مواضيع اليوم

ذكريات من زمن النكسه

مجدي المصري

2009-09-05 17:46:58

0



الحلقه الثالثه ...
كانت هذه هي الصوره العسكريه والتي كانت علي أرض الواقع أما الصوره المدنيه أو الداخليه وان كانت العسكريه سيئه جدا فالمدنيه كانت تفوقها سوءا فالجبهه الداخليه كما كان يطلق عليها كانت محطمه المعنويات تماما بعد الهزيمه وكان الناس يسيروا مطأطئ الرؤوس تحني ظهورهم وطأه الهزيمه المره وضياع سيناء الحبيبه ...
كان الناس يسيروا في الشوارع كالهائمين علي وجوههم وبدأت الأزمات تعتصر البلد في كل شيئ فالمواد التموينيه شحت بل ندرت تماما حتي أن مثلا زجاجه زيت الطعام ممكن أن تبحث عنها بأي سعر ولا تجدها لايام طوال .. حتي أصبحت السلع التموينيه توزع بالبطاقات وتم استحداث وزاره للتموين لتقوم بمهمه توفير السلع وضمان توزيعها علي الشعب .. كذلك مواد البناء اختفت من الأسواق وكذلك الاقمشه والحبوب .. بالاختصار اختفي كل شيئ من الأسواق تماما بالرغم من أن كل شيئ كان ينتج في مصانع حكوميه وكانت تدار بكامل طاقتها ...
وظهرت السوق السوداء في كل شيئ وأي شيئ وعم الفساد كل مناحي الحياه ...
في تلك الأثناء وجهت الدوله كل امكانياتها للمجهود الحربي لدعم الجيش واعاده بناءه وتوقفت تماما أي تنميه أو اصلاح للبنيه التحتيه فانهارت الطرق والخدمات بجميع أنواعها …
وسط كل الأجواء السابقه ظهرت بطولات وملاحم نادره سطرها الكثير من أبناءنا في حرب الاستنزاف في عمق سيناء وكذلك محاولات مصر المستميته لبناء حائط الصواريخ حتي نجحت في انشائه مما أرعب الطيران الاسرائيلي عندما انطلق أول صاروخ أرض جو ليحطم طائره اسرائيليه وتلوذ باقي الطائرات بالفرار وتتوقف عن الدخول الي أجواء مصرالتي بدأت في التحصن ...
كل هذا ولكن في نفس الوقت كان فيه العديد من ضعاف النفوس ينهبوا في هذا البلد والكثير منهم كونوا ثروات من مال حرام وبعد حرب التحرير عام 1973 والانفتاح ركبوا الموجه بهذا المال الحرام وأصبحوا نجوما لامعه في سماء الانفتاح بل وفي سماء مصر كلها بل وأصبح البعض منهم قيادات لهذا البلد …
وقد كانت الصوره كالتالي لبعض من صور الفساد ونهب البلد في زمن النكسه ...
يتم توزيع السلع التموينيه من سكر وشاي وسمن وأرز الي أخره في صوره مقررات تموينيه شهريه بحسب أفراد كل أسره بواسطه بطاقه تموينيه تصدرها وزاره التموين لكل أسره مع عدم التدقيق في بيانات "المهجرين" من أبناء محافظات القنال وبالتالي بسبب التعليمات بعدم التدقيق تم اصدار الاف البطاقات الوهميه لأسر وهميه من المهجرين تصرف مقرراتهم من البقال التمويني المعتمد لدي مكاتب التموين المختلفه ويتم بيعها في السوق السوداء وتقتسم الحصيله بين ضعاف النفوس الذين أثروا ثراءا فاحشا وانتقلوا من تصنيف "….” البلد الي أثرياءها …
كذلك كانت القطارات تخرج محمله بالسلع التموينيه من المصانع مباشره الي وحدات الجيش علي القناه وكان بعض ضباط الصف يوقفون القطارات وتفرغ منها بعض الحموله في مدينتي والتي تحمل مباشره في شاحنات الي السوق السوداء ولم يكن أحد يجرؤ علي النظر وأثري العديد منهم من ذلك …
