قافية الفاء
أتاركتي للمـوت أنـت لميّـتٌ وعندك لي لو تعلميـن شفـا
فوا كبدي من حبّ من لا يحبّني ومن عثـرات ما لهن شفـا
________________________________________
فما سرت من ميل ولا سرت ليلة من الدهر إلا اعتادني منك طائف
ولا مرّ يوم مذ ترامت بكِ النـوى ولا ليلـة إلا هـوى منك رادف
أهـمّ سلـوّا عنـك ثـم تردّنـي إليك وتثنيني عليـك العواطـف
فلا تحسبنّ النـأي أسلى مودتـي ولا أن عيني ردّها عنك عاطف
وكم من بديـل قد وجدنا وطرفـة فتأبى عليّ النفس تلك الطرائف
________________________________________
قافية اللام
بثينة من صنف يقلّبن أيدي الرماة وما يحملن قوسـا ولا نبلا
ولكنما يظفرن بالصيـد كلما جلون الثنايا الغر والأعين النجلا
يخالسن ميعادا يرعن لقولها إذا نطقـت كانت مقالتها فصـلا
________________________________________
وقالوا: تراها يا جميل تبدّلت وغيّرها الواشي فقلت: لعلها
________________________________________
أظن هواها تاركي بمضيعة من الأرض لا مال لديّ ولا أهل
ولا أحد أوصي إليه وصيّتي ولا وارث إلا المطيّة والرّحـل
________________________________________
تصدّ إذا ما النّاس بالقول أكثروا علينا وتجري بالصّفـاء الرسائل
فإن غفل الواشون عدنا لوصلنا وعاد التّصـافي بيننا والتّراسـل
فيا حسنها إذ يغسل الدمع كحلها وإذ هي تذري الدّمع منها الأنامل
عشيّة قالت في العتاب : قتلتني وقتلـي بما قالـت هناك تحـاول
فقلت لها: جودي! فقالت مجيبة أللجدّ هذا منك أن أنـت هـازل؟
لقد جعل الليل القصيـر لنا بِكُمْ عليّ لروعات الهـوى يتطـاول
ألا رُبَّ لاحٍ لو بلا الحبّ لم يَلُمْ ولكنته من سورة الحـب جاهـل
________________________________________
فما هكذا أحببت من كان قبلها ولا هكذا فيما مضى كنت تفعل
فيا قلـب دع ذكرى بثينة إنها وإن كنت تهواها تضنُّ وتبخل
________________________________________
فما غاب عن عيني خيالك لحظة ولا زال عنها والخيال يزول
________________________________________
أتتني و العـوائـد مسنداتي فقالت: صحّ جسمك يا جميل
فقلت لها: وأنت جزيت خيرا فأنت العائد الحَسَنُ الجميـل
________________________________________
ألا ليت قلبي عن بثينة يذهل ويبدو له الهجران أو يتبدّل
________________________________________
أريد لأنسى ذكرها فكأنما تمثّل لي ليلى بكل سبيل
________________________________________
ولو أن ألفاً دون بثنة كلهم غيارى وكل حارب مزمع قتلـي
لحاولتها إما نهارا مجاهرا وإما سرى ليل ولو قطعت رجلي
________________________________________
فلا تقتليني يا بثين ولم أصب من الأمر ما فيه يحِلّ لكم قتلـي
فأنت لعينـي قرّة حين نلتقي وذكرك يشفيني إذا خدرت رجلي
________________________________________
يقولون: مهلا يا جميـل وإنني لأقسم ما لي عن بثينـة من مهـل
إذا ما تراجعنا الذي كان بيننـا جرى الدمع من عيني بثينة بالكحل
فلو تركت عقلي معي ما طلبتها ولكن طلابيها لما فات من عقلـي
خليليّ فيما عشتما هل رأيتمـا قتيـلا بكى من حـبّ قاتلـه قبلي
________________________________________
ولست على بذل الصفاء هويتها ولكن سبتني بالدّلال مع البخل
________________________________________
أيا ريح الشمـال أما تريني أهيم وأنني بادي النحول
هبي لي نسمة من ريح بثنٍ ومُنّي بالهبوب إلى جميل
وقولي يا بثينة حسب نفسي قليلك أو أقل من القليـل
