ساروي لك يا صديقي سر أحتفائي بهذه الحياة على كل ما فيها من ألم وغموض وتوهان . قبل
عقد من الزمن و كنت في ذلك الوقت طالبا جامعيا في المرحلة الثالثة .. ما كنت اعاني منه في
اعماق نفسي هو أيجاد ذاتي ....وما كان يؤرقني حقا هو سؤال دائم التكرار في عقلي وتترجمه
دقات قلبي وهو (هل ساجد يوما انسانة ترى روحي وتشعر بألمي وتسكن قلبي وتمدني بحب و
حنان يبدأ ولا ينتهي الأ بتوقف قلبي أو قلبها؟؟؟) تقربن مني الكثيرات وتقربت من كثيرات لكن
بعد حين أكتشفت ان السبب الرئيسي لتقربهن مني هو فضول يثيره قلة كلامي وهدوئي لا غير .
يا صديقي لا تعلم مقدار ألمي وأحباطي ومعاناتي ..فقد فقدت الأمل في أيجاد ذاتي وفقدت الامل
بأن أجد ملاذا امنا لكل أحزاني واهاتي ....... أنه ضياع في ركام من الألم لم أجد له أي معنى .
تعاطفت مع نفسي كثيرا وبكيت عليها وحزنت لاجلها ... قال لي احدهم مرة ( لماذا انت حزين؟
يا أخي أنطلق للحياة وتمتع بها ..ولو كنت محلك ويتوددن لي الصبايا كما يتوددن لك لما فارقت
محيياي الضحكة ولما شعرت الا بالسعادة )... مع ان ما يقوله يؤلمني الأ اني لم اكن الومه لانه
بكل أختصار لم يكن يرى الفراغ العاطفي الذي كان يمتلكني او أنا امتلكه ....ولم يكن يرى بكاء
روحي وأنينها وعزلتها عن كل شيء ....... في ذلك الحين كنت أنا وحدي أنيس نفسي وخليلها
ووحدي اواسي ذاتي وأشد من ازرها ....... وأنا من كنت أمسح على راسي وأربت على كتفي .
كان لساني حالي يقول ما يقوله قحطان العطار ........( يكولون غني بفرح وأنا الهموم غناي )
في يوما ما كنت عائدا من كافتريا الكلية الى قاعة الدرس برفقة صديقي القديم الذي زاملني منذ الدراسة المتوسطة . دخلنا انا وصاحبي العتيق الى قاعة الدرس ونحن مثقلين بمتاعب الحياة ولا تغيب عنا حقيقة ان بعد نهاية الدرس لدينا يوم عمل طويل ينتهي في الثانية عشر ليلا . جلسنا في مكاننا الأزلي المفضل ونحن نفكر بسبب أمتلاء القاعة مع ان طلاب شعبتنا أقل من ان تكتظ بهم القاعة ... اكتشفنا ان السبب هو دمج شعبتين معا . قلت له مر الوقت وانا وصديقي شبه نائمين ننتظر بفارغ الصبر نهاية المحاضرة ... في تلك اللحظات وصلتني ورقة الحضور فسجلت اسمي واسم زميلي وألتفت لأعطيها لمن يجلسون خلفي ... هذه اللحظة هي اللحظة التي توقف فيها الزمن ليتحدث ... نعم ان الزمن يتوقف أحيانا ليجيب على المنلوج الداخلي للانسان ... كانت تجلس خلفي بملابسها السوداء الأنيقة وقعت عيني على عينيها الأخاذتين ... لا اعلم ما حدث لي فكل جزء مني يدق كما قلبي ... شعرت انها نظرت لروحي المتعبة ولامستها بأناملها الناعمة ... شعرت ان روحي عانقت روحها بقوة ... شعرت انها هي من كنت أحلم بها ... ما هي الا لحظات واعطتني ورقة الحضور فقلت لها ... هل سجلتي اسمك واسم زميلاتك فأشارت بيديها الناعمتين أشارة استفهام وكأن عقلها قد توقف عن فهم مفردات اللغة الدارجة وروحها فقط هي من كانت تتكلم ... خرجنا من قاعة الدرس وانا لم أعد أنا ... ذلك اليوم كان يوما مختلفا عن كل ايام حياتي ... رجعت وانا مفعم بالحياة وممتليء بالامل ... في اليوم التالي وبينما نتبادل اطراف الحديث مرت امامنا تمشي بثقة عالية وألقت علينا التحية ( السلام عليكم) فشعرت حينها ان السلام قد نزل علي فعلا من السماء ... سلام حقيقي دافيء ممتليء بالحياة . رددت عليها السلام وبعد ان ذهبت نظر صديقي لي وهو يضحك نظرة أفهمها وقال لي ( اسمع يبدو ان هذه البنت مؤدبة جدا وجادة ولم ولن اسمح لك ان تكسر قلبها ) أجبته بوجه مبتس ( أطمأن ) بدأت أتقرب منها بحجة ان احتاج للمحاضرة الفلانية والمحاضرة العلانية ... في كل يوم أتحدث أليها اشعر ان روحي تسقي عطشها وقلبي يفيض من الحب والحنان وعقلي يستنتج انها من يجب ان تشاركني سنوات عمري ... يا صديقي بالمناسبة اشرب الشاي قبل ان يبرد (أجاب الصديق – قبل ان اشرب الشاي اعطني نهاية القصة فالفضول قتلني لاعرف النهاية) ... الشاي الذي ستشربه أعدته بنفسها فهي زوجتي منذ ثمان سنوات وفي كل يوم من هذه الثمان سنوات يزداد حبي لها ويزداد تالقها في حياتي ويزداد بريقها . هي ورحي وانا روحها .. منذ ان عرفتها الى اليوم وروحي تغني – زيديني عشقا زيديني يا احلى نوبات جنوني )
التعليقات (0)