مواضيع اليوم

دور الدكتاتوريه في اعاده تشكيل المجتمع العراقي

ميثاق عيدان

2010-10-30 20:06:58

0

 

 دور الدكتاتوريه في اعاده تشكيل المجتمع العراقي             

 بقلم:ميثاق عيدان                                                    

منذ ايامه الاولى في السيطره على الحكم في العراق حاول الفكر البعثي التلاعب بفكر المجتمع العراقي واعاده تشكيل هذا الفكر بما يتناسب مع الاهداف التي يصبو الى تحقيقها وذالك من خلال اتباع سياسات وشعارات متنوعه تتباسب مع المرحله والهدف المراد تحقيقه. حيث لبس البعث في سنواته الاولى ثوب القوميه العربيه والدفاع عن مصالح الامه وبعد ان تهرا هذا الثوب الى درجه بيان العوره ابدله مضطرا بثوب اخر لا يليق به الا وهو ثوب الدين والاسلام والجهاد وبعدها ارتدى نظام الحكم الصدامي العبائه العشائريه ليقضي بذالك على اهم الوشائج الاجتماعيه في العراق. استخدم صدام و البعث كل الاساليب المشروعه والغير مشروعه من اجل الحصول على الشرعيه في الداخل وفي الخارج .فقد استخدم القمع والاباده والاعلام في الداخل والمال والاعلام في الخارج من اجل رسم صوره القائد الظروره الذي حبا الله به لامه من اجل خلاصها.                                                                      

ففي سبعينيات القرن العشرين تبنى البعث الشعارات القوميه والظهور بمضهر المدافع عن ثوابت الامه وحقوقها حتى وان كانت تتعارض مع مصلحه الشعب العراقي. فنجده مثلا منع الشعر الشعبي في العراق مدعيا دفاعه عن اللغه العربيه من التحريف غير ان الحقيقه هي انه اراد اسكات النقد الموجه له من خلال القصيده الشعبيه لمعرفته بحب العراقيين للشعر الشعبي الذي يمثل جزء مهم من  الثراث العراقي. ومن خلال رفع الشعارات القوميه وتجميل صوره النظام عربيا قمع صدام كل من يعتقد بانه يمثل خطرا على سلطته وهيمنته سواء كان اسلاميه اوشيوعيا او قوميا.حتى البعثون انفسهم لم ينجوا من بطش القائد الاوحد لتمثيلهم خطرا يهدد الثوره المزعومه و القائد الضروره. والكل يتذكر اجتماع "قاعه الخلد" الذي ذرف فيه صدام الدموع على رفاقه الذين اعدمهم خارج القاعه قبل حتى ان يسمع دفاعهم عن انفسهم. وليس غريبا ان يامر صدام بتوزيع فيديو هذا الاجتماع الرهيب على جميع فئات الشعب من اجل مشاهدته وافهام الشعب ان عصرا جديدا قد بدا. لقد خط صدام من خلال هذا الاجتماع اسلوبه "الميكافيلي" في الحكم واكد ان القائد هو اسمى من كل الاعتبارات ومصلحه الشعب هي مصلحه الحزب والقائد وليس العكس.هذه الثقافه التي اراد صدام وحزبه ان تسود في تلك المرحله اسست للكثير من الاخطاء بل الكوارث التي مازال يدفع المجتمع العراقي ثمنها لحد الان.                                                                                                                               

ولكي يثبت نظام البعث مصداقيته في الدفاع عن مصالح الامه دخل صدام مغامره غير محسوبه العواقب حيث افتعل حربا عبثيه مع ايران. خاض صدام الحرب بالنيابه عن اخوته العرب و تنفيذا لتوجيهات  المخابرات الغربيه من اجل التخلص من العدو المشترك لهم المتمثل بايران .لم يكن الشعب العراقي طرفا في هذه اللعبه القذره لكنه كان الخاسر لاكبر منها. فقد حقق صدام هدفه الاساسي في السيطره على الجيش والدوله وكذالك الضهور كقائد للامه والمدافع عن البوابه الشرقيه. وحقق العرب والغرب هدفهم الاول في اضعاف العراق وايران حيث كان "البترودولار" العربي احد اهم عوامل استمرار الحرب لمده ثمان اعوام.يقول "كيسنجر" وزير خارجيه امريكا  "ان اسوء سيناريو لهذه الحرب ان يكون فيها خاسر واحد" لذالك عمل الغرب واصدقائهم العرب على ان يخرج العراق خاسرا من هذه الحرب.لا احد يستطيع ان يحصي الاثر السئ الذي خلفته سنوات الموت والدمار على تركيبه المجتمع العراقي و ثقافته وعلى سلوكيات الفرد العراقي وحالته النفسيه ومزاجه العام. ولعب الاعلام البعثي دورا كبيرا في عسكره المجتمع والتاثير على سلوكياته من خلال الشعارات الرنانه التي كان يسوق لها النظام كشعار (لا صوت يعلو على صوت المعركه)وشعار (نموت ويحيا الوطن) الذي كان يشيع ثقافه الموت ويصور للناس بالوطن لا يمكن ان ينهض ويتقدم الا اذا مات رجاله على سواتر الجبهه. امتد تاثير الحرب و بصوره متعمده حتى الى الاغنيه العراقيه الجميله فبعد  ( الريل وحمد) و (عشك اخضر) اصبح العراقيون يسمعون اغاني الحرب مثل (احنه مشينه للحرب) و (يا كاع اترابك كافوري) .                                                                                                

وبعد ان وضعت الحرب اوزارها وخلع صدام بدلته العسكريه اعتقد الجميع ان النظام قد غير من تفكيره وانه سوف يبدا مرحله جديده من التصالح مع الشعب.لم تكن الصوره واضحه تماما في ذالك الوقت فقد رفض صدام تسريح الجيش العراقي من الخدمه رغم ان الجميع كان يتوقع ذالك الامر خصوصا ان معظم الجيش قد خدم اكثر من ثمان سنين.كان احد اهم الاسباب لعدم تسريح الجنود من الخدمه هو سبب له علاقه بالشعارات القوميه حيث ان تسريح نصف مليون مقاتل سوف يسبب مشكله للعماله العربيه وخصوصا المصريه في العراق.وبهذا قدم صدام مصلحه الاخوه العرب على مصلحه شعبه ومن اجل الحفاظ على صورته البراقه في الوطن العربي ومجلس التعاون العربي الذي شكله مع مصر و الاردن و اليمن بشكل خاص.                             

رقص العراقيون فرحا بنهايه الحرب ومشاهده النور في نهايه النفق, لم يتوقع احد ان هذا النور ما هو الا نارا حارقه احرقت كل ما ابقته الحرب السابقه. فبعقليه الشاب المتهور الذي اطلق النار على مدير مدرسته بقصد قتله لانه رسب في المدرسه بسبب غيابه المتكرر ارتكب صدام حماقه اكبر هذه المره عندما غزا وبصوره مخجله دوله الكويت.كانت الحرب الجديده هي نقطه تحول جديده في فكر البعث وصدام حيث اصبحت الشعارات القوميه جزء من التاريخ بعد فقد صدام دعم الحكومات العربيه ومعرفتهم المتاخره بحقيقه فكره العدواني.استغل صدام رفض العديد من الحركات الاسلاميه للتدخل العسكري الامريكي في المنطقه فحاول كسبب ودها وايجاد شرعيه جديده يمكن ان يتعكز عليها في المرحله الجديده فرفع شعار الاسلام. من خلال استخدام شعار الاسلام عمل صدام على احاطه نفسه بالقاب جديده فاصبح "قائد الجمع المؤمن" و"المجاهد" وكتب عباره "الله اكبر" على العلم العراقي ونادى بشعار معركته الجديده بانها"معركه الايمان كله ضد الكفر كله" وبذالك وضع العرب غي خانه الكفر و الرده. انتهت الحرب بهزيمه كبرى لصدام وعاد العراق الى عصر ما قبل الصناعه لكن الاعلام البعثي حول الهزيمه الى نصر كبير وسط استغراب النخب العراقيه التي لا حول لها ولا قوه.وقد ادرك صدام ان الشعارات القوميه القديمه هي غير ذي جدوى خصوصا بعد العزله الكبيره التي كان يعاني منها  فستمر بلبس ثوبه الاسلامي الجديد من خلال الحمله الايمانيه الكبرى التي تحول خلالها البعثويون الى تلاميذ في الدورات الدينيه من اجل تعلم اساسيات الدين الاسلامي.وكذالك تحولت ماده التربيه الاسلاميه الى ماده اساسيه في الامتحانات العامه بعد ان كانت مدمجه مع ماده اللغه العربيه وتم اغلاق جميع محلات بيع الخمور.غير ان هذه الاجواء الايمانيه المزعومه لم تمنع صدام من اقامه حفلات اعياد الميلاده او بناء القصور الفخمه رغم الجوع الذي كان يقتل شعبه كل يوم بسبب افكاره الشيطانيه.وبعدها اسس صدام "لجيش القدس" واحاطه بهاله دينيه تحت شعار تحرير القدس لكنه استخدمه كالعاده في قمع الشعب العراقي المظلوم.الملاحظ هنا ان صدام اراد استخدام الدين وكذالك القوميه العربيه من قبل باعتبارهما ادوات حكوميه يمن من خلالهما السيطره على الشعب وتشكيله على شكل معين من اجل تحقيق اهداف سياسيه بحته .وهو بهذا لم يبتعد كثيرا عن طبيعته "الميكافيليه"والتي تعتمد على اساسا على مفهوم "الغايه تبرر الوسيله".                                                                            