________________________________________
وإني ليرضيني قليل نوالكم وإن كنت لا أرضى لكم بقليل
________________________________________
أشاقتـك المعـارف والطلول عَفَوْنَ وخفّ منهـنّ الحمـول
نعم فذكـرت دنيـا قد تقضّت وأيّ نعيـم دنـيـا لا يـزول
أسائـل دار بثنـة أين حلّـت كأن الـدار تخبـر ما أقـول
فمـن هـذا يبلّغهـا رسـولاً كذاك لكـل ذي حاج رسـول
فيسألهـا وينظـر هل إليهـا لخلـوة ساعـة منها سبيـل
وقلت لها: اعتللت بغير ذنـب وشرّ الناس ذو العلل البخيـل
ففاتيني إلى حَكَـمٍ من اهلـي وأهلـك لا يحيـف ولا يميـل
فقالـت: أبتغي حكما من اهلي ولا يدري بنا الواشي المحول
فولّينـا الحكومـة ذا سجوف أخـا دنيـا له طـرف كليـل
فقلنـا: ما قضيـت به رضينا وأنت بما قضيـت بـه كفيـل
قضـاؤك نافـذ فاحكـم علينا بما تهـوى ورأيـك لا يفيـل
فقلـت لـه: قُتِلْتُ بغير جـرم وغِبُّ الظلـم مرتعـه وبيـل
فسل هذي: متى تقضي ديوني وهل يقضيك ذو العلل المطول؟
فقالـت: إن ذا كـذب وبطـل وشـرّ من خصومتـه طويـل
أأقلتـه ومـا لي من سـلاح ومـا بي لـو أقاتلـه حويـل؟
ولـم آخـذ لـه مـالا فيلفى لـه ديـن علـيّ كمـا يقـول
وعند أميـرنا حكـم وعـدل ورأي بعـد ذلـكـم أصـيـل
فقال أميـرنا: هاتوا شهـودا فقلـت: شهيـدنا الملك الجليل
فقـال يمينهـا وبذاك أقضي وكـل قضائـه حسـن جميـل
فبتّت حلفـة مـا لي لديهـا نقـيـر أدّعيـه ولا فـتـيـل
فقلت لها وقد غلب التّعزّي : أما يُقضى لنا يا بثـن سـول؟
فقالـت ثم زجّت حاجبيهـا أطلت ولسـت في شيء تطيـل
فلا يجدنّك الأعـداء عنـدي فتثـكـلنـي وإيـاك الثكـول
________________________________________
أبثين إنك قد ملكـت فأسجحي وخذي بحظّك من كريـم واصل
فلربّ عارضـة علينا وصلها بالجـدّ تخلطه بقـول الهـازل
فأجبتهـا بالقـول بعد تستّـر حبّي بثينة عن وصالك شاغلي
لو كان في صدري كقدر قلامة فضـل وصلتك أو أتتك رسائلي
ويقلن: إنك قد رضيـت بباطل منها فهل لك في اجتناب الباطل
ولبـاطل ممن أحـبّ حديثـه أشهى إليّ من البغيـض الباذل
ليزلن عنك هـواي ثم يصلنني وإذا هويـت فما هـواي بزائل
صادت فؤادي يا بثين حبـالكم يوم الحجون وأخطأتـك حبائلي
منّيتنـي فلويت مـا منّيتنـي وجعلت عاجل ما وعدت كآجـل
وتثاقلـت لما رأت كلفي بهـا أحبـب إليّ بـذاك من متثاقـل
وأطعـت فيّ عواذلا فهجرتني وعصيت فيك وقد جهدن عواذلي
حاولنني لأبتّ حبـل وصالكم مني ولست وإن جهـدن بفاعـل
فرددتهنّ وقد سعيـن بهجركم لمّا سعيـن لـه بأفوق ناصـل
يمشيـن حول عقيلة منسوبة كالبـدر بيـن دمالـج وخلاخـل
نصح الحميم يجول في أقرابها حول الحباب إلى الحباب الجائل
يعضضن من غيظ لعيّ أنامـلا ووددت لو يعضضن صمّ جنادل
ويقلـن : إنك يا بثين بخيلـة نفسي فـداءك من ضنين باخل
ولن ألفتك أو وصلـت حبالكم لعلى المودّة من ضمير الواصل
فصلي بحبلك يا بثيـن حبائلي وعدي مواعـد منجز أو ماطل
________________________________________
قافية الميم
أتوهـا بقـولٍ لم أكـن لأقولـه وكلّهـم حـرف عليّ ظلـوم
بقولٍ جزيت النـار إن كنت قلته وكلّ جـزاء الظالميـن أليـم
لكِ الخير هلاّ عجت حتى تفهمي وذو اللّب في كل الأمور فهيم
فتستيقني أن لم يكن من خلائقي وذلك أمـر يا بثيـن عظيـم
________________________________________
ألا ليتني أعمى أصمّ تقودني بثينة لا يخفى عليّ كلامها
________________________________________
قافية النون
شهـدت بأني لم تغيّر مودّتي وأني بكم حتى الممات ضنين
