مواضيع اليوم

دول الساحل الإفريقي تعزل الجزائر من تنسيقية محاربة تنظيم القاعدة

شريف هزاع

2010-09-28 12:03:22

0


عبـد الفتـاح الفاتحـي

عقد مسؤولون في أجهزة استخبارات في ست دول من غرب إفريقيا من دون الجزائر، وهي (مالي، النيجر، تشاد، السنغال، بوركينا فاسو، نيجيريا) اجتماعا في باماكو لبحث سبل مكافحة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، هو إعلان وفاة تنسيقية تمنراست الجزائرية.

وبناء على ما قاله أحد المشاركين للصحافة من أن "الأمن في منطقة الساحل والصحراء قضية تهم الجميع، ولكن الهدف من هذا الاجتماع هو تعزيز الروابط بين دول جنوب الصحراء لتحسين الفعالية"، يمكن تلمس الإشارة الباطنية إلى النزاع الجزائري المغربي حول المشاركة في قوات دول الساحل لمكافحة تنظيم القاعدة، ويفهم أيضا أن دول الساحل قد استوعبت ضرورة الخروج من أي توظيف سياسي لصالح الجزائر ضد السيادة المغربية على الصحراء، وهو ما استدعى إذن إقصاء الجزائر من هذا التنسيق.

وبرز السعي الذاتي لدول الساحل الإفريقي بمكافحة الإرهاب، مباشرة بعيد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بأنهما ليستا مستعدتين بالتكفل بمحاربة تنظيم القاعدة في الصحراء الإفريقية، في وقت كانت تشيع فيه الجزائر بأن الولايات المتحدة الأمريكية تستعد للسيطرة على الموارد الطاقية في الصحراء الإفريقية تحت غطاء مكافحة تنظيم القاعدة.

ويرى المراقبون أن انعقاد هذا الاجتماع من دون الجزائر، هو تأكيد ملموس لفشل المشروع الجزائري في التأسيس القيادة العملياتية العسكرية المشتركة في تمنراست مع كل من موريتانيا، النيجر ومالي، فشل لم يكن فيه المغرب خارج دائرة الضغط التي مورست من أجل إنهاء الأماني الجزائرية في قيادة أكبر قوة عسكرية في منطقة الساحل الإفريقية.

وكان المغرب يعتبر الإقصاء الجزائري له من المشاركة في هذه القوة هو بمثابة حشد قوة الدول الإفريقية الصديقة للمزايدة بها في صراع إقليمي بينه وبين الجزائر حول الصحراء.
وكان الاحتجاج المغربي بطعم تخويف الدول الكبرى من سعي جزائري إلى الإخلال بالتوازنات الاستراتيجية والعسكرية الإقليمية في المنطقة، وتقوى هذا التخويف في أن الجزائر كانت تعلن أن تشكيل تنسيقية تمنراست يسعى إلى إبعاد الدول الكبرى من الهيمنة على الموارد الطاقية بالصحراء الإفريقية، كما أن رفضها للمغرب لم يرتبط بعدم الاعتراف له بالامتداد الجغرافي على الصحراء، وإنما لأنها تعتبره عميل للدول الكبرى، وخاصة بعد التوقيع على اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية، وحصوله على صفة الوضع المتقدم مع الإتحاد الأوربي.

لم يتوقف الاحتجاج المغربي على إبعاده من الانتماء إلى قوة الساحل الإفريقي في المنتديات الدولية، وعبر أصدقاءه الكبار، تحرك دبلوماسي قوي، توقف في موريتانيا العضو في التنسيقية العسكرية تمنيراست، وترتب عنه عقد الجنرال المغربي عبد العزيز بناني لقاءات عسكرية تنسيقية مع موريتانيا.

وتوج أيضا التحرك الدبلوماسي المغربي غداة إقصائه من تنسيقية منطقة الساحل الإفريقي بتنظيم مناورات الأسد العسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية في الصحراء المغربية لتدريب أفراد من القوات المسلحة الملكية المغربية على محاربة التنظيمات الإرهابية، بالتزامن مع اجتماع قادة أركان العسكرية لتنسيقية تمنراست بالجزائر العاصمة.

ولقد اعتبرت الجزائر العملية العسكرية الموريتانية الأخيرة والمسنودة فرنسيا ضد تنظيم القاعدة شمال مالي بمثابة إجهاض لتنسيقية تنمراست، والضغط الفرنسي على باماكو العاصمة المالية للإفراج عن أربعة عناصر إرهابية مطلوبة، مقابل تحرير بيار كامات.

أحست الجزائر اليوم بانفراط عقد تنسيقيتها العسكرية؛ فسارعت إلى توجيه الاتهام إلى موريتانيا العضو في تنسيقية تنمراست، بإفشال التنسيقية بسبب خضوعها لفرنسا، وهو الاتهام ذاته التي سبق للجزائر لمالي بعد مبادلة الإرهابيين أربعة من عناصر برهينة فرنسي.

