لويس إناسيو لولا دا سيلفا، الرجل ذو الميول اليسارية الذي دمج اقتصاد بلاده مع الاقتصادات العالمية والذي انتُخب رئيسا للبرازيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2002، كمرشح عن حزب العمال، ليصبح أول رئيس يساري ينتمي إلى الطبقة العاملة، آتيا من العمل كماسح للأحذية بضواحي ساوباولو، وصبيا بمحطة بنزين، وخراطا، وميكانيكي سيارات، وبائع خضار. فمن هو ذلك الرجل الذي أسهم في جعل بلاده ضمن أقوى الاقتصادات والقوى الإقليمية المحورية في أميركا الجنوبية والذي يقول إنه فيما يتعلق بسياسته الخارجية، يتبنى سياسة خارجية براغماتية، ويرى نفسه مفاوضا وليس أيديولوجيا؟ لولا دا سلفيا متحدر من أسرة فقيرة من شمال شرقي البرازيل. ويعد لولا، والتي تعني بالبرتغالية الكالمار أو الحبّار وهو نوع من السمك (أطلق دا سيلفا هذا الاسم أثناء حملته الانتخابية عام 1982)، من أبرز الزعماء السياسيين الذين خرجوا من رحم الفقر والتهميش إلى قمة هرم السلطة في بلادهم. وُلد لولا في 27 أكتوبر (تشرين الأول) 1945، بمدينة كارانهونس الواقعة في ولاية برنامبوكو الفقيرة شمال شرقي البرازيل، حيث عاش الهنود الحمر آلاف السنين، قبل أن يأتي البرتغاليون، ليختلطون معهم، ويتزوجوا منهم. واليوم، تتكون أغلبية سكان الولاية من «ميستيزو» (الخليط الأسمر). لكن توجد أقليات بيضاء وسوداء وحمراء. ويشير «سيتيس»، اسم المدينة التي ولد فيها دا سيلفا، إلى قبيلة من قبائل الهنود الحمر. وهو الطفل السابع لعائلته المكونة من ثمانية أطفال.
واضطرت العائلة أن تسكن في غرفة واحدة في منطقة فقيرة في المدينة، غرفة خلف ناد ليلي، تنبعث منه موسيقى صاخبة، وشتائم سكارى. وقد أسهمت الأم أريستيديس بشكل كبير في تربية وتكوين شخصية دا سلفيا، ولذلك يعترف لولا قائلا «لقد علمتني أمي كيف أمشي مرفوع الرأس وكيف أحترم نفسي حتى يحترمني الآخرون». بدأ لولا دراسته في سن مبكرة، غير أنه توقف عن التحصيل الدراسي في مستوى الخامسة من التعليم الأساسي، بسبب المعاناة الشديدة والفقر الذي أحاط بأسرته، الأمر الذي اضطره إلى العمل كماسح للأحذية لفترة ليست بالقصيرة بضواحي ساوباولو، وبعدها صبيا بمحطة بنزين، ثم خراطا، وميكانيكي سيارات، وبائع خضار، لينتهي به هذا الحال كمتخصص في التعدين، بعد التحاقه بمعمل «فيس ماترا» وحصوله على دورة لمدة ثلاث سنوات. وفي سن الـ 19، خسر لولا أصبعه الصغير في يده اليسرى في حادث أثناء العمل في مصنع قطع غيار للسيارات، الأمر الذي دفعه للمشاركة في اتحاد نقابات العمال ليدافع عن حقوقه وحقوق زملائه.
ويتمتع لولا بشعبية كبيرة بين البرازيليين خاصة الفقراء منهم؛ ولذلك يطلقون عليه «نصير المحرومين» أو «بطل الفقراء»، حيث استطاع أن يقنع العديد من رجال الأعمال والطبقة المتوسطة بالالتفاف حول الفقراء، كما وضع برامج اجتماعية أسهمت إلى حد كبير في التحسينات الأخيرة التي تشهدها البرازيل. لكنه أيضا واجه انتقادات كبيرة بسبب فضائح الفساد المتكررة والتي تستفيد بها مجموعات خاصة في الدولة وشخصيات من حزبه.