وأن فؤادي لا يلين إلى هوىً سواكِ وإن قالوا : بلى سيلين
وإني لأستغشي وما بي نعسةٌ لعلّ لقـاءً في المنـام يكون
________________________________________
أرى كل معشوقين غيري وغيرها يلذّان في الدنيـا ويغتبطان
وأمشي وتمشي في البـلاد كأننا أسيـران للأعـداء مرتهنان
أصلي فأبكي في صلاتي لذكرهـا لي الويل مما يكتب الملكان
ضمنت لها أن لا أهيـم بغيرهـا وقد وثقت مني بغير ضمان
ألا يا عبـاد الله قوموا لتسمعوا خصومة معشوقين يختصمان
وفي كـل عـام يستجدّان مـرة عتابا وهجـرا ثم يصطلحان
يعيشان في الدنيـا غريبين أينما أقاما وفي الأعوام يلتقيـان
________________________________________
فما لك لمّا خبّر الناس أنني أسأت بظهر الغيب لم تسليني
فأبلي عذرا أو أجيء بشاهد من الناس عدل أنهم ظلموني
________________________________________
تجنّى عليّ الذّنب أهلي وأهلها ولو عرفوا وجدي بها عذروني
________________________________________
قافية الهاء
خليليّ إن قالـت بثينـة : ما له أتانا بلا وعدٍ؟ فقولا لها : لها
أتى وهو مشغولٌ لعظـم الذي به ومن بات يرعى السّها سهـا
بثينة تزري بالغزالة في الضحى إذا برزت لم تبث يوما بِها بَها
لها مقلة كحـلاء نجـلاء خلقة كأن أباها الظّبي أو أمّها مهـا
دهتني بودّ قاتـل وهـو متلفي وكم قتلت بالودّ من ودّها دها
________________________________________
أبلغ بثينـة أني لست ناسيهـا ما عشت حتى تجيب النّفس داعيها
بانت فلا القلب يسلو من تذكّرها يوما ولا نحن في أمـر نلاقيهـا
________________________________________
على الـدار التي لبست بلاهـا قفـا، يـا صاحبيّ، فسائلاهـا
ومـا يبكيـك من عرصات دار تقـادم عهدهـا وبـدا بلاهـا
ذكـرت بها التي ترمي فتوري إذا ما أرسلت سهمـا شواهـا
أتيحـت لـي ونفسي قد تجّلت عمايـة غيّهـا ورأت هداهـا
وزايلها السفاه فليـس منهـا وتـاب الحلم واجتنبت صباهـا
وقـد طالبتهـا حتـى مللنـا مواعدهـا وأعيانـا منـاهـا
فما جـادت لنـا حتى وردنـا حياض المـوت أو كدنا نراها
ذكرتـك إذ رأينـا أم خشـف بذي ضـال تريع إلى طلاهـا
رأتنـا قاصديـن لهـا فولّـت أمام الخشف مضطربا حشاها
وقـد حفّ الرّمـاة بجانبيهـا وكلّهـم على حنـق يـراهـا
فجالـت ساعـة ثم استظلّـت إلى سنـد تحـاول ملتجاهـا
إليه تـارة تـرمـي بطـرف وأخرى نحونا قلقـا حشاهـا
وقد آليـت خشيتهـم عليهـا اكلّـم منهـم رجـلا رماهـا
فقالوا: ما دهاك؟ فقلت: نفسي وبيـت الله تعلم ما دهـاهـا
وما بي فاعلموا من حبّ ظبيٍ ولكنّي ذكـرت بهـا سواهـا
ألا يا شبـه ذات الخـال قرّي بأرضك لن تراعي في رباهـا
فقد أشبهـت ذات الخـال إلا مناط القـرط منهـا أو شواها
وساقـك حمشة والسّاق منها خدلّجة يغـضّ بهـا براهـا
ولو ماشيتهـا لعجلـت عنها وذات الخال مقصور خطاهـا
ولكنّ الـذي أشبهـتِ منهـا مقلّدهـا العتيـق ومقلتاهـا
________________________________________
قافية الياء
أعدّ الليالي ليلة بعد ليلة وقد عشت دهرا لا أعدّ اللياليا
________________________________________
ألم تعلمي يا عذبـة المـاء أنني أظلّ إذا لم أُسقَ مـاءك صاديا
وودت على حبّي الحيـاة لو أنّها يزاد لها في عمرها من حياتيا
فما زادني الواشـون إلا صبابـة ولا زادني النّاهون إلا تماديـا
وقالـوا بـه داء عيـاء أصابـه وقد علمت نفسي مكان دوائيا
هي السّحـر إلا أنّ للسّحـر رقية وإنّي لا ألفي لها الدّهـر راقيا
أحبّ من الأسماء ما وافق اسمها وأشبهه أو كان منـه مدانيـا
التعليقات (0)