ربما احس صدام ان طبيعته كشخص وطبيعه الحزب العلمانيه لاتتناسب كثيرا مع الشعارات الدينيه الحكوميه التي لم تجد صدى واسع بين ابناء المجتمع العراقي لذالك فكر بالعزف على وتر العشائريه رغم انه نفسه كان قد منعها خلال الحرب مع ايران.اضهر صدام اهتماما كبيرا بالعشائر حيث صنف شيوخ العشائر تصنيفات جديده اعتمادا على قربهم من النظام وامر بالتدقيق في اصول العشائر الامر الذي انتهي بحصول مشاكل كبيره داخل معظم العشائر العراقيه وكذالك التشويش على صوره شيوخ العشائر امام ابناء عشائرهم بعتبارهم من ازلام النظام.بهذه الطريقه الخبيثه استطاع صدام تمزيق اهم المكونات الاجتماعيه في النسيج الاجتماعي العراقي وتحويل الدور الابوي لشيوخ العشائر الى وسيله من وسائل النظام في احكام السيطره الداخليه على المجتمع.                                                                                                                                      

بعد اكثر من ربع قرن من الحكم الشمولي للقائد الضروره الذي غير شعاراته وتوجهاته بشكل عشوائي عبثي وحسب ما تقتضيه مصلحته الشخصيه او لترقيع جزء من الاخطاء الكارثيه التي اوقع بها البلاد تغيرت ملامح المجتمع العراقي مرات عده وتشكلت ثقافات جديده كنتيجه حتميه لسنوان القمع والجوع و الموت الصدامي. ولعل اخطر هذه الثقافات هي غياب مفهوم المواطنه و الولاء للوطن والدوله بعتبارها موسسه راعيه لمواطنيها .فالمواطن اصبح ينظر للدوله بطريقه عدائيه معتبرا ان كل ما يصدر عنها هو سلبي و موجه ضده ولذالك يكون رد فعله سلبي تجاه الدوله والقانون وحتى شيخ عشيرته. برزت ايظا ضاهره خطيره في المجتمع العراقي كان قد اسس لها البعث الصدامي وهي ضاهره الصنميه للاشخاص.قكل التيارات السياسيه بجميع مشاربها الاسلامي الراديكاليه والمعتدله والليبراليه و العلمانيه من اليسار و اليمين اصبحت تتبنى فكره الرجل الذي لا نقاش في قدراته و الذي يلقى الدعم و التصفيق على حق كان ام على باطل.فما ان تتحدث مع اي عراقي الا وقدم لك اسم قائده الضروره الذي لا نقاش في قدراته.                                                                                                                             




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !