ذكريات عالمة فيزياء شابة ( 5 _ 5 ) . للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .
عَرَقُ البابواتِ الكحلي يتزوج أبراجَ قلاع الهلوسة . لستُ متزوجةً لكنَّ زوجي قرف مني . وطبيبي النفسي صار مريضاً نفسياً بعدما عرفني . قضيتُ عمري على الشاطئ جالسةً على شظايا كرياتِ دمي أُحدِّق في فسيفساء العَدَم ، أنتظر قدومَ ابنة القرصان لأُزوِّجها للبحَّار المشلول .
أدخل في اكتئاب البيات الشتوي ، حيث تجرحني جوارحي ، وتصير رموشي مسدساتِ ماء ، حين يتعادل الماءُ مع الدَّم . أسطع في نخاع المنافي ، حيث لا شركسياتٌ يقطفن النسيانَ من فم البحر ، ولا بوسنياتٌ يعبرن في شتاء جروح المرفأ ، ولا أرثوذكسياتٌ يتسلقن دموعهن عوضاً عن قمة إيفرست . لن يخرجني من عُزلتي سوى قبري الراكض على ظهرِ الجواميس البرية . أتوهج كالاحتراق الذاتي في كتل الأنوثة المتوحشة ، والكوكبُ جنازة العابرين إلى المعنى . أقطف البقراتِ عن أغصانِ دمي ، وأقول لعربات تاريخ الأكفانِ المكسور : (( لا تخدشي منامَ المحكومين بالإعدام ، لأن العروش تغتصب الملكاتِ ، ولا صراخٌ في زنازين القصر ، ولا سجاد أحمر سيمتص دمَ الحيض للأميراتِ أو الجواري )) .
شوارعُ الكوليرا المعبَّدة بأغشية البكارة . أطرافي سناجب متجمدة في كأس زرنيخ، ويتخذ الليلكُ من جفوني مطعماً عائلياً لجباة الضرائب. للدمارُ شمعةُ الغريبة، فاعبر أيها الحاكم المهرِّج في حبل المشنقة المهرجان. نبضاتُ شجر المذابح هي رايات سكك الحديد على سطوح خيام اللاجئين.
كأن قطاع الطرق يتناولون مع نباتات الفيضان غداءَ عمل لكنَّ رؤوس المشرِّدين تصير شموعاً على طاولات مطعم مجهول في آخر أزقة الصليلِ . كالقمر الباكي في شتاءات الحزانى أظل أنكمش في جِلْدي خوفاً من جِلْدي ، والحمَّى تُقلِّم أظافري بوحشيةٍ تعادل وحشيةَ أنوثتي على نعومة أعواد المشانق .
أظل أحفر في تفاحات رقبتي كالدود ، وأعدو في مداراتي محترقةً بالحزن والعشق ، كأن عذاب الفراق أجمل من اللقاء ، وكأن طعنات العشق أجمل من العشق .
من ليل الأسلاك الشائكة تخرج سجوني من عيوني ، فابتسمْ يا جلادي لأن أعياد اللهب برتقالٌ أعرج يتزوج بطيخةً عمياء ، فالعمى ضوءُ المنافي في الفيافي ، واذكريني يا شتاءات الأزقة الموغلة في أنوثتها المجنونة. لم أُسَجِّل اسمي بِاسْمِ خريفي لكنَّ فصولَ العَدَم وجوهُ شظايا الرعد .
يا صيفاً يحضن دموعي حيث العظام الهشة تصير مَخْزناً لمراهقاتِ القلوب الكسيرة . شاحناتُ نقل جثث الجنود تدخل في قصص الحب الفاشلة وتخرج من نخاع الفراق . تتَّحد في أوردتي طرقاتُ العواصم النائمة وأظل أركض في أرقي شلالاً من الكبريت أهزُّ أجفانَ الشوارع بحنجرة تغدو ضريحاً للبلابل المستورَدة ، فاصنعي يا أُمِّي من ثوب عُرسي أعوادَ الثقاب التي سيشعل بها البرقُ موقدةَ جرحي وبياضَ أكفاني .
