دوافع حملة حماس على الرئيس محمود عباس!
التاريخ : 8/10/2009
عمان-الكوفية
-كتب صالح القلاب
-الواضح أن مصر مصممة على إلـزام الفلسطينيين بفصائلهم كلها وبمستقليهم ومُستغليهم أيضاً بتوقيع اتفاق التَّصالحُ بينهم في الخامس والعشرين من أكتوبر الحالي، وهذا تم إبلاغه لكل الأطراف والدول العربية المعنية ومن بينها الأردن والمملكة العربية السعودية والسؤال هنا هو: هل أن هذه المصالحة ستتم فعلاً بمجرد توقيعها؟ أم أن مصير هذا الاتفاق الموعود سيكون كمصير اتفاق مكة المكرمة الذي أجهضته المعادلة الإقليمية المعروفة قبل أن يجف الحبر الذي كُتب به، والذي أتبعته حماس بانقلاب غزة الذي أحدث هذا الشرخ الذي غدا كجرح ملتهب في الحالة الفلسطينية التي تستحق ما هو أكثر مـن العطف والشفقة؟
يقول المتفائلون إن البيئة السياسية العربية التي استجدت في الأيام الأخيرة كنهاية لمسيرة بدأت بقمة الكويت الاقتصادية المعروفة هي غير البيئة التي كانت سائدة عندما تم توقيع اتفاق مكة المكرمة، وإن العوامل التي أسقطت هذا الاتفاق لم تعد موجودة، وإن الأجواء التي عكستها زيارة العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز الأخيرة إلى سورية سوف تلزم الأطراف الفلسطينية ولو مؤقتاً على الأقل بما ستوقع عليه في الخامس والعشرين من هذا الشهر...؟!
لكن الذين لا يرون أن هناك مبرراً فعلياً لكل هذا التفاؤل يشيرون إلى أن حملة حركة حماس التي شاركت فيها كل الفصائل الفلسطينية الحقيقية والوهمية المتمركزة في دمشق على محمود عباس (أبومازن)، والتي تجاوزت الخطوط الحمر، ووصلت إلى حد المحرمات واتهامه بـالخيانة العظمى، هدفها الأول هو التملُّص من هذه المصالحة التي تصر مصر على توقيع اتفاقها بالضغط المتواصل وبالقوة.
غير مقنعة على الإطلاق كل الحجج التي تسوقها حـركة حماس ومـن معها للقيام بهذه الحملة التخوينية غير المسبوقة على الرئيس الفلسطيني واتهامه بوطنيته، فتقرير غولدستون حول الحرب على غزة سيطرح مجدداً على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في مارس المقبل، ثم إن هذا التقرير ما كان من الممكن أن ينُاقَش في الاجتماع الذي انعقد قبل أيام في جنيف حتى لو أصرت السلطة الوطنية ومعها العرب كلهم على مناقشته مادام أن الولايات المتحدة ومعها الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والمجموعة الإفريقية والمجموعة الإسلامية كانت تصر على التأجيل.
لقد كانت حماس ضد هذا التقرير، الذي وصفته بالانحياز وبأنه يساوي بين الضحية والجلاد، لأنه اتهمها بما اتهم به إسرائيل وهو ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، لكنها بادرت إلى تغيير رأيها، واستغلت حكاية التأجيل هذه للقيام بالحملة التي تقوم بها ضد الرئيس الفلسطيني لأسباب كثيرة تتعلق بصراعها التناحري والإلغائي مع السلطة الوطنية ومع منظمة التحرير ومع حركة فتح، من بينها التهرب من اتفاق المصالحة الذي تؤكد مصر أنها ستفرضه في اجتماع الخامس والعشرين من أكتوبر الحالي على الفصائل والأطراف الفلسطينية بالقوة.
ولهذا فإن أغلب التقديرات تشير إلى أن حماس، التي يبدو أن التزامها بطهران أكثر كثيراً من التزامها بدمشق، قد لجأت إلى النفخ في حكاية تأجيل مناقشة تقرير غولدستون أكثر من اللزوم لخلق المبررات المقنعة للتملص من توقيع اتفاق المصالحة في الخامس والعشرين من الشهر الحالي، ولإفشاله لاحقاً إن هي أُجبرت على توقيعه بالقوة على غرار ما فعلته بالنسبة لاتفاق مكة المكرمة.
التعليقات (0)