كثيرا ما نسمع إنتقادات من المسئولين في عالمنا العربي لشعوبهم وأن كل مواطن يعتمد على الحكومة ويطالبها بتوفير كل حاجاته والحكومة لا تستطيع كل شئ وتدعو الناس إلى الاقتداء بشعوب الدول المتقدمة التي تتولى معظم شئونها بنفسها عن طريق القطاع الخاص , وهذا كلام لا أساس له من الصحة فالشعوب العربية لا تحظى برعاية حكوماتهاعلى الوجه الاكمل ولاتستطيع الشعوب الأعتماد على نفسها لأن الحكومات لم تعدها لذلك ولم تقدم لها الوسائل للقيام بهده المهمة . بل حتى في دول العالم الصناعي المتقدم تتولى الحكومات تقديم كل الخدمات الى المواطنبن مباشرة وتساعد وتشجع القطاع الخاص للمساهمة في سد حاجات المواطنين . تتولى الحكومات في الدول الصناعية الرعاية الكاملة لأكثر من 20% من شعوبها وتدفع أجورا ومخصصات نقدية أسبوعية لكل عاطل عن العمل أو عاجز إو مريض أو كبير السن أو اي أمرأة ترعى أطفالا لا عائل لهم بما يمكنهم من حياة تليق بالانسان ومستوى المعيشة في البلد التي يعيشون فيها , مع تخصيص سكن في المستوى السائد في البلاد أو علاوة سكن لكل منهم وتتحمل نفقات المواصلات والتعليم والعلاج في أعلى المستويات مجانا وتقديم التسهيلات ألى 80% من السكان العاملين الذين يحصلون على دخول تتفاوت حسب الاداء وتتمشى مع مستوى المعيشة المرتفع السائد في البلد للحصول على الخدمات المصرفية و قروض عقارية من المصارف المدعمة ماليا من الحكومة وقد تصل قيمة القرض العقاري الواحد نصف مليون جنيه إسترليني لشراء أو بناء سكن لائق لهم , على أن تسترد هذه القروض على دفعات شهرية تتناسب ودخولهم في فترات قد تطول إلى 50 سنة مع وقف الدفعات في حالة البطالة أو العجز وتتولى الحكومة دفع الأقساط . كما أن هذه القروض العقارية يجوز تجدديها كلما إحتاج المواطن قرضا لدفع نفقات إضافية لحاجاته الحياتية كشراء سيارة أو تأتيث بيت أوقضاء أجازة دون تحمل زيادة في دفعاته الشهرية للبنوك فتضاف القروض الاضافية وفوائدها الى القروض العقارية وتجديدها لنفس المدة . هذا بالأضافة إلى خدمات الصحة والتعليم لمن يريد إستعمالها والمتوفرة مجانا للجميع بصرف النظر عن مستوى الدخول . بهذا فأن كل أفراد الشعب من يعمل ومن لا يعمل بدون إستتناء يتمتع بمستوى معين من الحياة الكريمة في بلاده . هذا يتم طبعا مع وجود طبقة من الأغنياء الكبار ومرتفعي الدخل والطبقة فوق المتوسطة الذين يتمتعون بمستوى حياة أعلى من غيرهم وإرسال أبناءهم ألى المدارس والمستشفيات الخاصة وشراء البيوت واليخوت والسيارات الفخمة طبعا مع دفع الضرائب عن دخولهم بنسب تصاعدية حتى تتمكن الحكومة من دفع تكاليف الحياة إلى الطبقة المحتاجة وإقامة وصيانة الخدمات العامة وشئون الدفاع والأمن . هذا هو الفرق بين ما تقوم به حكومات العالم الثالت ومنهم الدول العربية وبين حكومات الدول الصناعية المتقدمة . وقد يقول قائل أن الفرق ناتج من إرتفاع الناتج القومي للدول الصناعية مقارنة بضعف الناتج القومي للدول النامية . وهذا صحيح ففي الدول النامية يرتفع معدل البطالة إلى 70% إذا أخذنا في الأعتبار البطالة المقنعة غير المنتجة وأنخفاض أجور غالبية العاملين بحت لا تكفي حتى لأبسط حاجات الانسان من مأكل وملبس, مما يجعل الأستهلاك شبه معدوم في الدول النامية , وهذا بدوره لم يساعد على قيام صناعات وإنشاء خدمات وتوفير العمالة وتخفيض البطالة وزيادة أجور العاملين ورفع مستوى المعيشة لعامة الشعب . وقد رأينا اخيرا في دول العالم الصناعي أن الأستهلاك كان ولا زال العامل الحيوي في نمو الأقتصاد الوطني . ومن واجب حكومات العالم الثالت وخاصة الدول العربية توجيه جهودها نحو التركيزعلى رفع مستوى إستهلاك شعوبها بتشجيع وتمويل المنتوحات الزراعية والصناعية الوطنية لزيادة فرص العمل امام المواطنين ورفع أجور العاملين لزياة قوتهم الشرائية وتوجيهها لرفع مستوى الاستهلاك للمنتوجات الوطنية وتشجيع الخبرات الوطنية المهاجرة إلى العودة للمشاركة في جهود التنمية الوطنية وتوفير الخدمات التعليمية والصحية والمواصلات ومحاربة الفساد والحد من الأعتماد على أستيراد البضائع والخدمات والخبرات من الدول الصناعيه . وأني واثق أن توفير الأموال لتنمية لأنتاج الزراعي والصناعي الوطني لن يكون صعبا فأموال دول العالم الثالت بما فيها الدول العربية كبيرة وكلها مستتمرة ومودعة في المصارف والشركات الاجنبية في الخارج ومن الواجب إسترجاعها . ورغم أني لست من خبراء المال والنظم المالية الحديثة إلا أني أرى أن خبراء المال مطالبون بدراسة طرق مساهمة الدولة في دعم وتمويل المصارف الوطنية بالاموال لزيادة نشاطها وتقديم خدماتها للمواطنين والشركات والصناعات الوطنية كما جرى عليه العمل أخيرا في الدول الصناعية لمعالجة الأزمة المالية الحديثة ولوبالأقتراض الأجنبي أو بطبع نقود وسندات للدين الوطني العام , وعدم التقيد بأراء المنظمات الدولية الدولية التي توجهها الدول الصناعية الكبرى لصالح أقتصادياتها وصناعاتها وتجارتها .
التعليقات (0)