في الوقت الذي يلتزم فيه النظام الجزائري الصمت ، حيال الثورات العربية الحامية الوطيس ، والدّائرة رحاها بين الشعوب المقهورة والأنظمة الديكتاتورية !.. وفي الوقت الذي يلتبس فيه الأمر على المراقبين من موقف الجزائر الرسمي ، والحقيقي من تلك الأحداث والثورات !.. فما بين متّهم لها بدعم الأنظمة المستبدة المُتهاوية ، بالأسلحة وبجيوش من المُرتزقة .. وما بين مُثنٍ على حيادها ورفضها لأي تدخلات أجنبية غربية في الشؤون الداخلية للدول العربية ، حتى ولو كان ذلك الرفض لفظيا كلاميا ورمزيا لا يُسمن ولا يُغني من جوع ؟!.. يبقى الشعب الجزائري (يشحت) من نظام (العزة والكرمة) ، سكن لائق ولقمة عيش طيبة ، في جزائر تفيض أراضيها بالخيرات لكنها ممحوقة البركة (والعياذ بالله) !.. ويبقى ينتظر موقفا (رجوليا) تجاهه وتجاه أوضاعه ، من ذاك النظام (الشهم) ـ الذي يُدافع عن الحريات والديمقراطيات العربية بعيدا عن أجواء الجزائر ، و(المُتأمّل) المُعجب في صمتٍ بالربيع العربي وبالشتاء والصقيع الجزائري !..
الواقع أن نظام الحكم في الجزائر لايختلف عن أي نظام آخر في قسوته وإستبداده ، سوى في حيلة واحدة .. ماكرة !.. هي (ديمقراطية الواجهة) ؟!.. أي أن النظام المدني المُمثل في (منصب) رئيس الجمهورية ، وفي الأحزاب والحركات اللبيرالية ، والإشتراكية ، وحتى الإسلامية المحسوبة على المُعارضة ، والمُتكالبة على مفاتيح (الخزينة العمومية) !.. كل أولئك ممثلون ومهرجون وحتى دُمى وجراجوزات في مسرحية هزلية سخيفة ، يرفع أصحابها (يافطات) قد تختلف (ظاهرا) لكنها تتشابه (باطنا) في (ولائها المُشترك) لنظام العسكر والجنرالات !.. وتبقى تلك الأحزاب والحركات كالخدم والعبيد المُجبرون على الصراخ والتنديد بدكتاتورية أسيادهم في الشوارع وعلى الملأ وجهارا نهارا .. وإذا أظلمت الدنيا وحلّ المساء يتسللون إلى قصور أسيادهم ، ويشاركونهم عربدتهم ، ويسكرون معهم على آلام ومعاناة الشعب ؟!..
قد يجلس على كرسي الحكم في الجزائر، مدنيا مُحبّا للعدل وآخذا بأسبابه كعمر بن الخطاب رضي الله عنه ، لكنه ـ يقينا ـ لن ينهض من فوقه (إذا بقي على قيد الحياة) بنفس العقلية والشخصية والمبادئ التي جلس بها ؟!.. لأنه سيكون مجرّد (ريموت كنترول) في أيدي الجنرالات ، وذاكرة حية ومخزنا لتوجيهاتهم وتوجّهاتهم !.. وتلك الأيدي لايعرف أكثر أصحابها ما الإستنجاء ، وما الوضوء ، وما الإغتسال ، وما القبلة ، وما الإسلام حتى ؟!..
النظام (الحقيقي) في الجزائر يُماطل الشعب ، في إجراء إصلاحات جدّية وملموسة !.. وهو يُماطل بأحزاب (المُعارضة الشكلية) المُطالبة بملئ أفواهها وجيوبها أتعابا لقاء تضليلها وصراخها !.. وهو يكتفي بالفُرجة ، بمدّ إحدى عينيه على الخارج وعلى الجار الليبي ، والعين الأخرى على الداخل وعلى شعبه وتحركاته !.. وهو يترقب في كل ذلك ما سينتهي عليه كابوس ليبيا ، وما سيُخلفه الوضع هناك من تبعات ، وتأثيرات ، وظلال ، وإنعكاسات سيُلقي بها ـ حتما ـ على الجزائر !.. ليعرف حينها كيف سيتعامل مع مطالب الشعب الجزائري ، وكيف سيسطر مصيره (الديمقراطي) القادم ؟!.
01 . 06 . 2011
التعليقات (0)