سجا شوكت العبدلي
ــــــــــــــــــــــــــــ
كارثة من عدد لا يحصى من الكوارث تُثقل كاهل العراق بشكل أو بآخر ألا وهي حال اطفاله . فقد صنفت خمسُ منظمات دولية العراق على انه " أكبر دولة للأيتام في العالم" ليصل عدد الاطفال الذين فقدوا احد او كلا الابوين الى ما يناهز الخمسة ملايين طفل ، تصنيف مرعب بقدر رعب الوضع الحالي في العراق ، حيث يتعرض اطفاله بشكل مباشر أو غير مباشر لشتى انواع الظلم ويعيشون واقعا مؤلما يفوق بآلاف المرات قدرتهم على التحمل والاستيعاب ، فالعنف اليومي المتصاعد هو ما تراه اعينهم البريئة .
فمنذ عام 1990 لم ينعم الطفل العراقي بطفولته شأنه كشأن باقي الاطفال في العالم . اما بعد الغزو الامريكي غير الانساني فالوضع بالنسبة اليهم يزداد سوءاً، حيث أن الطفل العراقي يختلف بكل تأكيد عن باقي الاطفال ، فخيالاته وأحلامه واهتماماته تختلف اختلافاً كلياً عن اهتمامات باقي الاطفال .هذا كله يدفعنا للسؤال عن "من هو الجيل العراقي المقبل" ؟
لا يخفى على الكثير بأن العراق امتلك اعداداً هائلة من العلماء والمفكرين والاطباء والمهندسين والمبدعين في شتى المجالات مما جعل الكثيرَ من الدول العربية والغربية تحرص على اجتذابهم للعمل لديها ، اما الجيل القادم فأقولها بكل حزن وأسف هو جيل ثقافته العنف ليس إلا، فالقتل والذبح والخطف والانفجارات هو ما يكتسبونه من علم وخبرات يومية بدلا من ان يتعلموا القراءة والكتابة، فلا يستطيع الطفل العراقي ان يذهب الى مدرسته بشكل طبيعي وامن ومنتظم ، مما جعل الكثير من العائلات العراقية تفضل قسرا عدم إرسال اطفالها الى المدرسة خوفا من أن يتعرضوا للخطف أو للموت .
عندما تتحدث مع طفل عراقي فإنك تنسى لوهلة بإنك امام طفل يُفترض ان يحمل البراءه في حديثه ليس إلا . فأطفال "بلاد الرشيد" يجيدون التحدث بلغة العنف بشكل ممتاز فهم يحدثونك عن انواع الاسلحة والدبابات والطائرات الحربية، حتى انك تستطيع ان تجد ذلك مجسداً في العابهم .
هذا من ناحية ، ومن ناحية اخرى هنالك العديد منهم من أصبح بسبب الوضع الكارثي من ذوي الاحتياجات الخاصة او ممن يعانون من الامراض المعدية او السرطانات او سوء التغذية والكثير منهم قد فقد بعضا من اطرافه بسبب الانفجارات العشوائية التي وإن لم تحصد ارواح الجميع فهي تفقد الكثير منهم جزءاً من جسده، هذا بالاضافة الى اضطرار الكثير منهم للعمل في الشوارع لكسب لقمة العيش مما جعلهم فريسة سهلة لذوي النفوس الضعيفة والعصابات التي قامت باستغلال العديد منهم جسديا .
هل يستطيع المطالبون بالديمقراطية والتغيير والتطور وعلى رأسهم الولايات المتحدة الامريكية التي قررت بالنيابة عن شعب بأكمله مصيره ان تجيب العالم عامة والعراقيين خاصة عن طبيعة الجيل القادم الذي سوف يحكم العراق الديمقراطي الجديد ؟
هل كان اطفال العراق ضمن حسابات من هللوا وصفقوا وجاءوا على ظهر الدبابات الامريكية...؟ من سوف يتحمل مسؤولية هذه المأساه؟ مأساه جيل بأكمله .
قد يستطيعون إعادة إعمار العراق وبنائه وتطوير البنى التحتية فيه ، وقد يعملون على فرض ديمقراطيتهم الزائفة ، لكن هل بإمكانهم محو اَثار سنين من العنف والقتل والبشاعة والجهل من كيان من نشأ وترعرع في هذه الاجواء منذ نعومة اظفاره ؟
كاتبه عراقية
التعليقات (0)