وتعتبر الجزائر أن فشل الولايات المتحدة الأمريكية في إقامة قاعدة “أفريكوم” على حدودها الجنوبية، باسم قانون ملاحقة الإرهاب في كل مكان جعلها تقنع النظام الموريتاني ليمنحها ما لم تمنحه لها الجزائر، وصارت قاعدة “أفريكوم” في المنطقة قاب قوسين.

وأطلقت الجزائر حرب كلامية انتقاما ممن رأت فيهم مسؤولية إفشال تنسيقيتها العسكرية، وتصاعدت اتهاماتها إلى حد أن إعلامها يتهم كل الرهائن لدى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي هم جواسيس جاؤوا في مهمة رسمية، جواسيس خاطروا بحياتهم في منطقة صارت من المناطق الأكثر خطورة في العالم، بعد العراق وأفغانستان.

وأضاف الإعلام الجزائري الرسمي أنه من الغباء الاعتقاد أن جيرمانو، الذي أعدمه تنظيم القاعدة في الساحل الإفريقيه، بأنه جاء في مهمة إنسانية، كمحو الأمية في القرن الإفريقي، وإنما جاء في مهمة جوسسة لمصلحة بلاده، ومن أجلها خاطر بحياته كأي جندي يذهب إلى الحرب.

وترى الدول الكبرى وخاصة باريس أن تنسيقية الجزائر لا تستطيع محاربة القاعدة، واعتبرت تأسيسها غير مستقل، وقد تكون بأجندة سياسية قد تؤثر على التوازنات الجيواستراتيجية في المنطقة، وتوقعوا أن لا تكون رهاناتها محاربة تنظيم القاعدة في الساحل الإفريقي فقط، ولكن يمكن للجزائر توظيفها في نقاشات سياسية دولية منها ما تسميه محاصرة الولايات المتحدة الأمريكية الدخول إلى الصحراء الإفريقية، وتوظيفها في صراعه الإقليمي مع المغرب. وفي هذا السياق قال مؤول فرنسي كبير إن "الجزائر التي عانت من ويلات الإرهاب أكثر من غيرها، لا تثق في جيرانها، وغير قادرة على قيادة محاربة الإرهاب عسكريا وحدها، ويدور الحديث عن تساهل بعض مسؤوليها العسكريين مع الجماعات الإرهابية".

وشكك في قدرة التعاون والتنسيق المعلن بين دول الساحل بقيادة الجزائر على مواجهة التهديد، مرجعا ذلك إلى وجود اختلاف في وجهات النظر فيما بينها، وقال ”إن المساعدة الفرنسية ضرورية في ظل الانقسامات التي تحدث بين عدد من الدول”، وأشارت إلى وجود اختلافات بين الجزائر، مالي، موريتانيا والنيجر بسبب عدم احترام بنود الاتفاق المبرم بينها.

ومعلوم أن أزمة سياسية نشبت بين الجزائر وباماكو، حيث سحبت الجزائر سفيرها من العاصمة المالية باماكو احتجاجا على إطلاق سراح أربعة عناصر إرهابية كانت قابعة في سجون مالي مقابل إطلاق سراح الرهينة الفرنسي، بيير كالمات.

ولقد اقتنع الجميع بأن الجزائر التي كانت تمني النفس من أجل تأسيس التنسيقية العسكرية لتنمراست لم يكن لمحاربة التواجد الأجنبي في الصحراء الإفريقية كما أوحت لدول الساحل الإفريقي وإنما لعزل المغرب عن محيطه الإفريقي، بعدما سجلت عودته القوية إلى إفريقيا. ويتأكد ذلك بإعلان المسؤولين الأمريكيين غير ما مرة أنهم غير معنيون بالتواجد في الصحراء الإفريقية، وتأكد ذلك بنقل مقر القادة الإفريقية العامة "أفريكوم" إلى ألمانيا. وكذلك أعلنت فرنسا على لسان وزير خارجيتها كوشنر بأنه "لا يجب انتظار أن ترسل فرنسا قواتها الخاصة أو جنودها إلى الصحراء وإنزالهم جوا بمظلات في الساحل الإفريقي"، مؤكد أن مهمتة فرنسا هي العمل على تكوين جنود في الجيش المالي والموريتاني. مبرزا في هذا الإطار بأن شن حرب على القاعدة يقتضي دعم وموافقة من حكومات دول الساحل.

خبير فرنسي مهتم بتنظيم القاعدة في الساحل الإفريقي أكد أن دول الساحل قادرة بشكل كامل على التكفل بمسائلها الأمنية، وأن ظاهرة الإرهاب ستجبرهم على العمل معا، والتنسيق فيما بينهم، خاصة في الجانب الأمني، بما يجعل الوحدة الإفريقية حقيقة وليس مجرد شعار سياسي.

اعتبر الدبلوماسي الفرنسي، المهتم بشؤون الجماعات المسلحة في منطقة الساحل، أن مساعدة الدول الخارجية على غرار فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وإن كانت، لابد أن تكون من المنبع، أي تشمل تدريبات جنود الدول الساحل، مضيفا أن دول الساحل، بدأت تفهم العلاقة بين الإرهاب وتجارة المخدرات.

محلل سياسي
elfathifattah@yahoo.fr




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات