جميعنا يعلم الدور المهم الذي قامت به النساء العربيات من خلال مشاركتهن الفاعلة في الثورات العربية بالرغم من التقاليد المحافظة التي تحكم معظم المجتمعات العربية، والتي تحد من دور المرأة في الكثير من المجالات الحياتية، إلا أن المرأة العربية أبت إلا أن تكون موجودة منذ اليوم الأول لانطلاقة هذه الثورات في كل من تونس، مصر، ليبيا، اليمن وسوريا، حيث لا يمكننا تجاهل الدور المهم الذي قامت به أسماء محفوظ عندما أشعلت فتيل الثورة بالتحريض على ثظاهرات 25 يناير وحضت على تغيير الوضع القائم في مصر، ولا ننسى توكل كرمان التي فازت بجائزة نوبل للسلام نتيجة مناهضتها للنظام الحاكم في اليمن، ومطالبتها بالحرية، إلا أنه من خلال المتابعة لما يحصل على الأرض نجد أن دور النساء يتمثل بشكل أكبر في المساندة من مواقعهن، فمثلا كثيرات أخذن على عاتقهن تأمين الطعام والشراب للمعتصمين في ميدان التحرير بمصر، غيرهن مارسن دورهن من خلال عملهن بإسعاف المرضى كطبيبات وممرضات، وغيرها من الأدوار الكثيرة، ومع اختلاف حجم الدور من دولة إلى أخرى تبعا للوضع الاجتماعي والثقافي لتلك الدول، كانت مشاركة المرأة جنبا إلى جنب مع الرجل على جميع المستويات ولسان حالهن يقول التغيير والاصلاح والعيش بكرامة هو المسعى والهدف الذي لن نعود لبيوتنا قبل تحقيقه، ومن هنا نلمس سعي المرأة لتحقيق دور فاعل أكثر بالاستفادة من مكتسبات هذه الثورات.
لكن السؤال الأهم الذي يتبادر لذهن القارئ هو، ماذا بعد الثورة؟ كيف سيكون دور المرأة، هل ستكون شريكة في صنع القرار؟ هل خرجت وستخرج من الصورة النمطية التي رسمت لها؟
المرأة لبنة أساسية في تكوين المجتمع، إلا أن مجتمعاتنا العربية وللأسف تنتقص هذا الدور كثيرا، ورغم المشاركة الفاعلة التي شاهدناها في الثورات ليس فقط ما حصل خلال الربيع العربي، لكن على مدى التاريخ حيث كان للمرأة الدور الفاعل حين كانت تخرج جنبا إلي جنب مع الرجل للكفاح ضد الظلم والاضطهاد بكافة أشكاله ضمن إطار مباديء الثورة «الكرامة والعدالة الاجتماعية والحرية»، إلا أنه غالبا ما كان يتم إقصائها عن محاور صنع القرار، فهي شريكة في النضال والكفاح فقط، أما اذا ما تم الانتقال لمرحلة التغيير الحقيقي، فإن اهمية دور المرأة وفعاليته تتضائل تحت تأثير العادات والتقاليد وقوة الحجة الاجتماعية للرجل.
ومن خلال التجربة المصرية نستطيع أن نرى أن المرأة وجدت نفسها تستبعد من العملية السياسية وعملية صنع القرار، وذلك كان جليا في أثناء الانتخابات البرلمانية والنتائج التي أسفرت عنها، والتي تظهر غياب المرأة شبه الكامل بالرغم أن مشاركة النساء بالترشح في هذه الانتخابات هي الأعلى في تاريخ الحياة النيابية المصرية، وهذا إن دل إنما يدل على أن المرأة نفسها لها دور في هذا التهميش، فمع العدد الكبير للنساء اللواتي يحق لهن الانتخاب نجد هذا الغياب للمرأة في النتائج، وهو ما لا يبشر بالتغيير المنشود لصالح المرأة على إثر هذه الثورات سواء في النسيج الاجتماعي للمجتمعات العربية، أو في المكونات المختلفة للدولة، ومن هنا فإنه من المهم انطلاقا من هذه الثورات والتفاعلات والتغييرات الجذرية التي تحصل على جميع المستويات في المجتمعات العربية، من المهم أن تشمل هذه التغييرات تغيرا في التعامل مع دور المرأة كعضو فاعل في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
التعليقات (0)