القرية قدمت احد ابنائها شهيدا و1200 جريح و85 اسيرا
د. ابو رحمة: المقاومة السلمية في بلعين ارجعت 1020 دونما من اصل 2300 عزلها الجدار
رام الله – منذ اكثر من خمس سنوات يواصل اهالي قرية بلعين والمتضامنون الاجانب ونشطاء السلام الاسرائيليون مقارعة قوات الاحتلال ضد اقامة جدار العزل العنصري والمستوطنات دون كلل او ملل مستخدمين نهج المقاومة السلمية والشعبية والتي نجحت في الكثير من دول العالم ضد الاستعمار وذلك من خلال ابتكار وابتداع اساليب مقاومة متجددة ومتغيرة لها ارتباطات بالمناسبات السياسية والاوضاع التي تعيشها البلاد، وعلى الرغم من ان هذه المقاومة الشعبية في بلعين وغيرها حققت نجاحات في العديد من الجوانب ومنها استرجاع اجزاء من اراضي القرية المصادرة لاغراض بناء الجدار والطرق الخاصة بالمستوطنات وكذلك استصدار قرارات من المحكمة العليا الاسرائيلية باعادة رسم وتعديل مسار الجدار العنصري الا ان تلك المقاومة واجهت معيقات وسلبيات اثرت على طبيعة أدائها وعملها ومن اهمها الدعم القليل والمقدم من الحكومة والقطاع الخاص والمؤسسات الدولية والمحلية لأهالي القرية.
وفي لقاء خاص مع ( الحياة الجديدة ) تحدث الدكتور راتب ابو رحمة عضو اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في قرية بلعين بمحافظة رام الله والمحاضر في جامعة القدس المفتوحة عن التجربة النضالية التي خاضها اهالي القرية وبتوجيه ومشاركة دعم من اللجنة الشعبية ولجان التضامن الدولي والمحلي ونشطاء السلام الاسرائيليين وكذلك تناول جانبا من الانجازات التي حققتها اللجنة والمعيقات التي واجهت اللجنة منذ تأسيسها بالاضافة الى دور السلطة الوطنية والمؤسسات الاهلية والقطاع الخاص والمؤسسات الدولية في مؤازرة اهالي القرية في نضالاتهم المستمرة ضد الجدار والاستيطان.
وقال ابو رحمة: ان اهالي القرية وبالتحديد المجلس القروي بلغ بتاريخ 22 كانون ثاني من عام 2004 بنية قوات الاحتلال الشروع بناء جدار الفصل العنصري على اجزاء من اراضي قريتنا والقرى المجاورة وعلى اثرها تحركنا على الفور واتصلنا بنشطاء السلام الاسرائيليين والمتضامنين الاجانب واهالي القرية والقرى المجاورة وتم الاعلان عن ولادة اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في قرية بلعين والتي ضمت كافة اطياف العمل الوطني والاسلامي والمستقلين ايضا وكان اول نشاط قامت به اللجنة بتاريخ 20 شباط 2005 الموعد المقرر للبدء باقامة جدار الفصل العنصري، وفي بداية عمل اللجنة كنا ننظم ثلاث مسيرات اسبوعيا ولكن وجدنا انه من الصعوبة الاستمرار بنفس الوتيرة وبالتالي قررنا ان تكون مسيرة واحدة اسبوعيا ومنذ ذلك التاريخ نسير على نفس النهج بشكل اسبوعي، مشيرا الى ان اللجنة الشعبية وبالتعاون مع كافة الجهات المشاركة في الفعاليات والنشاطات ادخلت في تلك لمسيرة الاولى اشياء متميزة وملفتة لنظر جنود الاحتلال وكذلك لوسائل الاعلام التي نجحنا في توفير المادة الاعلامية والمثيرة لها منذ اول نشاط قمنا به، وقال: قمنا بربط انفسنا بالسلاسل الحديدية في جذوع واغصان اشجار الزيتون عندما علمنا بقرار جيش الاحتلال باقتلاع عدد من اشجار الزيتون ايذانا ببدء اقامة الجدار حيث حاولت ما تسمى بالادارة المدنية اقناعنا باعادة غرس الاشجار التي سيتم اقتلاعها في محاولة منها لتهدئة الامور وفي تلك المناسبات تمكنا من منع الجرافات من الوصول الى الاشجار واقتلاعها وكانت اول تجربة لنا ناجحة وكذلك استمررنا في الفعاليات والنشاطات الاسبوعية ضد الجدار والاستيطان.
