بسم الله الرحمن الرحيم
ذاك الكاذب الحزين
هل عصفت الدنيا بالوحيدين ......أين كانوا
وأبعدهم ريحها عن الدروب السالكة بالحنين
وحين مزقتهم سحب الحروب تمزقا
ورمتهم التهلكة باتونها.. يحرقون كالخشب
كان لهم هناك موعدا معها موثقا بالغروب تفرقا
يتلمسون فيه الأمان بعد ان تعبت أرجلهم...
.ربما من الرحيل
ويغرفون من صفحاته السوداء خسة
ويملئون به الرئة هواء مائعا عليل
ويشربونه من صفحات وجوهم ذلا
وهي دوما بالدموع تسيل
فلا يشمت الشامتون بنا ..أبدا لا يشمتون
لا تأخذهم عزة الإثم في التضليل
ولا يمت من تكسرت أضلعهم تحت أسنان طواحن الصعاب
ومن ابتلعوا اللقمة بماء البحر
فغصوا بها مع اللعاب
وشربوا بعدها من قناني الدم
و لم ولن يرتووا من الارتياب
وحين دقت أصابعهم على طبول الخوف
استفاقوا على الذئب يطارد ألمها في الغاب
فالتحفوا أثوابهم وتغطوا بالعار بعد أن تعرت لحومهم
فما ستروا العورة من الإغواء ولا أزاغوا بعد التواء
ولا بكتهم الذئاب بعد شبعت عواء
من بكاهم أخيرا وأولا كان التمساح ....
ذاك الكاذب الحزين
وهو يتلذذ على الأقل
بأكل لحومهم حزما بلا شواء
لقد كان شريفا في بكاءه
ونزيها في حزنه الكاذب حد النقاء
فقد كان معطرا بنعومة القاتلين
تتدفق على شريان الحياة ولادات من الموت
تعتصر الخاصرة وتهز المؤخرة للآفلين
فقد كان سرابا ذلك الحزن
ووهما أن تضيع الرجاء في الحياة
وهما تقلبك في فراش ألامبالاة كالعفن
وثراءك وخزانك تتنعم بالوجوه المانحة للذكريات
لكنك تنعى حضك على الدوام وكأنك خاسر أوحد
وعلى وسادة الفزع تتقلب ضلوعك
لكنك لا تنام بل تتمدد
ولا تظن أيها الضئيل بتهرم ذاكرتك
انك تعيش الى الأبد
كما الخالدين ...
كأنك تحاكي العظايا في نزع جلدك المتغضن
أبدا فأنت كما الأنعام تسعى الى الرزق
في فضلات الآخرين
وتأكل أخيرا بعد أن ينفض السامر
ويتفرق الحاضرون
وتموت أخيرا وتدفن في وحدتك
وحيدا مأ فونا... كالمارقين
كريمة شامي
كاتبة وشاعرة من العراق
karimashami@yahoo.com
التعليقات (0)