مواضيع اليوم

ديموقراطية البلاد و العباد 2 - رواية -

mariam al sayegh

2009-10-25 01:53:26

0

2

لقاء مع نورا

تلفن أحمد إلى الحاج رئيس الحزب مخبرا إياه بأنه سيتعطل قليلا حتى يتسنى له زيارة عمه لتفقد أحواله الصحيه..

توجه إلى مقهى قرب ساحة جامع الفنا لملاقاة صديقته نورا التي تعرف عليها مؤخرا.هذا هو لقاءه الثاني معها.في اللقاء السابق كان قد طمأنها بقدرته على التدخل لها لدى الحاج رئيس الحزب لإيجاد عمل شريف لها؛من يرغب في الحصول على عمل شريف فهو إنسان شريف مثل نورا الجميلة.

آخرون يعرفون بأن نورا فاسدة مثل والدتها فطومة و لكن أحمد خارج عن الواقع و المجتمع و يسبح في عالم الثقة و المثل..فطومة يعرفها القاصي و الداني و يعرفها أصحاب الجنس كما يعرفها المخزن و هو خير العارفين..

انتظر نصف ساعة فلم يظهر لها أثر فبدا مرتبكا مثل الأحمق.تلفن لها بهاتفه المحمول فكان الإتصال رديئا ليحاول الإتصال مرات و مرات.ها هي بدت في الأفق ؛فتاة جميلة ذات قوام رشيق لا يطأ سنها العشرين ربيعا.

-صباح الخير نورا.لقد تأخرت في الموعد..

-صباح الخير أحمد..الأشغال المنزلية تتطلب الكثير من الجهد و الوقت

-ولكن لو لم تتأخري لما أحسست بأهميتك نورا..

و أبدت ابتسامة موجزة و تفرست في أحمد : هل تطرقت إلى موضوعي مع الحاج ؟

-طبعا.الحاج و ما أدراك ما الحاج.زيادة فالسياسيون يجتهدون في تشغيل الشباب لكسب المزيد من الأصوات في الإنتخابات الجماعية و النيابية.و حتى و لو لم تكن السياسة موجودة فالجمال موجود و هو يكفي بأن نحقق له احتياجاته الخاصة..

ابتسمت ابتسامة وا ضحة و علقت :اللهم استر العيب…..قل لي كيف كان المؤتمر الحزبي؟

-هذه المرة لم يكن مؤتمرا مهما كما عهدناه سابقا..لقد أثر فيه تغيير المناضلين لمخلاتهم؛في نظري لا يوجد ما هو أندس من الميدان السياسي؛الطمع،الجشع،النفاق،الوصولية،الذبح لهذا و ذاك من الأذن إلى الأذن..ما شاء الله..

-لا تكن متشائما يا عزيزي.

-هل أنافق نفسي؟تخلف عميق و أسئلة كثيرة معلقة؛هذا ما أقتنع به.لقد عاينت الإجتماع لمدة يسيرة فلم أجد فيه غير النفاق؛طبقات اجتماعية متناقضة حضرت الإجتماع و كان شغلها الشاغل هو التظاهر على بعضها البعض..تصفحت الكثير من البيانات الحزبية فوجدتها تضخيم للذات الشخصية لكبار الحزب و زبانيته المسيطرة..مع احترامي للحاج و لفضله علي و على الكثير من الشباب فالنضال ما هو إلا مراوغات و فن في الجدل الذي ينعش قلوب اليائسين….سأترك السياسة جانبا و سأسر إليك بأنه منذ تعرفي عليك أدركت أهمية الدور الذي تلعبه المرأة في حياة الرجل و لهذا أعترف إليك بأن الروتين اليومي ينأى بنا عن حقيقة الجمال الذي نصطدم به صباح مساء…

أبدت إعجابا مصطنعا و ظن بأنه أمام امرأة على نفس الميتافيزيقيا التي يظن؛؛؛لا علم له بدعارتها و بدعارة والدتها فطومة و كذلك خالتها نجمة.

