الحلقه الاولي...
الكثير من القاده العسكرين وأيضا الكثير من رجالات السياسه الذين عاصروا فتره النكسه بل وكانوا في قلب الأحداث وكانوا يتبوءون مناصب عليا بل وأيضا رجال اعلام و صحافه كل هؤلاء بالاضافه الي من كانوا مغمورين في تلك الفتره العسيره من تاريخ مصر المعاصر ...
الجميع أدلوا بدلوهم سواء كتب ألفت ومذكرات حكيت وأحاديث صحفيه رويت وبرامج تليفزيونيه واذاعيه أذيعت كلها تروي أحداث النكسه كما عاشها كل هؤلاء وكما عاصروا أحداثها وكما حكيت لهم وكل يعرض وجهه نظره ورأيه بحسب توجهاته وانتمائه …
وكانت هناك الكتابات والكتابات المضاده التي تسرد وتعدد وتنفي صحه ما كتب من قبل واتهامات بالكذب والفبركه واليوم وبعد كل تلك السنوات الطوال التي مرت وقد توفي غالبيه المعاصرين لتلك الاحداث ولكن مازال هناك من يتكلم ويحكي ولم يتوقف بكل حريه لأنه يثق أن لا أحد سوف يرد عليه ويكذبه من الأموات …
أحداث كثيره وقرارات وعمليات ومعارك واجتماعات وأحداث كثيره تفوق الحصر في أن واحد حتي تاهت من بين أيدينا كثير من الحقائق وتم الباس الحق بالباطل والباطل بالحق فلم نعد نعرف من وأين وكيف ولماذا …
فنحن مجرد متلقين من كل ذي صوت أو قلم …
ولكن من بين كل هؤلاء لم أجد مواطن عادي من عامه الشعب يكتب ذكريات عن أيام النكسه لا تخلوا من بطوله زائفه مصطنعه لم أجد مواطن يحكي النكسه كما رأتها عيونه هو بكل أحداثها والمراره التي عاني منها المواطن العادي وليس من خلال السياسه والحرب …
لذلك قررت أن أكتب ذكريات عن فتره النكسه ليس من خلال أقوال قائد سياسي أو عسكري أو مؤرخ أي ليس علي مستوي القمه ولكن علي مستوي القاع ذكريات المواطن العادي الذي عاصر الأحداث كما فرضت عليه ولم يكن سببا فيها أو محركا لأحداثها ولكن انسان عاش الحدث كما هو بلا ابداء رأي أو اعتراض .. مواطن شكلت وجدانه وسائل الاعلام الحكوميه التي من خلالها تعرف علي كل شيئ وأي شيئ ولكنه لم يعد يثق فيها أو يستمع اليها .. وأيضا من مرويات الناس في تلك الفتره كما عايشوها وحكوها بكل الم ومراره وأنا لست مؤرخ ولا كاتب صحافي ولكن أنا مواطن مثلي مثل أي مواطن أخر من حقي أن أتكلم وأحكي فالكلام ليس حكرا علي الكبار ...
عندما حدثت النكسه كما يحلوا لنا أن نسميها ولا أعرف من الجهبز الذي ابتكر هذا الاسم "الدلع" للهزيمه كانت فتره طفولتي الأولي وكنت قد التحقت بالتعليم الابتدائي وطوال فتره الست سنوات التي تلت الهزيمه كانت مرحلتي الابتدائيه مرت خلالها الكثير من الأحداث واستمعت للكثير من أحاديث الكبار والتي مازالت تعلق بذاكرتي حتي الأن والكثير منها لم تكن طفولتي تدرك كنهه ولكن بمرور السنين وبالاطلاع والتعلم واكتساب الخبرات تم ترسيخ هذه الأحداث والأحاديث واستيعابها استيعاب تام في الذاكره …
وبعيني أنا وبعيون من كانوا أكبر مني سنا سوف أروي أحداث تلك الفتره فالاحداث كانت قريبه جدا منا لأن مدينتي في تلك الفتره كانت هي "خط الدفاع الأول" لأنه بعد الهزيمه وصل الاسرائيليون الي الضفه الشرقيه لقناه السويس وصدر قرار بتهجير أهالي مدن القناه الثلاثه و تم تهجير أهالي مدن القناه الثلاث السويس والاسماعيليه وبورسعيد الي الداخل وتم تفريغها تماما من السكان وكانت مدينتي التي تبعد عن ساحل القناه حوالي 60 كيلو متر هي خط الدفاع الأول أنذاك في وجه أي توغل اسرائيلي محتمل غرب القناه ومهجر للكثير من المهجرين من أبناء مدن القناه ...
وهي فتره تحطم فيها الجيش المصري نتيجه حرب مباغته تم الاعداد والتخطيط والتمويه الجيد لها من جانب الاسرائيليين وفي المقابل لم يكن هناك أي استعداد مصري لها سوي البيانات والخطب الرنانه والتصريحات الحنجوريه ...
لم تتح لجنودنا أي فرصه للثبات واستيعاب الهجمه الاولي ثم الرد ولكن جاء القرار بانسحاب الجيش بالكامل الي الضفه الغربيه للقناه أي الهروب من المواجهه والاحتماء بالمدن وبدون أي خطط لهذا الانسحاب وبدون أي غطاء جوي لهذا الانسحاب لأن سلاح الطيران بالكامل كان قد تم تدميره في الضربه الأولي ...
دمرت الطائرات المصريه وهي رابضه في مرابضها علي الأرض والتي نجت من التدمير لم تستطع الطيران لأن الممرات تم حرثها بالقنابل الأمريكيه المتخصصه لهذا الغرض وأيضا الرادارات الأرضيه تم تدميرها ...
ومن كل هذا كانت سمائنا مفتوحه تماما ليعربد بها الطيران الاسرائيلي أينما وكيفما شاء وكان رصد الطيران المعادي يعتمد علي الرؤيه العينيه للأفراد فقط وكانت وسائل الدفاع الجوي المتاحه هي بعض قطع المدفعيه "م ط" المحمله علي سيارات أو الثابته والتي كان لها مدي معين ان ارتفعت الطائرات عنه تصبح المدفعيه عديمه الجدوي …
يتبع ...
مجدي المصري
التعليقات (0)