يحكي أنه في أواخر القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين "المنصرم" كانت هناك في دوله الهند العظيمه وما جاورها من البلدان وسيله تنقل بدائيه عباره عن عربه صغيره بعجلتين تحمل راكب واحد أو راكبين ويجرها سائق بديلا عن الدابه وكان إسمها علي ما ذكر لنا كتاب "كليله ودمنه".. "الركشه" ..
وهذه الركشه كانت وسيله إعاشه الكثير من أبناء شعوب شبه الجزيره الهنديه من الفقراء والمطحونين .. ولكن الهند وما جاورها من البلدان عندما أرادت اللحاق بركب الحداثه رأت أن الركشه تلك تمثل رمز من رموز العبوديه التي جعلت من أبناءها دواب تجر العربات ففكرت مليا في أن تلغي الركشه تماما بقانون .. ولكن تراجعت لأن الركشه كانت مصدر دخل وإعاشه للملايين من البشر وبالتالي كان الحل الأمثل هو تطوير الركشه وتحويلها الي آله بموتور يعمل بالوقود لإعاده الآدميه لسائقيها ..
وعكف العلماء الهنود فتره من الوقت في أبحاث ودراسات حتي تمكنوا من الوصول الي مركبه أو بمعني أصح تعديل للركشه لتصبح مركبه تعمل بالوقود بدلا من جر البشر وخرج الي العلن "الطف طف" وكان في ذاك الوقت مفخره للهند ليس لجماله أو لرشاقه خطوته ولكن لأنه كان مؤشر قوي لإنتهاء زمن العبيد .. فهو مفخره الهند آنذاك وربما رمزها الوطني ..
ولكن بمرور الوقت إكتشف الهنود كم كانو حمقي وأنهم أخطأوا أيما خطأ .. فسائق الركشه إعتاد علي أن يبقي عبد ويعامل كعبد بل وأصبحت جينات العبوديه ميراث لأولادهم وأن الركشه بالنسبه لهم كانت دواء وكانت محدوده الحركه لا تسبب إنتشارهم علي مدي واسع .. أما بعد التطوير ف "الطف طف" زاد من سرعتهم وحوادثهم وأفسح لهم المجال للكثير من الجرائم المستحدثه التي لم تكن موجوده في السابق والتي عرفتها الهند ودول جوارها عن طريق الطف طف الذي إنتشر في كافه ربوعها ..
مره أخري إجتمع حكماء .. وليس علماء الهند لبحث هذا الأمر الذي أرق البلد علي كافه المستويات فالمصانع التي تنتج الطف طف تعمل ليل نهار وتنتج الآلاف منه ويعمل بها آلاف العمال الذين يعولون آلاف الأسر الهنديه الفقيره ولا يمكن بأي حال إيقاف تلك المصانع وتشريد عمالها ..
فتوصل حكماء الهنود الي فكره .. لا توقف المصانع عن العمل ولا تكدس البلد بالطفا طف .. ألا وهي تصدير الطفاطف الي الدول الأكثر تخلفا أو الدول التي تسعي جاهده الي الإنهيار والتفكك والعوده الي جاهليه الطفاطف الأولي ..
وبسرعه تم إعداد الخطه الهنديه المُحكمه الا وهي دعوه المستثمرين والمستوردين من كافه الدول المتخلفه فكريا لزياره الهند والإقامه المجانيه في أفخم فنادق دلهي وبومبي وركوب الفيل الهندي الشهير والإجتماع مع أميتاب باتشان لاقناعهم بإستيراد الطف طف الهندي الي بلدانهم .. دول كثيره تمت دعوه مستورديها ومستثمريها وكلهم نزلو في الفنادق الفاخره وإجتمعو مع أميتاب .. ولكن كلهم رفضوا رفضا قاطعا ركوب الفيل الهندي .. إلا مستثمري ومستوردي دوله واحده كانت موجوده في ذاك الوقت وكان إسمها "مصر" وكانت إحدي الدول العربيه الأفريقيه الأكثر تخلفا فكريا في ذاك الوقت ..
فقط المستثمرين والمستوردين المصريين هم من ركب الفيل الهندي .. بل حدثت مشاكل محرجه في ذاك الوقت كلما أراد الهنود إنزالهم من فوق الفيل فيطلب المصريين "لفه ثانيه" وإخيرا أنزلوهم بالقوه ودعوهم لمشاهده رقصه هنديه بخلفيه الطف طف وإنتهت الليله بإتمام التعاقد ووصل الطف طف الي أرض ما كانت تسمي "مصر" آنذاك سالما غانما ..
ولكن من أول وهله رفضه المصريين شكلا وموضوعا فتوقف المسيره بُرهه من الوقت حتي تدخل في الأمر الأخوه في الصين الشقيق فقد كانت كل الطرق آنذاك الي "كايرو" عاصمه مصر لابد أن تمر عبر بوابه الصين ..
أجرت الصين تعديل بسيط بحكم دراستها المتعمقه لسلوكيات التخلف لدي الشعب المصري وهذا التعديل هو إضافه "سماعات ضخمه + جي إم +بازوكا+كاسيت أو إم بي ثري" الي الطف طف ..
توليفه شيطانيه ينتج عنها صوت يعادل إثنين من مكبرات الصوت من هذا الصرصور المسمي طف طف بالإضافه الي أقراص المخدرات "الكيميا" أو الترامادول الصيني الزهيده الثمن ليتعاطاها سائقو الطف طف ولا يستشعرو الصوت الذي يصدر من مركباتهم أثناء سيرها ..
بالإضافه الي هذا ساهمت الحكومه المصريه التي كانت موجوده آنذاك بالسماح لكل من يستطيع تقليد أصوات الحيوانات في إغراق السوق المحلي أو سوق قاده الطفاطف العظام بكم هائل من أشرطه أغاني الحيوانات فهذا مطرب إكتسب شهره نهيق الحمار وذاك مطرب إكتسب شهره عواء الكلب وهكذا ..
كذلك أوقفت الحكومه حملات الشرطه وأمرت شرطتها بالتعامل بالحسني مع الطفاطف ورجالها الاشاوس بالرغم من أن تراخيص الطف طف "بك" تحظر تركيب أي سماعات أو كاسيتات داخله ..
وهكذا نجح التعديل الصيني والصمت الحكومي المصري في رفع أسهم الطفاطف الهنديه الي عناء السماء وجعل أمام كل بيت في ريف مصر "سابقا" طف طف لزوم الوجاهه وداخل البيت إثنين أو ثلاثه مدمنين ل "كيميا" الترامادول الصيني يتناوبون قياده هذا الطف طف مع أغاني الحمير بتكنولوجيا الساوند الصيني ..
وإمتلأت شوارع مصر في تلك الفتره بالطفاطف التي تجوب الشوارع ليلا ونهارا رافعه أصوات مكبرات الصوت الي أعلي درجه ليتحول المواطن الموجود في الشارع أو حتي النائم علي سريره الي حاله مرضيه من التوتر العصبي التام والاحساس بجو الغابه المحيط بهم من كل جانب مما أوجد لديهم فوبيا مزمنه من التعرض لافتراس الحيوانات المفترسه ..
أدي كل هذا الي أن تحولت مصر تدريجيا الي دوله الطفا طف الحاليه بكل مقوماتها الطف طفيه ..
ويكفي هذا اليوم يا بلد …
مجدي المصري
التعليقات (0)