مواضيع اليوم

ذاكرة بين الشفق والقبور ( قصيدة للشاعر إبراهيم أبو عواد )

إبراهيم أبو عواد

2014-04-27 09:13:46

0

 ذاكرة بين الشفق والقبور

 

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

 

.......................

 

     لا أَجِدُ مَا أُفْطِرُ عَلَيْه / أَعْطاني الشَّفقُ سَبْعَ تَمراتٍ / طِرْتُ فَرَحاً كأجفانِ الكَهْرمان / ذَهبتُ إلى المقبرةِ كَالوَرْدةِ التي شَنَقتْ عِطْرَها / وَجَلَسْتُ بَيْنَ القُبور / انتظرتُ المطرَ كَي يُفْطِرَ مَعي لكنه لَم يَأْتِ/ وانتظرتُ أَبي لكني تذكرتُ أنه ماتَ/

     كُلُّ الفَتَياتِ اللواتي أحببتهنَّ تَزَوَّجْنَ غَيْري/ وَذَهَبْنَ إلى شُققِ الأحياءِ الرَّاقيةِ / وأنا أمسحُ القُبورَ مِن ياقوتِ المذابحِ/ وأُنظِّفُ الغبارَ مِن عَرَقِ الأعشابِ السَّامةِ / أُحِبُّ الموْتى وَهُم يُحِبُّونني / أَعْرفُ أبجديةَ الأمواتِ / ولا أَعْرفُ أبجديةَ الأحياءِ /

     وفي عِيدِ الأحزانِ / يَأْتي الأغنياءُ على أجنحةِ الفراشاتِ / أراهم مِن بَعيدٍ / ولا أقتربُ مِنهم لِكَيْلا يظنوني شحَّاذاً / لا أَمْلِكُ إلا ثَوْباً واحداً / وعِندما يتَّسخُ أَغْسِلُه بماءٍ مَلِيء بِدَمْعي/ وَخَالٍ مِن الصَّابونِ / أَضَعُه على حَائطِ المنفى / وأختبئُ في القَشِّ/ لَسْتُ نعَّامةً / كان الأطفالُ يَأْتون مَعَ أَهْلهم / وَيَلْعبون بكرياتِ دَمي الخضراءِ / يَرْكبون على ظَهْري / ويقولون : (( امْشِ أيها الحصانُ )) / ويَرْحلون / لَهُم أَهْلٌ / وَلَيْسَ لِي أهلٌ إلا الأموات / حَتَّى الأحصنةُ لها إِسطبلاتٌ تَعيشُ فيها /

     لا تَقْتليني/ إِنَّكِ قَتَلْتِنِي ولم تَدْفعي دِيَتِي/رُموشي قَوافلُ مِن البَدْوِ الرُّحَّلِ/ التُّرابُ المشرَّدُ وَدُموعي / وَعُمَّالٌ يَموتون وَهُم يَحْفِرون قَناةَ السُّويسِ / بَوَارِجُ تمرُّ مِنها لِتَحْرِقَ الجوامعَ / وَتَخْطُفَ خُبزي وَكُوفِيَّةَ أبي/ لا تقتليني / عَيْناكِ تَرْسمان في لَيْمونةِ نزيفي ظِلالاً للرُّمْحِ اليتيمِ / الأنينُ القادمُ مِن أهدابكِ يُكَهْرِبُني / اقْرَئي الفاتحةَ على جُثماني / وَالسَّلامُ عَلَيْنا / انظري إلى دُبِّ الباندا/ يُحاوِلُ مُواساتي وَهُوَ في القَفَصِ / وكِلانا في القَفَصِ / تَذْهبين مَعَ الصُّخورِ المذهَّبةِ إلى نَشيدِ اللوْزِ / كُوني مُخْلِصَةً لَهُ /  

 

     لا أَطْلُبُ مِنْكِ سِوَى خُبْزِ الذِّكرياتِ وقَهْوةِ الإعدامِ / لا تَضْربي القِطَّةَ العَمْياءَ / لأنها تُحِبُّني / وأُحِبُّ وَجَعَ النيازكِ / وَقُولِي للبكاءِ ألا يُلوِّثَ حَناجرَ الزَّيتونِ بالصَّليلِ المالحِ .

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !