مواضيع اليوم

دولة حقيقية .. دولة وهمية !؟

صادق البصري

2012-01-28 19:47:06

0

 دولة حقيقية.. دولة وهمية                                                          

إن ما نراه ونسمعه عن فساد أداري ومالي ينخر شبه دوله وهو متفشي كالوباء العصي على الشفاء في مفاصلها ومؤسساتها الشكلية السقيمة، دون رادع يذكر أو قوانين صارمة تحد منه، هي حقيقة واقعه، وربما سيقول قائل وما الجديد في ذلك؟ أقول هل تعلمون انه متعمد ومن أعلى المستويات التي تتصدر المشهد السياسي العراقي ،أنها الحقيقة المرة ذلك إن من يقومون بمهام جعله أي الفساد صيغه ملازمه للحكم و دائمة تنتشر وتنتشر لأبعد دائرة أو مرفق حكومي في عموم البلاد سببه أجنده مريضه تختزن في مخيلة ممن يوصفون أنهم ساسة كبار، ومهمة هؤلاء الحؤول دون تأسيس دوله حقيقية عمادها القانون والحقوق والواجبات ، ومحاسبة المقصرين أيا كانوا ، ويمعنون في ذلك تنفيسا عن حقد قديم متأجج يأسرهم وعلى كل شيء يحمل اسم دوله حقيقية ..
أنهم بواقعيه وعبر سنوات حكمهم الماضية يترجمون بحرفيه ما سمعوه وقرءوه ودرسوه في مدارسهم الدينية ، كون من يتصدر السلطة ألان هم من خريجو تلك المدارس والحوزات، بتوصيات وقصص شيوخهم التي تحذر من السماح بوجود وكينونة دولة حقيقية حديثة تسلبهم امتيازاتهم وتقلص من نفوذهم وتفضح مشاريعهم، وتستند تلك الأفكار على إن ألدوله بمفهومها الحديث لا أساس لها في أدبياتهم ، وهي أي الدولة محض شيء وضعي ، وأن الحكومة الحقيقية هي الحكومة الالهيه المجتباة من رحم التاريخ والموصى بها في مناهجهم وأدبياتهم ويمثل (الغائب) فيها الزعيم الأوحد ولحين ظهوره لابد أن يكون هناك من ينوب عنه ليكون هو السلطة البديلة ،فاختاروا أن يكونوا هم البدلاء إلى حين الظهور ويجب إطاعتهم لأنهم لاينطقون عن الهوى!! وما على العامة سوى الخنوع والانتظار إلى مالا نهاية - تسطيحا لعقولهم - و تمثل السلطة في تلك ألدوله الوهمية المنتظرة الحوزات بتعدد الزعامات الدينية وهي حسب وصفهم الوريث الشرعي للانابه حتى الظهور ، ومن مزايا تلك ألدوله المفترضة في مخيلتهم إن لا مكان لها معروف ولاتحدها حدود، فهي تدار من سراديب تحت الأرض وإداريوها مجهولون ، وهي أي الحوزات وشيوخها السلطة الأعلى فيها تدير البلاد على أتم وجه من خلال فيالقها المنتشرة على هيئة مبلغين وعظيين ظاهريا وسفاحين قتله إذا تطلب الأمر لمن يخالف توجيهاتهم أو يعترض باطنيا ،وبسند شرعي وبذرائع شتى، وينتشرون أولئك (المقدسون) بزي تقليدي قديم في كل زاوية، وقريه ومدينه وزقاق بهالة التقديس، موهمين بسطاء الناس عن طريق فذلكة الكلام وتزويقه بالثواب تارة والعقاب طورا آخر وسرد القصص الخيالية الماورائيه , وتبسيطها على مسامع البسطاء من الناس واستغلالهم أبشع استغلال والإيحاء بقدسية أرائهم التي لاتقبل الجدل ذلك لأنها الحقيقة المطلقة، وتلك هي أهدافهم وبما يضمن استحواذهم وبسط نفوذهم لديمومة مكاسبهم ، إما المتصدين للسياسة في هذه ألدوله الوهمية ، ماهم إلا ممثلين شكليين يظهرون على شاشات التلفاز بربطات عنق أنيقة للتعمية، اقتضى دورهم خلع الجبب والطيالس ونتف اللحى،وتقنعوا بلباس مدني لحبك الدور المناط بهم ،في مسرحيه هزليه ليس لها بداية ولانهاية، خبروا لعبه تبادل المصالح الذاتية مع بعضهم البعض ، ودربوا تابعيهم ومن يعملون معهم على فنون ذلك الخراب .. فبمجرد أن تجري حوارا مع مسؤول سياسي رفيع من هذه العينة في تلك ألدولة الوهمية والتي يديرها سماسرة يحظون بثقة أولئك الزعماء لتلك الحوزات ، شريطة أن يكون الكلام مع هذا السياسي على الصعيد الشخصي أي في حلقه خاصة خارج الرسميات ، تجده يكيل لك المبررات عن تلك الأفعال اللصوصيه والمستهجنة ، ويقلل من شأنها والتي دائما ما يكون فرسانها من معدن هذا المسؤول ويحظون بحمايته ، إذ يقول هذا المسؤول وهو من حزب ديني يتصدر السلطة حاليا:
بصراحة إن ألدوله التي نسعى لها في العراق ليس بالضرورة أن تنسجم مع المناخ العام للدول الديمقراطية الحقيقية ،ولنكون أكثر صراحة إن ما تراه من فوضى في مشروع دولتنا الوليدة الخديجه هو بالضبط ما تؤسس له زعاماتنا الروحية ومنذ زمن طويل للمطالبة بالثأر من منََّ سلب سلطتنا وهي حق لنا ، وبث مظلوميتنا في غمط حقنا الإلهي الموعود ليس إلا وتحقيق العدالة التي تضمن تسيدنابالمطلق، ولكن ما يعيق مشروعنا يعود إلى إن وضع البلاد مرتبك ويزداد ارتباكا مما يجعلنا لا نثق بالمستقبل ، الحقيقة إن العراقيين أتعبونا ، فكيف سنمضي بمشروعنا (الدولة الفاضلة)على غرار الدول الدينية في الماضي والحاضر ، والمجتمع منقسم ولا يذعن لتوجيهاتنا ، فكان لابد لنا من استحداث تشريعات نتزلف بها للمواطن التابع لنا والذي يخضع لادلجتنا مع إن تلك التشريعات تتقاطع مع أدبياتنا إلا إننا نعمل بما يمكننا ( تقية) إرضاء للشطر الأعظم من تابعينا بما يضمن وجودنا في أعلى هرم السلطة ، واستمرار مشروعنا المبارك، نعتقد إننا نؤسس لقاعدة أتباع تحمينا إذا ما ادلهمت الخطوب وتم تقويض سلطتنا ، وهذا ما يؤرقنا حقا، لذلك ترى إننا نتهاون مع المفسدين من إتباعنا ، ونغض الطرف عن محاسبتهم ،ناهيك عن تعدد مراكز المسؤولية وتعدد السلطات والتي لنا اليد الطولى في تعميمها ، أمننا هو ما يشغلنا ،هناك دائما عدوا متربص بنا وعلى أساس هذه القاعدة لابد أن نستثمر الفوضى والتخبط وعدم الاستقرار للمراوغة مع شعب متقلب ، يريد كل شيء ولا يفكر بمسؤولياته الدينية ، وما نطمح له من سعادة اخرويه، وفي خضم تلك الفوضى نتسلل بذكاء ومكر إلى عقول بسطاء الناس من إتباعنا ضمن ادلجتنا ، من خلال الشعارات وبالترغيب حينا والترهيب حينا آخر وسياسة تكرار المتاسبات الدينبة بوتيرة متصاعدة  وإغراق الجدران بالجداريات والصور والشعارات التي تملأ الشوارع لزعمائنا الروحيين ومشايخنا بهيئاتهم المخيفة ووصاياهم المكررة للتذكير، وتلك ألطريقه تمثل إيحاء نفسي لإرهاب الناس وتخويفهم كان يتبعها النظام السابق لبسط نفوذه حتى وهو في أوج مراحل سلطته ، ونعتقد أنها طريقه مثلى للسيطرة وبسط النفوذ،وكذلك التركيز على إشاعة أدبياتنا في كل محفل وترسيخ مفهوم إننا نمثل ارث (ألدوله الفاضلة) وبدوننا سيفشل مشروع ألدوله المنتظرة ،ووفق هذا المنظور وزعنا الأدوار وتقاسمنا المناصب وأعددنا خريطة تحركاتنا ..
إننا نشفق على من يطالبنا بالخدمات والبناء وتوفير الأمن للمواطن ومسؤوليات كثيرة تضطلع بها ألدوله ، وذلك يحدث بالنسبة لدولة حقيقية وضعية،إما بالنسبة لدولتنا المفترضة المنتظرة فهذه الأشياء ليس من اختصاصها ، إن تلك ألدوله التي نطمح لها تعتبر مشروع عالمي طوباوي يختزل الحدود ويؤسس لصناعة إنسان( مثالي) يقر حاكميتنا ويبتعد عن الشهوات وحب الدنيا ، ويصير نفسه عابدا زاهدا قانعا ، يؤمن بأن كل شيء مكتوب باللوح ، وما عليه سوى الالتزام بالوصايا والانتظار ، ولايجادل أو ينكر مشروعيتنا وتسيدنا المطلق ، ويكون خاضع لإرادتنا وتوجيهاتنا طواعية أو بالإكراه ، والامثله أمامك كثيرة لدول دينيه فشلت و اندثرت ، وأخرى صامدة نستمد منها عنفوان التجربة ،لأننا ( النسل الأنجب ) على هذه الأرض ومنا سيكون الغائب المخلص حاضرا ليحكم والقوه الغيبية تعاضده ، يمتلك القوه المتناهية لتطويع كل معدن ، وثروة العالم ملك يمينه ،هذا ما تعلمناه ودرسناه وأدبياتنا شاهد على ما نقول ، ولك أن تسأل أي زعيم ديني كبير من زعمائنا الروحيين سيطلعك على تلك الإحداث التي لابد أن تقع ؛ وهي موثقه في كتبنا ومناهجنا ونحن موقنون بها وننتظر حدوثها بفارغ الصبر، ومن اجل تحقيقها نناضل ، وستقرأ العجب إن أنت اطلعت على أخبار تلك القصص في الكتب القديمة والمحاضرات ،وعلى هدي ذلك نحن سائرون ، وبما أوصانا قادتنا ملتزمون..
قدر لنا أن نحمل شرف هذه المسؤولية لنكون شهود على هذا الزمن ونعمل بما هو مستطاع للتبشير بتلك الدولة الفاضلة المنتظرة تمهيدا للظهور ..
فلا تسألني عن دوله وضعيه يكثر عليها اللغط الدنيوي أو حقوق إنسان، أو خدمات أو فساد إداري ومالي اوظلم يقع على الناس و فوضى ، كل ذلك هراء دنيوي مقارنه بما نؤسس له من (فضيلة) وما نطمح إليه من فراديس الآخرة.

بهذه الكلمات أنهى المسؤول العتيد حديثه ، ولك أن تتخيل إلى أي مدى يمكن لهذا المسؤول الاستخفاف بعقول البسطاء من الناس ، واستقتاله من أجل السلطة والثروة بينما يأمر الناس بالصبرولانتظار!؟.. 
إن عتبي ليس على ما قاله هذا الشخص الذي يعتبر نفسه مسؤولا في الحاضر وهو يعيش في الماضي السحيق وقصصه الميتافيزيقية، إنما عتبي على من انتخب هذا الشخص جهلا ليكون مسؤولا في السلطة ويطلب منه أن يقوم بواجبه في تقديم الخدمات والبناء والأمن للمجتمع وهو لايؤمن أصلا بمفهوم ألدوله الحقيقية الحديثة المعاصرة، وليس عندي أدنى شك بعد إن الديمقراطية وصفه غير ناجعة لشعوب تعيش أوحال الماضي وتزخر بتفشي ألأميه وتقدس العبودية..إذ إن الديمقراطية عند هؤلاء مجرد جسر للوصول للسلطة والنفوذ ؛ لتطبيق وبمكر ومصلحيه ذاتيه ما روج له مشايخهم بعقلية القرن السابع الميلادي ، فبوجود مجتمع أمي قاصر لايعي حقوقه وواجباته لايمكن ومجرد الكلام عن شيء اسمه ديمقراطية ، أو بناء دوله حقيقية بعقيدة لاتعترف بالدولة ألحديثه أصلا ، فالدول الحقيقية سميت كذلك لان شعوبها حيه تعي قيمة الحرية والديمقراطية وبذلت الغالي والنفيس من اجل تحقيقها ، والأمثلة كثيرة لدول حقيقية حديثة قوية تقف في صدارة العالم ،تنعم شعوبها بالحرية وتتنفس حقوق الإنسان والرفاهية وهي السباقة بمواقفها الانسانيه لكل الإنسانية، وأخرى وهمية متخلفة تكثر فيها النزاعات والفتن وتستحوذ على ثرواتها العصابات ، وترزح شعوبها تحت وطأة الجوع والمرض والاميه وتسلط الدكتاتوريات ، والأجندات الدينية والطائفية ..!؟ 

  ----------------------------------------------------------------------------------------------------------
صادق البصري / بغداد




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !