دوما .. قصة مدينة منكوبة
مدينة دوما او مدينة المآذن ، عاصمة ريف دمشق واكبر مدن الريف السوري تعدادا للسكان . لم يكن حقد النظام السوري على المدينة وليد الاحداث او الثورة بل هو منذ عشرات السنين وذلك لعلم النظام بالتركيبة السكانية والاجتماعية والثقافية للمدينة تماما مثل حقده على مدينة حماة وقمعها بين الحين والآخر ،ومن يرى دوما الان لايعرفها وهي التي كانت واحة الغوطة ومركز خيرات الشام ، ولن اتحدث في مقالي هذا عن تاريخ المدينة فقد سرده الكثيرون وسجلته امهات الكتب والمراجع عبر فترات متتالية من الزمن ، ولكني سأذكر للقراء الاعزاء ان مخطط تدمير المدينة كان معدا قبل اندلاع الثورة بسبب توجهها الديني واستعصائها على التشيع خاصة وان المراجع الدينية في ايران اعطت الضوء الاخضر لتخريب دوما وبعض مدن حماه وريف حمص وقرى عديدة وهي التي فشل بها المبشرون الشيعة على مدى سنوات من العمل ، ويذكر التاريخ القريب جدا ان احد آيات ايران عندما فشل في اقامة حسينية للشيعة في دوما وكذلك لم يستطيع القاء دروسه التبشيرية فيها قال : سندخلها كشيعة على انقاض وجثث اهلها " هذه المقولة وجدتها في اكثر من موقع وذكرها لدينا الثقات " وايضا كلنا يذكر كيف ان دبابة دخلت دوما في بداية الاحداث وقد كتب عليها "ستبكي عليك بابا عمرو يادوما " ووقتها كانت المجازر الكبرى تتم في حمص والشمال فلماذا هذا الاعداد المسبق لتدمير دوما قبل ان تقترف المدينة مايستوجب الازالة ؟
دوما مدينة الاباء والرجولة والشهامة والكرم يعرفها كل من زارها وكل من تعامل مع اهلها ، لم يستطيع النظام ان يغير شيئا كثيرا من طبائع اهلها وعاداتهم وطيبتهم على مدى سنوات من المحاولة ، متدينة وملتزمة ولها ثوابت واسس ، من عاش فيها لزم طريق الادب والصواب وتعلم سلوك الرجال ، تجمع بين الريف والمدينة كما تجمع بين العلم والعمل ، رجالها جبال شامخة ونفوس ابية وتضحيات متواصلة ، ونساؤها حرائر واخوات الرجال ، واطفالها مشاريع رجولة لاتتوقف ، كانت اول من ضحى في دشق ودم اهلها اول دم سال في الشام ولهذا سارع النظام الى تنفيذ مخططه فيها فدمر بنيانها واهدر دم اهلها واعمل فيهم القتل والتشريد ، صغيرهم قبل كبيرهم ، ونسائهم قبل رجالهم ، واطفالهم قبل عجائزهم ، لم يسلم من رصاص حقده لاشيخ ولا عجوز ولا امرأة ولاطفل رضيع ولم تسلم حتى الدواب والحيوانات ، وكأنها "وصية شارون في اطفال غزة " دوما الان مدينة منكوبة ، مهجورة ، مدمرة ، لاحياة فيها ، تتشح بالسواد العام ومع هذا لايزال النظام يخشى حتى من مقابرها ، فقصف الاموات خوفا من عودتهم للحياة ورعبا من مقولة ان " في دوما الثأر لايموت " .
د. رشيد بن محمد الطوخي
التعليقات (0)