انجازات هامة ومؤثرة
واضاف ابو رحمة : انه خلال السنوات الخمس الماضية حققنا العديد من الانجازات ومن اهمها استصدار قرارا بتاريخ الرابع من ايلول 2007 بتغيير مسار الجدار في قريتنا، ولكن ومحاولة منها لارضاء المستوطنين فقد اصدرت العليا الاسرائيلية قرارا بنفس التاريخ يقضي بمنح الترخيص لاقامة المستوطنات على اراضي قريتنا والقرى المجاورة والتي هي غير شرعية حسب القانون الدولي وكذلك حسب القانون الاسرائيلي ولكن ذلك لم يثننا عن الاستمرار في نضالنا ضد الجدار والاستيطان، ولكننا بعد مرور الوقت استطعنا ايقاف بناء 1500 وحدة سكنية داخل مستوطنة (موديعين عليت )المقامة على اراضي قريتنا والقرى المجاورة والتي كان مخططا لحدود تلك المستوطنة ان تصل الى بيوت ومنازل القرية.
وتابع ابو رحمة: ومن الانجازات ايضا استرجاع خمس قطع من الاراضي قطعتان منها داخل حدود المستوطنة المذكورة وقد اجبرت المحكمة جيش الاحتلال على هدم احدى البنايات المقامة على تلك الاراضي كذلك الحال تم فتح بوابة الجدار امام اهالي القرية للوصول الى اراضيهم بشكل دائم ومستمر.
جغرافية القرية
وقال ابو رحمة ان عدد سكان القرية الان 1800 نسمة ومساحتها الاجمالية 4000 دونم وان مسار الجدار العنصري ابتلع 2300 دونم من اراضي القرية في البداية اي ما يعادل 58% من اراضي القرية ولكن ونتيجة الاعتراض على مسار الجدار واستمرار المسيرات والمواجهات وافقت المحكمة العليا الاسرائيلية على اعادة 760 دونما لاهالي القرية بالاضافة الى اعادة 260 دونما بعد قرار اسرائيل الموافقة على تعديل مسار الجدار، كما وانه سيتم استرجاع 400 دونم لاهالي قرية صفا المجاورة و200 دونم لاهالي قرية خربثا بني حارث المجاورة ايضا وقد بدأ العمل بشكل فعلي بتعديل المسار بتاريخ 15 شباط العام الجاري.
ثمن غال دفعته القرية
واضاف ابو رحمة: اما الثمن الذي دفعته القرية فهو بلا شك فقدان الشاب باسم ابو رحمة الذي سقط شهيدا دفاعا عن ارضه وخلال المواجهات مع جنود الاحتلال بالاضافة الى اصابة 1200 مواطنا منهم 66 اصيبوا بجروح خطيرة، واعتقال 85 ناشطا من بينهم قادة اللجان الشعبية وعدد منهم اعتقل لعدة مرات ومن بين هؤلاء النشطاء عبد الله ابو رحمة منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان وشقيقه اديب ابو رحمة المعتقل منذ عدة شهور. واضاف ان استمرار المواجهات والمسيرات بشكل اسبوعي والقمع الاسرائيلي المتواصل للمواطنين واقتحام منازلهم خلال الليل خلق مشاكل نفسية عند الاطفال والنساء والشيوخ ما انعكس سلبا على التحصيل العلمي لطلبة المدارس وبخاصة الصفوف الاساسية.
لماذا نجحت المقاومة الشعبية
ولا يخفي سرا ابو رحمة عندما تحدث عن سر نجاح المقاومة الشعبية في بلعين مشيرا الى ان القيادة الشابة التي تقوم بهذا الجهد والتي تضم كافة فصائل العمل الوطني والمستقلين بالاضافة الى تعاون الاهالي معها بشكل كبير بالاضافة الى دور المتضامين الاجانب ونشطاء السلام في اسرائيل وكذلك لجان المقاومة الشعبية في كافة المناطق واهالي القرى المجاورة ايضا والاهم من ذلك دور الاعلام المحلي والعالمي في نقل الصورة والكلمة عما يجري في بلعين بشكل دائم ومستمر، اما عن الدعم المقدم للقرية فقد امضت القرية اكثر من عامين تعتمد على دعمها الذاتي في توفير مستلزمات ومتطلبات المسيرة الاسبوعية والنشاطات الاخرى مضيفا ان اللجنة الشعبية كانت تعمل بمفردها دون دعم من اي جهة وبعد فترة من الوقت بدأنا نتلقى مساعدات مالية بسيطة لتسديد الفواتير المترتبة علينا وهذه المساعدات كانت تأتي من قبل المتضامنين الاجانب وبعض المؤسسات المحلية، ولكن ونتيجة لدورنا المتميز في المقاومة الشعبية وخلق ابداعات المقاومة الشعبية لفت عملنا هذا انظار القادة والمسؤولين في السلطة الوطنية وغيرها من الحركات والاحزاب والمؤسسات الاهلية والحقوقية. اذ أوكلت الحكومة مسؤولية متابعة الجدار والاستطان اولا للاخ قدورة فارس ثم الدكتور احمد مجدلاني ولكن للاسف وبعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ألغيت هذه المسؤولية الى ان تم تشكيل الحكومة الحالية برئاسة الدكتور سلام فياض وتعيين المهندس ماهر غنيم وزيرا لشؤون الاستيطان والجدار واصبح هناك اهتمام كبير من قبل الحكومة والفصائل والقوى الوطنية لتبني هذا النهج المقاوم.
الطموحات لاقامة كلية لتعليم ادب المقاومة الشعبية
وقال ابو رحمة: اننا في القرية واللجنة الشعبية نطمح للقيام بعدد من المشاريع الهامة في قريتنا ولدعم صمود الاهالي ومن بين المشاريع اقامة متنزه عام في منطقة ابو ليمون والتي تم استراجعها من المستوطنين لتكون معلما هاما لاثارة اهتمام العالم على انه لا يضيع حق وراءه مطالب، اما المشروع الثاني وهو اقامة كلية جامعية لتعليم ادب المقاومة الشعبية السلمية وتهدف الى المحافظة على تراث المقاومة الشعبية ايضا، وكذلك فان القرية بحاجة الى بناء مجلس قروي ومركز صحي متطور وقاعات للمناسبات العامة واستكمال بناء مدرسة البنات الثانوية وكذلك مطلوب تعبيد باقي شوارع القرية المحاذية للجدار العنصري.
وخلص ابو رحمة الى القول: ان هدفنا الاول كان باستمرار المقاومة الشعبية وكذلك عقد المؤتمر الدولي والعمل على تعميم تجربة بلعين النضالية لتصل الى ارجاء الوطن والعالم وقد نجحنا في ذلك والان يتم العمل باسلوب المقاومة الشعبية في اكثر من 22 موقعا في الضفة وبعض تلك المواقع تستخدم ابتكارات مشابهة لابتكاراتنا في مقاومة الجدار والاستيطان ن وكذلك بمشاركة المتضامنين الاجانب ونشطاء السلام في اسرائيل وكذلك نهدف الى الحشد الدولي وزيادة التأييد الدولي لقضيتنا ومناصرتنا ضد الجدار والاستيطان والجميع لاحظ الحضور الدولي الرسمي والشعبي في فعاليات المؤتمر الدولي الاخير الذين قدموا من 20 بلدا اوروبيا ومن اميركا اللاتينية ايضا واشار الى ان المؤتمر خرج بتوصيات هامة ومن ابرزها تشكيل لجنة دولية لدعم المقاومة الشعبية في فلسطين وانشاء شبكة الكترونية لدعم المقاومة الشعبية وتعميم التجربة ضد الجدار والاستيطان وسبق وان زار القرية وتضامن مع اهلها عدد من الشخصيات العالمية والمؤثرة ومنها الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر وحفيد الزعيم مارتن لوثر كنج وحفيد غاندي وغيرهم.
التعليقات (0)