ديكتاتورية العلمانية بين الرأي والرأي الآخر
أبسط وسيلة لمعرفة ما إذا كان شخص ما يثق بنفسه ومن صدق أفكاره وقناعاته هو مراقبة ورصد ردود أفعاله حينما يتعلق الأمر بالآتي:
1) إنصراف الغير عن تقبل أطروحاته.
2) طرح الآخرين رايا مخالفا لرأيه ولو كان ذلك بطريق غير مباشر.
3) تفنيد الآخرين لآرائة وأطروحاته بطريق مباشر.
ولكن حتى هذه اللحظة فلربما يساورك شك في مدى (وليس مبدأ) عدم ثقة هذا الشخص بما يحمل أو يطرح من آراء .. إذ ربما تعتقد أنه:
- عصبي المزاج لطبيعة وضعها الله فيه لا يستطيع الفكاك من أسرها شاء أو أبى ..
- أو أنه لا يرغب في أن تكون هناك آراء أخرى لا تتماشى مع آرائه وأفكاره وقناعاته.
- أو أنه من ذلك النوع الأحمق المتعالي المتعجرف الذي لا يرضى بأن يعارضه أحد أو يسفه له أحلامه . أو مجرد أن يمارس حقه في تفنيد ما يكتب أو يطرح عبر وسائل شتى من آراء ....
كل ذلك مبلوع ويمارسه أكثر من فرد وجماعة وكتلة وتوجه فكري ونظام سياسي ديكتاتوري أو ديمقراطي وتكتل إجتماعي بأكلمه أحيانا كثيرة.
.................
ولكن متى يصبح الأمر دليل عدم الثقة بالنفس أو بواقعية أفكار الفرد وقناعاته الحقيقية الداخلية ، ومتاجرته بما يردد كالببغاء تنفيذا لأجندة خارجية يقبض ثمنها شهرا بشهر أو بحسب عدد المقالات التي يكتبها؟
مثله مثل الأنظمة الديكتاتورية يبدأ الفرد في ممارسة سلطات القمع الإداري وأساليب المطاردة البوليسية لفرض الآراء التي يؤمن بها وإقصاء التي لا يؤمن بها عن ساحته الإعلامية التي يسيطر عليها أو يسيطر عليها تياره على أقل تقدير.
وكذلك تسعى الدول عبر تعديل الدستور أو إضافة العديد من الملاحق وسن اللوائح وقوانين طواريء تعسفية ، مستغلة ما لديها من نفوذ وسلطات وقدرات بوليسية وأدوات بطش وإذلال وحرب أرزاق متعددة لتكريس ما تقتنع به في مواجهة أفكار وقناعات الغير ...
ولعل لجوء الدول الغربية مؤخرا إلى تجيير قوانين ولوائح بعينها مستعينة في ذلك بمجالسها النيابية والبلدية لفرض حصار معلن وغير معلن على عقائد وعادات وتقاليد وقناعات وأفكار العرب والمسلمين المقيمين في تلك البلدان الغربية أو الذين حصلوا على جنسياتها وفق اللوائح والقوانين مستغلين ضعف أوضاعهم الإجتماعية بوصفهم مجنسين ومن حيث حاجتهم للعمل بغرض توفير لقمة العبش لهم ولأولادهم في تلك البلدان ... لعل في ذلك الإستغلال البشع لظروف هؤلاء ما يؤكد إفلاس هذا الغرب الفكري الذي ورط نفسه بالإنزلاق الأحمق في مستنقع العلمانية الآسـن.
والمثير للضحك والقرف في آن واحد هو أن تلك الدول الغربية ، وعلى راسها فرنسا حاملة لواء العلمانية الجوفاء والحرية الكاذبة ، تطالب هذه الدول المجتمعات والحكومات العربية بوأد كل قانون أو منهج تربوي يعارض العلمانية ، أو يعنى بتكريس الفضيلة الإسلامية في عقول ووجدان النشء ...... والذريعة في هذه الحالة معروفة وممجوجة سخيفة باردة كالثلج وهي محاربة الإرهاب .... ولتصفية آثار هجمات 11 سبتمبر التي لا يشك ثلاثة في معظم أنحاء العالم أنها جاءت تنفيذا لخطط تم إعدادها والترتيب لها داخل الولايات المتحدة نفسها ، وعلى أعلى مستويات التقنية الرقمية من قبيل تعطيل أجهزة الكمبيوتر داخل المطار ، وبرمجة نظام الملاحة الجوية الآلية سلفا للطائرتين الأولى والثانية اللتان إصطدمتا ببرجي مركز التجارة العالمي ... والتعتيم على شكوك تفيد بوجود قنابل مزروعة في هاتين الطارتين ، ومواد كيماوية متفجرة وشديدة الإشتعال تم حقنها في خزانات الوقود . ومعينات لوجستية أخرى دعمت تنفيذ هذه الهجمات بنجاح لايرقى إليه تخلف الذهنية العلمية والتقنية وإنعدام الخبرة لشباب من دول العالم الثالث والمتخلف تقنيا لا نستطيع إنكارها.
على أية حال لم يعد يخفى على أحد الآن أن الكيل بمكيالين بات يشمل كل كبيرة وصغيرة فيما يتعلق بالعلاقة بين العرب والمسلمين من جهة وبين الغرب المسيحي والعلماني من جهة أخرى .... وبعد أن كان يطالبنا هذا الغرب الذي يدعي الديمقراطية وحرية المعتقد والرأي .. بعد أن كان يطالبنا بالإنصات إليه والحوار معه .. بات الآن وبعد أن ضاق ذرعا ونفذ صبره وأعيته الحيل والأساليب الشتى التي حاول ولا يزال يحاول بها تغيير مسارات وقناعات مجتمعاتنا العربية بوجه خاص والإسلامية بوجه عام ؛ بات يميل إلى كشف وجهه الديكتاتوري المتسلط الحقيقي الذي يستتر خلف العديد من القوانين المقيدة للحريات الدينية والفكرية في بلاده . وهو يتجه الآن في مرحلته التالية لفرض قناعاته قسرا على الشعوب العربية والإسلامية في عقر دارها عبر إستغلال العديد من الوسائط البشرية الوطنية العميلة أو تلك التي قامت يمنحها جنسياتها لديها والتي تم شراؤها بمختلف الأسعار.
ومن جملة الأساليب الرخيصة المحتوى التي حملها الغرب إلينا هو إشعال الفتن والحروب الداخلية ، وإمداد الأطراف المتنازعة بالأموال والعتاد والأسلحة أو الغزو العسكري المباشر ، فضلا عن إختلاق وتمويل العديد من الفضائيات والإذاعيات والمواقع الألكترونية الخبيثة المحتوى ؛ وإقتناص فقر بعض الدول العربية وحاجتها للمعونات المالية والغذائية أو الوعد بغض الطرف عن سجلات أنظمتها في مجال حقوق الإنسان ....
وفي الوقت الذي ينادي فيه التيار العلماني بعدم إبراز الدين وعباداته وتكريس تعليمه ؛ نراه هو نفسه يناقض نفسه حين يحارب الدين بوجه سافر وسلاح خاسر حيث يروج لنظريات واهية وديماجوجية تصدر بين الحين والآخر ضد الأديان يزعم صاحبها (بعد خروجه لتوه من المرحاض والروائح الكريهة تنبعث من تحت ملابسه الأنيقة) أنه لا يعترف بوجود خالق له وللكون ... سبحان الله وما أجهل الإنسان الذي خلقه الله عز وجل من نطفة فإذا هو خصيم مبين.
التعليقات (0)