د.عدنان بكرية: هذه ليست سوريا التي نريد |
2013-03-12 |
ليست هذه سوريا التي نريد د.عدنان بكرية أعلنت جبهة النصرة "الجهادية" السلفية اقامة هيئات قيادية شرعية في المناطق التي تسيطر عليها في سوريا ولو حصرنا ودققنا في هذه المناطق لوجدناها تجمعات لا تتعدى القرية أو المدينة ..ومهما يكن من أمر فان مجرد الإعلان عن تشكيل هيئات محلية سلفية لإدارة شؤون البلاد لهو مؤشر واضح على طبيعة البديل الذي يطرح نفسه في سوريا تحت عباءة الديمقراطية المزعومة..فهذا البديل ليس ديمقراطيا وليس بامكانه أن يكون ديمقراطيا لأنه أصلا لا يؤمن بالديمقراطية بل هو يسعى لتعزيز الدكتاتورية الإسلامية والترويج لدولة الخلافة المزعومة .
الشعب السوري وبكافة اطيافة لا يمكنه ان يحتمل حكما كالذي تفرضه جبهة النصرة ولا يمكنه ان يقبل هذه البدائل المزيفة والتي لا تمت للديمقراطية او المدنية بصلة: وحتى لو ادعت هذه الجبهة بأنها تسعى لاقامة حكم ديمقراطي يحترم التعددية الا ان جوهرها معروف فهي تمتهن الإرهاب الفكري والجسدي ولن تتورع لاحقا عن الانتقام من أبناء الشعب السوري والذي بطبيعته المدنية يختلف مع السلفية والجهادية المزعومة .
المعارضة السورية الديمقراطية أيضا ترفض حكم هذه الجماعات لأنها ترى بأن سيطرة النصرة سيكون له مردودا سلبيا على المجتمع السوري وعلى قناعات البعض ممن أيدوا المعارضة سابقا وهي ترى أي المعارضة بان سيطرة جبهة النصرة سيقضي على دور الجماعات المعارضة الأخرى وسيكون بوابة لتقسيم سوريا مستقبلا وسيدخل البلاد وبالتحديد جماعات المعارضة في قتال داخلي لا تحمد عقباه . لا ننكر بأن اعلان النصرة عن تشكيل هيئات ادارية يضع النظام في مأزق معنوي على الأقل ويدخل المجتمع السوري الى حالة من البلبلة والخوف من الآتي وعليه يتطلب الإسراع في استحضار الحل السياسي قبل ان يتكاثر نموذج جبهة النصرة ويصبح لكل فئة من المعارضة منطقة تحكمها وتسيطر عليها لان ذالك يعني ضياع سوريا بين فئات المعارضة ومرتزقة الخارج وسوريا ليست بحاجة للمزيد من الجروح والألم التي يصنعها الخارج وعربان الخليج هي بحاجة لعلاج آثار الجروح والخروج من مأزقها الحالي بأقل خسائر واقل دماء .
العالم برمته يسعى للحوار بعد ان ثبت فشل الحل الأمني وثبت فشل التدخل الخارجي وبدل من ان تكون الدول العربية هي المبادرة للحل وإطفاء الحرائق نراها تمسك زمام المبادرة لتدمير سوريا وتخريبها بقرارها البائس والداعي الى تسليح المعارضة السورية ومنحها مقعد سوريا في الجامعة العربية التي عزلت نفسها بلعبها دور المنحاز لتخريب دولة عربية ذات شرعية وسيادة مناقضة بذالك ميثاق الجامعة ... فالجامعة العربية تحولت الى أداة لخدمة الغرب وخدمة دول ليست ذات قيمة سيادية في العالم العربي كقطر والسعودية اللتان تسعيان وتبذلان كل جهد لتدمير سوريا ومسح حضارتها التاريخية والإنسانية ..إن مثل هذا الدور المناط بالجامعة حولها الى هيئة هشة لا قيمة لها ولا تمثل الشعوب العربية وإرادتها لا من قريب ولا من بعيد .
كلنا يؤيد حرية الشعب السوري بجميع اطيافة وكلنا يدعم وينادي بالديمقراطية ليس فقط في سوريا بل في كل الدول العربية ..لكن عندما تتحول بدعة الديمقراطية ذريعة لتدمير الأوطان العربية وتخريبها وتقسيمها.. فإننا نرفض رفضا قاطعا مثل هكذا ديمقراطيات التي تبنى على دماء الشعوب وأشلاء الأطفال والنساء..نرفض أن يشرعنوا القتل والتدمير تحت ذريعة الديمقراطية ونرفض انتهاك السيادة العربية وامتهان القتل بحجة الحرية والديمقراطية فاليوم نرى نموذجا مصغرا للديمقراطية التي يريدها الغرب وأعوانهم بالمنطقة ..ديمقراطية محاكم التفتيش والجلد وتطبيق الشريعة السلفية ولا أقول الإسلامية..الشريعة الجهادية السلفية التي لا تعرف من الحقوق سوى حق عبادة هذه الحركات وتقديسها وتأليهها .
إن دافعنا عن الرئيس بشار الأسد فدفاعنا لا ينبع من حبنا للشخص أو حبنا لنظامه والذي بحاجة الى إصلاح جذري ..بل ندافع عن سوريا التي يرأسها بشار وعن كيانها ووجودها وبقائها ..ندافع عن تاريخها وحضارتها التي أصبحت مشاعا للمرتزقة القادمة من الخارج ..ندافع عن سوريا لأنها عودتنا على احتضان الألم والهم العربي وعلى رأسه الهم الفلسطيني..ندافع عنها لأنها قالت لا للمشاريع (الصهيوامريكية) وقالت لا للمؤامرات الخارجية ولا لكل أعوان الغرب ..ندافع عنها لأنها تقف سدا منيعا بوجه الامبريالية وأهدافها ..هذه هي سوريا التي نريد ولا يمكن لأي كان أن يتهمنا بمحاباة الدكتاتورية ومعاداة الحرية ..فالحرية لن تأت على دماء الشعوب ولا تبنى على جثث الأبرياء .
سوريا التي نريد ليست سوريا التي تحكمها العصابات بمختلف القابها والآتية من الخارج وليست سوريا التي تدمر امام اعيننا... بل نريد سوريا قوية شامخة بابنائها ..نريد سوريا موحدة قائمة على العدالة الانسانية واحترام حقوق المواطن ولا اعتقد بأن العصابات قادرة او لديها القابلية على احترام حقوق المواطن بل هي تسعى الى التسلط والحكم حتى ولو على الجثث والدم وهذا ما نراه ميدانيا وفي كل يوم . |
التعليقات (0)