دوليا، يعد لولا الرئيس الأكثر نشاطا لمحاربة الجوع عالميا، ويعتبره الكثير من التقارير خبيرا في مجال الاقتصاد برغم افتقاره للخلفية الأكاديمية، وقد اقترح لولا تمويل برنامج لمكافحة الفقر من خلال فرض ضريبة على مبيعات الأسلحة في العالم، كما ينتقد باستمرار الاتجاهات الحمائية في التجارة، ويحمل الدول الصناعية الكبرى سبب الأزمة المالية العالمية الحالية، وقد دعاها إلى أن تتحمل مساعدة الدول الفقيرة من أجل تجاوز تداعياتها.
أما فيما يتعلق بسياسة لولا الخارجية، فهو يتبنى سياسة خارجية براغماتية، ويرى نفسه مفاوضا وليس أيديولوجيا، ونتيجة لذلك، فقد جمعته علاقة صداقة بالرئيس الفنزويلي هوغو شافيز والرئيس الأميركي السابق جورج بوش، وحاليا يتمتع بعلاقات جيدة مع الرئيس باراك أوباما والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. ويعد حصول البرازيل على مقعد كعضو دائم في مجلس الأمن هدف لولا الرئيسي في السياسة الخارجية. كما يعد الالتفات نحو منطقة الشرق الأوسط، وتوطيد علاقاته مع العالم العربي، توجها رئيسيا لدى الرئيس لولا، ولذلك فهو يعتبر «مهندس قمة الدول العربية ودول أميركا الجنوبية» التي انطلقت في برازيليا عام 2005، وله العديد من المواقف الجيدة في دعم القضية الفلسطينية، وتنديده بالعدوان الإسرائيلي المستمر، وسعيه الدائم لأن يكون له دور أكبر في المساهمة في إحلال السلام في الشرق الأوسط.
و قد كانت له مواقف مشرفة لقضايانا الإسلامية و أخرها اعترافه بالدولة الفلسطينية بحدود 1967 .و أمام كل هذه الإنجازات العظيمة لبلده و لشعبه إلا هذا لم يمنعه من التخلي عن السلطة احتراما للدستور الذي ينص على عهدتين فقط ،و احتراما كذلك للشعب.أما حكام العرب المستبدين ، رغم أنهم لم يقدموا شيئا للوطن و للشعب و ما قدموه لنا سوى الفقر و القهر و الاستبداد و الخزي و العار.....إلا أنهم لم و لن يتخلوا عن الحكم أولا حبا في الزعامة و الظهور وثانيا مخافة أن يحاسبهم الشعب بسبب فشلهم على كل الخط.فقد غير الدستور في سوريا و تونس و الجزائر من أجل البقاء في الحكم مدى الحياة، أي حتى زيارة ملك الموت له ليقبض روحه الخبيثة و العفنة إلى رب عليه غضبان ، و أخرهم الرئيس اليمني الذي سيلتحق بقافلة الديمقراطية " ما شاء الله" على شاكلة رؤساء القبيلة.
ولكن إذا ما قرننا بين طفولة دا سيلفا و حكام العرب نفهم جيدا لماذا يحترم الدستور هناك و لماذا ينتهك و يهان هنا ؟؟؟ .من نشأ مع الفقر و الفقراء ليس كمن نشأ في القصور و الخدم و البذخ و النساء و الجواري ...... ،من كان همه الوطن و الشعب ،ليس كمن همه الكرسي و العائلة ثم التوريث ،من كان همه العمل من أجل مصالح بلده و من أجل مصالح شعبه ، ليس كمن همه مصالح أمريكا و إسرائيل ( للبقاء في الكرسي) .لا أريد أن أدخل كثيرا في المقارنة بين هذا الرجل الشهم و بين المخنثين من الحكام الغير شرعيين لبلداننا المسكينة المقهورة و المغلوبة على نفسها .
و أخيرا أقدم التعازي الخالصة للديمقراطية في وطننا العربي بدخول عام جديد بمنتهك جديد لها ( الرئيس اليمني) و مزيدا من التألق و التقدم إلى الهاوية .......
لا تحزنوا .......لأن الجحيم سيستمر..............
التعليقات (0)