كانت مواد البناء من أسمنت وحديد تسليح كانت أنذاك توزع بواسطه التصاريح الخاصه من المحليات وكانت المحليات تصدر تصاريح لأشخاص وهميين ويتم بيع التصاريح في السوق السوداء ونشأت في تلك الفتره صداقه من نوع خاص بين رجال المحليات وتجار مواد البناء وكلهم أصبحوا من الأثرياء بعدها …
وكانت المبيدات الزراعيه والكيماوي توزع علي الفلاحين بواسطه الجمعيات الزراعيه علي "الحيازات" بحسب الفدان ولكن في وقت الاحتياح الشديد اليها تكون مخازن الجمعيات الزراعيه خاويه أو بها كميه قليله جدا لا تكفي أحدا لأن المبيدات كانت تهرب الي التجار وتباع في السوق السوداء بأضعاف أثمانها وكان التعامل فيها مثل التعامل في المخدرات في سريه تامه …
وهناك الكثير والكثير من نماذج ضعاف النفوس ممن استغلوا فتره النكسه وأثروا ثراءا فاحشا من بيع أي شيئ وكل شيئ في السوق السوداء التي اذدهرت أيما اذدهار في تلك الفتره وظهرت ما تسمي بالدلالات وهن نسوه فتوات احترفن تجميع السلع التموينيه من المجمعات الاستهلاكيه الحكوميه اما بصلاتهم بالعاملين بالمجمعات أو بالاستعانه بالبلطجيه وبيعها بأسعار تختلف تماما وقد كان منزل الدلاله عامر بكل مالذ وطاب من لحوم ودواجن ومواد تموينيه وباي كميات مطلوبه وهو ما كان يصعب علي المواطن الحصول عليها من المجمعات الحكوميه وأثرت الدلالات من ذلك ثراءا فاحشا …
كانت هذه نماذج مما وصلت اليه الاحوال وهناك الكثير ولكن سأكتفي بما سبق ...
أما عيوني فكانت تري مدينتي الهادئه عندما يأتي المساء لا تتلألأ المدينه بالانوار ولكن يكسي اللون الازرق كل النوافذ وحتي مصابيح السيارات وكانت هذه هي تعليمات الأمن لأن الطيران الاسرائيلي كان لا يحلوا له الهجوم الا ليلا …
وكانت الغارات الاسرائيليه الليليه بمجرد أن يعبر الطيران الاسرائيلي القناه ويتم رصده تنطلق صفارات الانذار في كل المدن القريبه ومنها مدينتي حيث كان قد تم تثبيت أحدها علي أعلي بنايه في وسط المدينه وعلي الفور يتم قطع التيار الكهربائي وتخلوا الشوارع تماما ويهرع الجميع الي المخابئ و سمعنا أن احدي الأسر تركت النافذه مفتوحه بسبب حراره الجو وكان بالدار ضوء شمعه خافت فأطلقت احدي الطائرات صاروخا هدم المنزل علي من فيه ...
و أن احدي السيارات كانت تسير ليلا موقده المصابيح وقد تصيدتها طائره بصاروح دمرتها تماما ...
و أن أحد الماره أشعل سيجاره ورصدته طائره وأرسلت صاروخا قتل الكثير من الماره في دائره قطرها خمسين مترا …
وتشكلت فرق الدفاع الشعبي من المتطوعين المدنيين وكان لي عما متطوع في تلك الفرق وكانت أول مره أري الرشاش الخفيف وجها لوجه مع عمي هذا وأذكر عندما كانت صفاره الانذار تعلن بدء غاره اسرائيليه كيف كنا نجري الي المخابئ بينما عمي هذا يهرع الي الخارج للانضمام الي زملائه حاملا سلاحه …
وأذكر أيضا تعليمات الدفاع المدني التي كنا نسمعها ليلا ونهارا بخصوص عدم التقاط الأشياء الصغيره الثمينه من علي الأرض كالولاعات وأقلام الحبر الباركر لكونها "شراك خداعيه" القت بها الطائرات الاسرائيليه والتي تنفجر بمجرد فتحها لتقتل من وجدها وضروره الابلاغ عنها فورا حال العثور عليها وأيضا ماذا يتوجب علينا ان نفعل اذا لا قدر الله ووصل الاسرائيليون الي المدينه ...

يتبع ...

مجدي المصري




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات