
20 -12 -2008
التعليقات (0)