ذكورية متجذرة
الثقافة الذكورية ليست خيالاً أو وهماً يطرق الخيال بين الحين والأخر بل هي حقيقة تعيشها المجتمعات خاصةً المجتمعات المحتجزة داخل زنازين النقل و التبليد والتجهيل , الحديث أو الكتابة عن تلك الثقافة ليس مفاجئاً للبعض فهم على دراية تامة بوجودها كحقيقة ووجود الكائنات الشبه بشرية المؤمنة بتلك الثقافة , قد يغضب البعض عندما يقرأ عبارات تنتقد تلك الثقافة وقد يستشيط غضباً وتكاد تخرج عينيه عندما يسمع عن بشر لا يؤمنون بما يؤمن به , توجيه سهام النقد تجاه الثقافة الذكورية مهمة شاقة خاصةً في المجتمعات الغير واعية يدفع ثمنها الرامي من إيمانه وحريته واعتقاده ذلك الثمن الباهظ في تكاليفه يعد أمراً هيناً عند ذلك الرامي الشهم فهدفه الأسمى تصحيح حياة المجتمعات وإعادة الهدوء والسكينة والاحترام المتبادل والإنسانية إلى المجتمعات التي لم تعد تعلم أين تقف وإلى أين هي ذاهبة !.
الثقافة الذكورية الحيوانية الدرجة الأدنى من درجات التدين المشوه تسببت في تعقيد حياة المجتمعات وأفرزت ظواهر وسلوكيات لا حصر فالطبقية النوعية " الجنس " والتمييز العنصري " الجنسي " وقاعدة الزي والعفة ونظرية التفريخ والاستمتاع والتحرش وتبريره جمعيها سلوكيات لا تكاد تساوي شيئاً في مدار الإفرازات الغير سوية لتلك الثقافة المشوهة في كل شيء , الذكورية الحيوانية هي الفحولة الشهوانية بالقول أو بالفعل وليست العلاقة المشاعرية التبادلية بين أنثى وذكر وفق رضى واحترام وتقدير للحقوق والواجبات فهي علاقة امتلاكية قمعية سيادية لا تؤمن بقيمة إنسانية أو حق مشروع أو عدالة وحياة مشتركة .
هناك الكثير والكثير من الآراء الفقهية الداعمة لتلك الثقافة الغير إنسانية ولن يكون أولها " سقوط قيمة الكفن للمرأة عن زوجها إذا ماتت لانتفاء الاستمتاع بالوفاة " ولن يكون أخرها " عقد زواج هو عقد تملك " فالآراء الفقهية والتأويلات الداعمة لتلك الثقافة تفوق عدد الكواكب والنجوم وللأسف الشديد أنها تندرج تحت بند الفقه والمعاملات ؟
حرية التعبير والتفكير والتأويل حقٌ مقدس للشخص أياً كان تلك الحرية المقدسة لا يقبل أحدٌ أن تموت أو تٌسلب بالقوة من صاحبها حتى وإن بلغ الخلاف معه مبلغه لكن أليس ذلك الحق الإنساني المقدس التنويري الرفيع له ضوابط وشروط والتي من بينها البناء لا الهدم وتحقيق التعددية والتعايش وتعزيز القيم الإنسانية وحماية وصيانة الحقوق والحريات والبعد عن إلزام الناس وتهميش بقية الآراء والممارسات الصالحة النافعة للبشرية .
لن تزول الثقافة الذكورية بسهولة فجذورها ممتدة على مدى قرون طوال وهي الصورة الأدنى للتدين المشوه حتى وإن كان يحسبها معتنقها صحوة فهي في الحقيقة غفوة قاتلة , توجيه سهام النقد والبحث عن الأسباب ومواجهة الإفرازات القذرة الناجمة عن تلك الثقافة الغير إنسانية وإعمال العقل وشيوع التعددية التنويرية عوامل قد تعجل بزوال الثقافة الذكورية وطي صفحتها إلى الأبد وتلك مهمة التنويريين والمفكرين والإنسانيين والفقهاء الحقيقيين الذين لا يهملون المراجعة الفقهية والمنهجية العلمية الدقيقة المتوافقة مع العقل لا مع النقل ؟.
التعليقات (0)