حب الأوطان نبع من ايماننا بالاسلام ولا تعارض بين الدين والوطن بل إنهما يلتقيان
السيد الحسيني: نؤكدعلى أهمية تربية أبنائنا على حب أوطانهم
أكد السيد د.محمد علي الحسيني عبر منبر نداء الجمعة أن هناك البعض من الذين لم يفقهوا الإسلام ومبانيه السمحة ، لا يعترفون بالأوطان، ويعتبرون ذلك مجرد بدعة، لکن الحقيقة غير ذلك تماماً، مستدلا على كلامه بحادثة مجيء الصحابة "رضي الله عنهم" إلى المدينة عندما أصابتهم الحمى حتى بلغت ببعضهم إلى الهذيان من شدتها، فقال"ص": (اللهم حبب إلينا المدينة کحبنا مکة أو أشد). وسأل الله أن ينقل حماها إلى مکان آخر.
كما عزز السيد الحسيني كلامه بدليل آخر كون النبي"ص"، کان إذا أراد أن يرقي مريضاً بلل إصبعه بريقه ثم وضعه على التراب، ثم مسح به المريض، ثم قال: (بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى سقيمنا، بإذن ربنا)، وهذا الحديث وفقا للسيد الحسيني دليل على أن الإنسان متعلق بوطنه تعلقاً شديداً حتى أنه يمرض إذا فارقه، کما مرض بعض الصحابة لما فارقوا مکة.
ويرى الدكتور الحسيني في العقوبات التعزيرية نظير(التغريب عن الوطن)- في قوله عزَّ وجلَّ عن المحاربين وقطاع الطرق: ﴿...أو ينفوا في الأرض﴾- من الأدلة المهمة التي تدل على حجم دور الوطن وتأثيره في قلب ونفس الإنسان ونفيه منه هو أقسى عقوبة وقعا عليه.
وفي إشارة إلى مكانة الوطن في الإسلام، نفى السيد الحسيني أن يكون الوطن مجرد قطعة أرض نعيش فيه أو نغادره وقت ما نشاء، لأن الوطن هو بناء وتکوين الإنسان والمجتمعات، فيه ذکرياته بحلوها ومرّها وتجارب حياته المتباينة وکل علاقاته وارتباطاته، وقد أكد على ذلك الرسول الأکرم"ص" بجعل (حب الوطن من الإيمان).
وبناء على الأدلة السابقة، يؤكد السيد الحسيني ألا تعارض بين الدين والوطن، بل إنهما يلتقيان ويتداخلان في بعضهما، والسعي لتحريف أو تشويه هذه العلاقة والزعم بأن حب الوطن متعارض ومتناقض مع الدين، هو کلام ليس له دليل شرعي، مشيرا أن الله تعالى في قوله:(يا أيها الناس إنا خلقناکم من ذکر وأنثى وجعلناکم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أکرمکم عند الله أتقاکم)، خاطب کل البشرية ، بتنوع عاداتها وتقاليدها وتراثها، ودعاها إلى الاحتکاك والتواصل، لأن ذلك ينتج عنه البناء الفکري الإنساني الأسمى الذي يمهد لجعل الانسان يصل إلى التکامل المطلوب منه في مساره الدنيوي.
وشدد الحسيني على أن التشکيك في حب الأوطان ونبذها واعتبارها بدعة "کما يحلو للمتطرفين والإرهابيين والدخلاء على الإسلام"، هو من أجل إيجاد أرضية ومناخ مناسب وملائم لحرف الشباب المسلم عن جادة الصواب واستغلالهم لارتکاب جرائم وممارسات إرهابية يرفضها الإسلام.
ودعا الحسيني في ختام خطبة نداء الجمعة،إلى ضرورة التكاتف والوقوف في وجه هذه الجماعات الضالة المضلة، وأكد على أهمية تربية أبنائنا على حب أوطانهم، لأن في غرس مفهوم حب الوطن في قلوبهم وعقولهم ونفوسهم من الناحية الشرعية کفيل بمنحهم حصانة ومناعة ضد تورطهم مع المجاميع المتطرفة والإرهابية.
بيروت الجمعة 6 4 2018
التعليقات (0)