ذات يوم واقف
رابح التيجاني
أذكر أنني انتحرت ذات يوم
واقف
يوم كما الأيام دوما
في كنانيش الطفولة البريئة ،
يا أبي قال لنا المعلم اليوم اكتبوا
سطرا
عن الدنيا الهنيئة ،
يضحك الإنشاء منا
والعبارات المعادة الرديئة ،
وكتبت :
ذات يوم
داخت الأرض
أقول كانت الأرض تدور لحظة
وتستريح لحظة
كمومس تمارس العهارة
بلا مشيئة ،
وكتبت :
ذات يوم
كانت الأفراح ليلا
وحدها مواجعي طفت مضيئة ،
قلت أمشي
هي أحزاني أنارت لي طريقا
يا طريقا تكشف الهاوية
ويا أحزانا جريئة ،
وكتبت :
ذات يوم
ذات عمر
ذات قرن
كنت منهارا
ركاما من عذابات حبيسة خبيئة ،
محبطا
ألف غريب
ربما جئت الوجود متأخرا
وقد أكون سبقت مجيئه ،
لست أدري
كانت الأرض فراغا
عدما
بقدر ما كانت مليئة ،
مرتع الهم المقيم
وسلالات الخطيئة ،
كائنات قميئة ،
أوغلت في الإغتيال
والمطاحنات
والروح البذيئة ،
في صناعة الأنا المهووس
والأحقاد الدنيئة ،
وكتبت :
ذات يوم
ذات عمر
كنت مخذولا
أسير اليأس
والموت البطيئة ،
يا نزيفا يشرب القلب
ويغتال المواعيد الوضيئة ،
آه أيامي وآه
ذات يوم
ضاع يومي
في انتظار من ستأتي ،
هي موتي،
ما أتت
أو ما اهتدت
قلت أنير بالدم المخمور عنواني ،
وأحمل على الأكتاف بيتي ،
ستراني
وستسمع بكل الصفو
صمتي ،
ذات يوم
كانت الأرض جزيرة صغيرة ،
والنجوم في سقوفها
مصابيح كسيرة ،
حيثما وليت قلبي
ثمة يأس
ودموع غزيرة ،
عشت ، مت
طول عمري
أهدر عمري
وأنتظر أشياء كثيرة ،
ما أتت
أو ما اهتدت
بين المسالك العسيرة ،
إنني غاد إليها
سندبادا
يستشف رحلة ختم
قصيرة ،
ينتهي إذ تنتهي
يشيع الدنيا المريرة ،
حاضنا كنزا مزيفا
وما كان من الأوجاع
والأحلام المثيرة ،
يعلن بصرخة وحش جهيرة ،
موته
موت الناس
موتا ترضي الحياة والمقابر
كبـــــــيرة ،
موتا ترضي الجلادين
وترضي العشيرة ،
موتا ترضي ضميره ،
آه أيامي وآه
إنني اليوم انتحرت
إذ كتبت
مثلما كنت انتحرت
ذات يوم
عندما كتبت
فوق دفتر الإنشاء :
إن هذه الدنيا حقيــــــــرة .
(نشرت بالملحق الثقافي لجريدة العلم المغربية )
التعليقات (0)