أيتها الضفدعة الوحيدة المنفية المحاصَرة الباكية الحبلى ، اتركي هلوسةَ رموشكِ على نقالة إجهاض الضوءِ . وليكن تشققاتُ أجفانكِ آخرَ ما تبقى من الدول الواقعة على بلاط صالة الرقص المعتمة بعد انقطاع التيار الكهربائي وتقاعدِ الأميرة العاشقة . وبينما كانت الدولةُ تضيع كان السلطانُ في شهر العسل ، لكنَّ سطوحَ رقبتي منتجعاتُ إبر النَّحل . هكذا تخبط أساورَ الراهباتِ مقابرُ أسماك السَّلمون مثل ملكة واثقة من دورتها الشهرية أمام كاميرات هلوسة الجنس ، لكنها ممسحة لزوجها العاجز جنسياً .
كأنني ليلى ، وضفائري انتظارُ ذئب يفترسني أو دودٌ يقضم أطرافي وأنا على فراش الموتِ . وحيدةٌ أنا في عزلة الصابون كزوجة ضابط مخابرات . كلما بحثتُ عن أهدابي وجدتُ خدودي تتناول مع بناتِ حفاري القبور عشاءً على ضوءِ براميل النفط ، حيث الأعراب ينصبون خيامهم في حقول الغاز ، والجواري يكتبن الدستورَ القومي للدولة بعد انقراض الدولة . إن أحزانَ الصنوبر تلميذتي الفاشلة .
علبةُ كبريت بطعم المانجا ، ومقصلةٌ موسمية بطعم الموز الاستوائي . قدوتي لاعبُ السيرك لذلك خسرتُ كلَّ معاركي ، وانتقلتُ من هزيمةٍ إلى هزيمة ، أجرُّ الذبحاتِ الصدرية خلفي كصحراء جليدية تجرُّ العمودَ الفقري للشاطئ . أنا الخاسرة في الحب والحرب الفائزة بالعار . لم أستفد من خطاباتِ التفاح سوى اكتئاب يتقمص ثقوبَ أنفي . لستُ قِدِّيسةً لتطلب مني الزوجاتُ الخائنات في روما الغفرانَ ! . أنا وموظفو الجمارك نعاني من الفراغ العاطفي .
سأضع حيَّاتٍ بدلاً من عقارب الساعة . أطرافُ النَّهر الصناعية . والبحيرةُ فَقدت في المعركة الأخيرة ذراعَها. إن دماغي المهشَّم عاصمةُ الثلج، وتابوتي معاهدةُ سلامٍ مع حُفر المجاري الطازجة . فاخلعْ من مرايا حبلي الشوكي سياراتِ الإسعاف ، وكن يا نزيفي على أطراف خدودي حقلَ شوفان مخنوقاً . كستناء محترقة بالحب محروقة بلذة النسيان مُعدَّلة وراثياً . لكن تاريخ النسور الجريحة يُقلِّم أظافرَ الشمس .
ماءُ عيوني هو ماء الشعير، فاشربني يا حطام الروح. لستُ أمنيةَ المشنوقِ أو سكرتيرةَ مُصلح ساعة ضابط المباحث ، لكن التوتَ يَنسج من خصلاتِ شَعري حبالَ المشانق رغم أن نعوشي على حبل الغسيل تتشمس في الثانية عشرة ليلاً . تصير ليلةُ الدخلة سِفْرَ الخروج ، فأدخل في نظرات عماد الفايد وهو يلتقي بالموتِ وجهاً لوجه . يدخل العالَمُ المتوحش في هستيريا الجنسِ فأصبح جنسَ الهستيريا .
لقد نلتُ كلَّ الأوسمة الملكية في الفشل العاطفي . يا أسماء الطرقاتِ المفروشة بجيف السناجب البريئة فوق لعاب المشنوقين . والعوانسُ يتزوجن الستائرَ الرمادية خلف أسنان الفيضان. لم أضحك من قلبي منذ طوفان نوح . إن ليلةَ الدُّخلة سِفْرُ البكاء على أطلال العواصفِ حيث يغدو الجسدان عُودَي كبريتٍ يغزلان حباتِ المطر ، ويحترقان في مدار يذبح الأكسجين بعيداً عن عيون بناتِ الجيران . هويةُ شعير يأسي مزرعة لبنات آوى . إنني قيامتي وأنتظر القيامةَ . وفي المطارات البعيدة أُمدِّد شراييني سككَ حديد أمام الغرباء الذين يحتلفون بالغرباء ، وأمام المسافرين الذين لم يجدوا أحداً يُودِّعهم . والعابرون في أحلام الشفق لم يجدوا من يستقبلهم .
كلما دخلتُ في نَفْسي اكتشفتُ ما حَوْلي لكنَّ ضجرَ النباتات يتسلقني ويكتشفني ، فالقتيلاتُ في رعشة الكهنوت ينتخبنَ ركامَ الزوبعة . وتنتخب الحكومةُ الانتخاباتِ المزوَّرة شريعةً للذباب. من رعود الجرح الداكن تُولَد سياراتُ الإطفاء لكنَّ الموظفين محترقون في ليلة الدخلة ، فمن يطفئ حرائقَ أكواخي ؟ .
يحمل البرقُ على ظهور الجواميس أكياسَ الطحين . رموشي مجاعاتٌ تقضي في حنجرتي شهرَ العسل . من أرحام إماء أحمر الشفاه تخرجُ الكلاب البوليسية ، والحواجزُ الأمنية نعالٌ للخيول . أنتعل ضجرَ هذه البراري . والكوليرا تكتب دستورَ جبيني . لا ظلال النعامات مطرٌ، ولا أسماء حجارة النيازك ثياب أُمِّي . تقول كلمةَ السر فتُفتَح أمام جثمانكَ بوابةُ الرعد . تدخل الخيولُ في فتحة أنفي الوسطى . لستُ موسى الذي خلع نَعْلَيْه في الوادي المقدَّس . إنني أخلع نعليَّ في غرفة التعذيب .
عنفوانُ زرقة الشطآن وخزُ إبر في فستان عُرس سجادة مكتب رجل المافيا ، لكنَّ خياط الإمبراطورة يحب طباخةَ القصر . حان موعدُ العشاء على ضوء أعمدة الكهرباء المغروسة في آبار النفط . جمجمتي الحساءُ الملكي، ولحمي شطائرُ التفاح، فاشربيني يا كؤوس اختفاء صبايا الذكريات في الحكايات . كرياتُ دمي رصيدي الشخصي في بنك الهلوسة ، في أعماق هلوسة رمال البحر ، حيث الاقتصادُ مبني على جماجم النساء المغتصَباتِ .
أرحل إلى جنوني في شجر الاحتضار الخريفي لأني وضعتُ عقلي في علبة كبريت خالية إلا من الأحصنة المسمومة ، وأترك لأسماك القرش فرصةَ تكوين حزب حاكم في جواربي . هكذا يسيل النفطُ تحت هلوسة دم الحيض للإماء في الصحراء التي يُقدِّسها لصوصُ الأطلسي . وتظل الأندلسُ وكراً لراقصات التانغو . كنيسةٌ لأصحاب مطابع صكوك الغفران ، كأن المراهقات الحوامل خارج الزواج يتزوجن في محاكم التفتيش . في ذلك المنزل المحترِق رَجُلٌ يبصق على زوجته ثم يضاجعها . لكن النهر الأخرس مريضٌ بالسكري .
أيتها الرومانسية المسمومة التي قَتلتْ عماد الفايد ، لا تقتليني لأن السيانيد هو أكسجين رئتي المفتوحة لدخان الشاحنات. لستُ أشعر بالحنين ، فكيف أمنحه لأسماك القرش في جنوب الشفق ؟.
تستجوبني مرآة الزرنيخ ، وأستجوب ضابطَ المخابرات : (( لماذا أنا فاشلة في الحب ؟ )) . يرقصون ولا يعرفون لماذا يرقصون . شعوبٌ تُقدِّس الأصنامَ البشرية ولا تعرف لماذا تُقدِّسها. امرأةٌ ترمي عينيها في وادي الجثامين الأخرس ، وتترك زوجَها يرى نيابةً عنها ، ولا تعرف لماذا تموت .
خبرتي في الطب كخبرة الراقصة في تصميم الزنازين لكنَّ أطفالَ الأنابيب هم البشر العائشون في حفر المجاري كالصعقة . لستُ أنا مريم لتتساقط عليَّ الرُّطب ، ولستُ خديجة ليحبَّني النبيُّ .
في أطياف النهر الجالس على الكرسي الكهربائي تبني الزوابعُ أعشاش النسور المتقاعدة . فلتكن رئتي حبلَ غسيل على سطح رموشي ، فارتعشْ لئلا ترجف خدودُكَ على دهان غرفة الإعدام بالغاز . يا أنا الأخرى ! ، كتاباً من الأحجار غير الكريمة صرتُ ، فاترك الشعبَ الأمي يقرأ طلاءَ أظافري ليدهن عمالُ قناة السويس وجناتِ الفراتِ بالمكياج ، حيث الكحل يصبح أرشيفاً للمرتزقة ، فأدخل في نَفْسي لكي تخرج من معدتي الفئرانُ الهزيلة . يدهنُ قبري بأصوات مقبرة الحيتان اليودُ البحري كما يدهن البطُّ زنازين عروقي بالجدران الفسفورية. أعضائي تتجسس على أعضائي ، هل أنا الدولة البوليسية ؟! .
عندما تقوم الملكة إليزابيث بنشر الغسيل على الحبال الصوتية لضحايا صبرا وشاتيلا ، تصير دموعي عاملاتِ نظافة يخططن لانقلاب عسكري في سلة القمامة .
كأن حذائي حزبٌ حاكم على جواربي . هي الديمقراطية لا تكتمل إلا بالانتخابات المزوَّرة . اتركوا الموتى يُصوِّتوا للحزب الحاكم واسرقوا أصواتَ الشعب لتبدوَ المهزلةُ أجملَ عند تلال الفيضان . تخيَّلْ هذا العالم الأعرج بدون الساقطاتِ، كيف ستكون مشاعر أنجلينا جولي ؟ .
كرياتُ دمي قوارض ، ومعدتي مصيدةُ فئران . هكذا نحتفل بذكرى ميلاد الصحراء في يوم وفاة الشَّلالات. أنا الكاميرا الدائرة في زوايا القش ، وقلبي حريقٌ لا يطفئه ماءُ عيوني . أُسرٌ ملكية وُلدتْ في الإسطبلات وماتت في أناشيد المرتزقة . هجرةُ العبيد إلى النشيد بياتٌ شتوي لطحال المدى .
كلُّ جوارحي مجروحة ، فلم أكن موجودةٌ يوم وَلدتني الهزيمةُ وأَرضعتني طحالبُ الإسفلت . فأنهض من رأس قلم الرصاص . أتغطى بالسيول ، وعمالُ النظافة تحت المطر. خُذْ أصابعي آخرَ ما تبقى من طلاء أظافري واتركني يا منامي في منتصف الطريق قرب سجوني. لا تُكْمِلْ دائرةَ الحزن ، سَيُكْمِلُ الغرباءُ هندسةَ قلاع جفوني يوم تُسمَل عيوني، ويمتص البجعُ آبارَ النفط تحت أظافري، فلا تبكِ عليَّ يا جلادي ، كلُّنا في سجون الموجِ أقفاصٌ . والجراثيمُ في لعابي زلزالٌ بلع مقياسَ ريختر ، فلم يعد يقاس إلا بجدائل العوانس وراء لمعان الشُّهب . فيا أيها الوهمُ الذي يُطلِّق الملكاتِ ويتزوج الخادماتِ . طيورُ البحر في عزلة جنونها . ستنتظر أوردتي الخشبية في مقهى البكتيريا ، وينام دماغي في منفى النباتات ريثما يقوم نمورُ التاميل بعمليةٍ انتحارية لتُصفِّق خادمتي السريلانكية في مبارة الكريكيت . أحرق بدموعي مطرَ السنابل لأن خنصري حقل الشوفان المنفي .
حصلتُ على جائزة نوبل في كل الفروع : (( الصدمات العاطفية في مطاعم الوجبات السريعة. الوحدة الوطنية في وطن يبصق على الشعب ويشنق الفلاسفةَ ، لكنه يحترم أفخاذَ الراقصاتِ . زيادةُ الدخل القومي في دولة تُحتضَر. كتابةُ الخطابات الوطنية المصيرية في وصف نهود المذيعات . الهتاف للزعماء الفاتحين الذين لم يفتحوا غير أغشية بكارة إمائهم . التقاطُ الصور التذكارية عند حُفر المجاري المغطاة بأهداب العوانس )) .
يركض الاكتئابُ إلى الاكتئاب. يا راكب الحوتَ الأخضر ، أعطني مهلةً كي أقلي في كوب اليانسون أكبادَ أسماك القرش . إن عرباتِ نقل المشنوقين تضرب في أعماق أَنفي . وتابوتي هو قانونُ الزبد في البحر اليابس .
http://ibrahimabuawwad.blogspot.com/
التعليقات (0)