-اسمعي يا نورا.سأسر إليك ببعض الملاحظات التي لا يعرفها كل الناس؛خلال خدمتي للمناضلين تعرفت على أحد القياديين بالحزب؛إنه الكوميسير صاحب العقارات و المشاريع.مردود العقارات التي يمتلك يدر عليه الملايين شهريا..(جحظت عيناها من شدة اللهفة في التعرف على أمثال هؤلاء…)المواطنون العاديون همهم هو تحين الفرص لينقضوا على بعضهم البعض.لا تهديهم عقولهم إلى أن لهم إزاء وطنهم واجبات نضالية لمحق الفساد تغنيهم عن تتبع ملهاة الأحزاب..المجتمع يهب الثراء للمجرمين و المنافقين..مجتمع شبيه بامرأة أنجبت الوحوش؛كان بالإمكان ترقب المواليد الصالحين لكنها كفت عن الإنجاب…

-لا حول و لا قوة إلا بالله..كل هذا الحقد.أنا لا أحب المتشائمين يا أحمد.ما يهمني هو التعرف على الحاج.سألح عليه حتى يجد لي عملا بين عشية و ضحاها.

-ما عليك إلا الصبر.ستجدين عملا إن شاء الله..سأقنع الحاج بالأمر..

أبدت نظرات و آهات ؛احتجت و تأسفت على عجزه أمامها و ساد بينهما صمت شاذ.

كسرت وجومه بتقربها منه و بابتسامة ودودة صفراء.

-عزيزي أحمد.أنا أحب الدعابة و لكن قلبي أبيض و نيتي كلها صفاء.

قطبت ملامحها من جديد و انقلبت مثل الدهر و تكلمت بحدة و على مراحل:

-طلبت مني هذا اللقاء فها نحن قد التقينا..يستهل الناس لقاءاتهم بعبارات الود و المجاملة فها نحن استنفذنا الفظ من العبارات كأننا في حزن..الناس يربحون الملايين يوميا و أنت تبكي.كن ذئبا ؛مع الأسف عقلك واهن،تريد فقط أن تتظاهر بي أمام أصدقاءك.كان بودي أن أرفض اللقاء معك لكني احترمت شعورك البريء(صمتت قليلا و تابعت)اذهب لحال سبيلك.سمعت!

بعد صمت طويل كان كل واحد يشعر بأحاسيس خاصة إزاء الآخر.و كان إحساس أحمد هو التبرم و الرغبة في البقاء لوحده..

وضعت يدها على صدره و قالت:

-بالأمس قلت بأنني لا أجيد التمثيل ،هل أجيده أم لا؟أنا ممثلة ضائعة (تنهدت و تابعت بفتور)هيا عزيزي لنذهب!لقد غادرت المنزل بصعوبة،المشاكل ثم المشاكل ثم المشاكل..و أعيش في المشاكل..قلبي مثقل بالهموم،تنتظرني الأشغال المنزلية،شقيقتي سميرة مشتغلة بدراستها و من جهتي لا أريدها أن تفشل فيها مثلي.والدتي هي الأخرى لا أريدها أن تتعذب و أتمنى أن تكون لها جرأة خالتي التي تمتهن التجارة في السلع المهربة..أنا الوحيدة التي تتحمل الأعباء.لكم أتمنى أن أتعرف على إنسان ثري أربط معه علاقة و يدخلني إلى عالم الرفاهية؛نسافر متى نريد و نستمتع بالحياة كما نريد.

صوبت العين اليمنى في اتجاه و اليسرى في اتجاهآخر و قالت مقلدة تقزز العاهرات المتمرنات على المواقف و نقيضها:

-لست مستعدة لأن أكون موضوعا لأوهام أي أحد من الرجال.إذا كنت جميلة فجمالي ليس سلعة للعرض و لا أنتظر من أحد بأن يساومني..مفهوم.

اغتصبت من شفتيها ابتسامة رقيقة لتزرع فيه الحيوية بعدما زرعت فيه الحنق؛عيناها بدتا حالمتين تفكران في عالم بعيد.و طلبت منه أن يفترقا و ختمت بأن هذه هي الحياة.

-اسمع!إني أريد من الحاج أن يجد لي عملا في شركة للخياطة العصرية!سنلتقي غدا في مثل هذا الوقت لتعرفني على الحاج..

المومسات تعرفن بأن الحاج رئيس الحزب جدير بالمعاشرة ؛ فهو يعقد ليالي حمراء بمعية زوجته خديجة و تحضرها شخصيات ثقيلة في الميزان …الحاج رئيس الحزب فنان تحيط به ترسانة من الشخصيات المهمة..و آخرون يمثلون ذيل الجوقة مثل البستاني و ميمون و مصطفى الحارس.

-هيا معي أحمد إلي المنزل لتتحفنا والدتي بأخبار زمان!

-اعذريني.

يتبع




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !