ما يُحزِِن كل مصرى ـ عدا فُلول مُبارك ـ أن معظم حكام الدول العربية وبخاصة الخليجية تتعامل بتحفظ ـ ولن نقول بشكِ وريبة ـ مع ثورة الشعب المصرى ضد نظام مبارك بنفس تعامل أسلافِهم مع ثورة الجيش المصرى عام 52 رغم الإختلاف البيِّن وكأن التاريخ يُعيد نفسه ، والحقيقة أننا لا نتحدث هنا عن التعاطف الإنسانى مع مبارك كشخص فى محنة ، ولكن علينا أن نرى الصورة كاملة وهى أن مصر التى هى أكبر وأهم من مبارك أيضا فى محنة ، وهذه المحنة ليست بسبب الخيار الشعبى المُتمثِل فى الثورة على نظام مبارك ولكن بسبب سوء سياسات من تولوا أمور البلاد فيما بعد سقوط مبارك سواء بقصد أو بسوء قصد ، ومن الخطأ أن تنسِب أى دولة ما قام به الشعب المصرى وجيشه فى فترة حكم مبارك لمبارك نفسه فهو لم يحارب لإسترداد الكويت ولم يقف مع القضايا العربية بصفته الشخصيه ولكن وقف موقفه هذا بصفته رئيس مصر ، ولو كان رئيس مصر شخص آخر لوقف مع الدول العربية بأكثر مما فعل مبارك ، فشعب مصر وحده هو صاحب الفضل الأوحد فى ذلك بعد الله عز وجل ، وتباعُد حُكَّام الدول العربية عن مصر الثورة واضح وضوح الشمس ولا يحتاج دليل ، فعندما تتفق الدول العربية على منح مصر مساعدات إقتصادية بشروط مُيسَّرة ثم لا تفى تلك الدول بما أعلنته إلا بنسبة ضئيلة جداً ، فهذا دليل واضح عن ذلك التباعد وبالطبع لن نقول عن تلك التسريبات ـ الغير مؤكدة ـ والتى تقول أن بعض الدول العربية تحاول زعزعة الإستقرار داخل مصر .
والشىء الخطير هو محاولة تركيع مصر ، والأخطر أن يكون ذلك عن طريق بعض الدول العربية لأن الجرح فى تلك الحالة سيكون عميقاً والشعوب لا تنسى من يقف بجانبها ومن يخذلها ، فلو كانت الضغوط من جانب واشنطن أو تل أبيب فهذا شىء معروف وليس بغريب ولكن أن يأتى من دول شقيقة فهذه هى المشكلة الأكبر .
فلا ندرى لماذا ذلك التحفُّظ الغريب فى التعامل مع مصر الثورة ؟! فهل تظن الدول العربية وبخاصة الخليجية أن سياسة مصر بعد الثورة ستكون معادية لها ؟! ، وسوف تنهج نهج سياسة جمال عبد الناصر السابقه رغم الإختلاف الشاسع بين الثورتين وإختلاف الظروف المحيطة داخلياً وخارجيا بهما ، ولابد وأن نوضح أنه وبعد وفاة بعض حُكَّام دول الخليج العربى حدث تباعد بين مبارك كشخص وبين الحكام الجُدد لتلك الدول ، لذلك سنجد أن زيارات هؤلاء الحكام لمصر تباعدت بخلاف ما كان يقوم به آباء هؤلاء الحُكَّام ، ولكن هذا لا يمنع إستغرابنا من تعامل تلك الدول مع مصر الثورة ، فغضبت تلك الدول وتحفظت على تصريحات وزير خارجية مصر عندما قال أن مصر ستعيد النظر فى علاقاتها بإيران ، رغم أن تلك الدول لها علاقات وتبادل تجارى وتعامل كبير مع إيران ، فيُحرِمون على غيرهم ما إستحلوه لأنفسهم ، ورغم هذا تراجع من يُديرون مصر عن تلك الخُطوة بوصفهم حكام فترة إنتقالية ، وبإذن الله لن تستمر محنة مصر كثيراً ، فكم من المحن مرت بمصر وتخرج منها مصر سالمة ، ولن نكذب عندما نقول .. وكما أن هناك محبين لمبارك داخل مصر نُطلق عليهم وصف "فلول" فهناك لمبارك أيضاً دول "فلوليه" غربية وللأسف تجد بجانبهم أيضاً دول "الفلول" العربى !! .
التعليقات (0)