لم يكن العنوان لمجرد الإثارة، بل هو واقع وأشياء حقيقية أخرى، بالمناسبة فإن عنوان المقال هو آخر ما يكتبه الكاتب وأول ما يقرؤه القارئ، لذا أعترف أني سأتراجع عن كلاسيكيات الكتابة وأبدأ بسرد قصتي القصيرة..
فقبل أسبوع مضى كنت من ضمن المتدربين في إحدى قاعات الفنادق بدورة تدريبية عابرة، وكان أغلب المتدربين من زملائنا في الجهات الحكومية الأخرى «المحطمين»، كان المدرب القدير د. عتيق الزهراني مبدعا جدا رغم قصور الوقت والإمكانات المتاحة للمحتوى، إلا أنه يحاول أن يلملم ويختصر قدر المستطاع باستثناء النظريات الأساسية التي تحتم عليه التركيز عليها.
كان همه الوحيد أن يبدأ دورته وجميع المتدربين «نشطاء» فابتكر طريقة رمي الكرة فبمجرد رميها على أحدهم، عليه أن يمسكها ويدلي بمعلومة من المحاضرة الماضية أو نبذة سريعة عنها.
المهم والجدير بالذكر أن المدرب - جزاه الله خيرا- من منسوبي وزارة التعليم «المحطمين»، فقد «وافق شن طبقة»! ما دعا إلى تغيير مجرى المحاضرة في اليوم الأخير وانحرافه عن مساره إلى التراشق بين موظفي الجهتين الحكوميتين مستعرضين بذلك ميزانياتها الضخمة التي لا تمت لمخرجاتها بصلة، إلى أن وصل حال أحدهم مرددا يا دكتور «لا تشكيلي أبكيلك.
انتهت هذه الدورة بهذه العبارة الكئيبة وغدا الدكتور حاملا بؤسه معه بعدما علمنا أن جميع ما ترجل به غير موجود أصلا بين مرافئ الجهات الحكومية التي نعمل بها.
إن الفجوة الكبيرة التي في القطاع الحكومي ليست بسبب شح الكفاءات الوطنية، وإنما بسبب وجود أنظمة قديمة لم تلفظها القطاعات الحكومية بعد!، لذا فإن هناك علاقة عكسية بين المنظمة الحكومية والموظف المتعايش معها، فقد سبقها «فكرا» بكثير من العقود، وهي ما زالت تمارس بيروقراطية الثمانينات ودكتاتورية ذلك العهد، فمن الطبيعي جدا أن تجد موظفا حكوميا يشعر بالإحباط الدائم وعدم الانتماء للمنظمة الحكومية التي يعمل بها.
ولكيلا نكون عرضة لهذا الإحباط المميت بين موظفي ومدربي القطاع الحكومي نحتاج إلى عقد شراكة بين معاهد القطاع الخاص والجهات الحكومية في جميع المناطق حسب سنن وضوابط معدة من قبل خبراء التدريب والموارد البشرية، فربما تنتقل العدوى في القطاعات الحكومية إلى أسلوب القطاع الخاص، خاصة إذا كان التدريب للقيادات العليا..
وبهذا نكون قد تخلصنا من البيروقراطية والمركزية الورقية!
نُشر في صحيفة مكة
http://www.makkahnewspaper.com/makkahNews/blogs/122443.html
التعليقات (0)