دواعي أسلمة الدراما .. وظاهرة الخوف منها!!
علي بطيح العمري
قرأت مقالا للأستاذ "شتيوي الغيثي " في "الوطن" بعنوان: أسلمة الدراما: أوهام البديل
وعند التأمل في مضامينه ستجد أموراً غريبة شرق الكاتب فيها وغرب!!
أولا: الأسلمة بمفهومها العام هي تحويل العمل إلى صبغة إسلامية ولعل أهم ما يجب توافره في العمل عدم ارتكاب المحرمات والمحافظة على الواجبات الإسلامية.
ثانيا: لا اعتقد أن الأسلمة شر مستطير ، وليست "شبحاً" مخيفاً يجب تحذير الناس منه ، وبالتالي فهي لن تكون "طوفاناً" سيغرق الناس فيه ، بل خلاصة الأسلمة الدعوة إلى الفضيلة والاحتشام والتأدب وهذا ما يريده ويجمع عليه العقلاء من الشرق والغرب ، فلا أظن عاقلا بكامل قواه العقلية يوافق على "ستار أكاديمي" ولا أخال رجلا – كامل الرجولة - يرتضي تفسخ المرأة وتجردها "وتسليعها" في أي عمل كان!
ثالثا: نعم هناك من بالغ في مسألة الأسلمة حتى سموا "شقق إسلامية" وما شابه هذه العبارة وأمثال هذه المبالغات تظل نوادر وشواذ وقديماً قالوا الشاذ لا حكم له!
رابعا: كأنني شممت من الأخ الكاتب لمزاً وازدراءً لمصطلحات مثل "الأدب الإسلامي ، والإعلام الإسلامي والنشيد الإسلامي" .. وعلى كل فكل جانب ومصطلح من هذه المصطلحات له رواده ومنشئوه ومن يدافع عنه ولا أعتقد أن الكاتب سيثبت أمام حججهم ورؤاهم التي انطلقوا منها .. فكل مصطلح أتى لظروف حتمت وجوده فالأدب الإسلامي جاء بعد أن كثر انحراف الشعر وتشظيات الشعراء سواء عبر الشعر الحر "يسميه الطنطاوي الشعر المر" أو الحداثي وكل مضامينها تقوم على أساس الثورة على المقدس فقد تطاول الشعراء حتى على مقام "الله عز وجل" وغيره من مقدسات المسلمين .. وجاء بعد طغيان "الجنس والتمرد والانحراف الفكري" في الروايات ، فسعى القائمون إلى وجود بديل يحافظ على ثوابت المسلمين ويعزز إيمانهم ويخلصهم من "سموم"الشعر والشعراء.
وكذا الإعلام الإسلامي فالفضاء مليء بقنوات الرقص والتعري ، فما العيب في إيجاد قنوات محافظة تدعو إلى الفضيلة وتقدم المفيد للأسر المسلمة فهل في هذا المسلك عيب يجب ستره وتغطيته؟
وأيضاً النشيد الإسلامي فأنت يا أستاذ تعرف "الأغاني" وكلماتها التي تغوص في كوامن الجنس والحب وتلوح بالخيانة فأي فضيلة تحملها أغاني الفيديو كليب التي يزعجك بديلها ؟؟ أليست هذه الأغاني وما تحمله من كلمات أو رقص نسائي محرمة ومنكر علني ، فهل هذا هو إسلام وهل هذه هي "المحافظة"؟؟ فالنشيد بديل بل إن "الكليبات" التي تروجها هذه الأناشيد لها أهداف ولها تأثير في رسالتها التي تؤديها؟ وهو ما لم نره في الأغاني فهل تعرف مطرباً جمع "أجمل الصبايا" للرقص ودعاهم إلى تقوى الله!!! دلني على "فنانة كليبية!! سترت جسدها وحثت الناس على الرفق بجيرانها!!
خامسا: وهذه الأيام أتت دعوات تدعو إلى "أسلمة الدراما" صحيح أن الفن قد غيب في بعض خطابات الإسلاميين ولم يذكر وطويت صفحاته باستثناء بعض الخطابات .. فلم تولِ الخطابات خاصة المحلية منها في غالبها جانب الفن اهتماماً كبيراً، بل بعضها كان يحتقر الفنون ويعتبرها ملهاةً عن ذكر الله وانصرافاً إلى مغريات الحياة وفتنتها...
إذن دواعي وأسباب أسلمة الدراما يمكن إجمالها في ثلاثة أسباب:
الأول:
وجود قيمين على هذه الأعمال لا ثقافة إسلامية لدى بعضهم ، وهناك من يطمع في جمع المال بأي وجه كان لأنه وجد بالدليل القاطع أن "الفن بيوكل عيش" وآخرون يريدون الشهرة كل هذه العوامل أظهرت لنا أعمالا هشة لا طعم ولا رائحة ولا لون لها.
الثاني:
وجود انحرافات وسلبيات في الدراما ، خذ مثلا : العمل الدرامي الذي يؤكد على أن الإسلام والمسيحية وجهان لعملة واحدة لا فرق بينهما!!
وآخر يحرف الآيات وتقرأ خطأً .. وثالث يخرج بفكرة ليست موجودة في أدبيات المسلمين مثل "تعدد الأزواج للمرأة" فبذمتك هل هذا المسلسل يعالج قضية اجتماعية أم يدعو إلى فكرة سليمة أم انه انحراف وحب للإتيان بشيء يصادم الناس!! وعلى قول احد الكتاب إذا كان "الأزهر" وافق على فكرة المسلسل فهل وافق على ملابس الممثلة!!!!!!!!!!!
حتى المسلسلات التاريخية لم تسلم من التشويه والخطأ الكبير خذ مثلا مسلسل "خالد بن الوليد" في جزئه الأول فالبطل "نصراني"!!!!! حتى أن المخرج غير البطل في الجزء الثاني .. طبعا هناك رأي للعلماء لا يرون تمثيل الصحابة وحجتهم افتقار الكفاءة والقدرة على القيام بالدور في أكمل صورة تليق بالصحابي وهناك علماء ذهبوا إلى جواز تمثيل بعض الصحابة بشروط محددة لكن من يضمن القيام بها؟
الثالث:
ونظرا لأهمية الدراما وما يمكن أن تؤديه من دور وتأثير في المجتمع
يقول عبد العزيز قاسم: وللأسف أننا ندفع في هذه الأزمنة ثمنا باهظا بسبب تلك النظرة الفقهية والتربوية الضيقة، التي أتاحت لغيرنا التقدم بسنوات ضوئية، ويملأون فضائياتنا فناً مبتذلاً رخيصاً لا يخاطب إلا الغرائز في معظمه، ولا يقدّم إلا الفن الرخيص التافه؛ الذي أفسد الأذواق وأماع الشباب. ونظرة واحدة لرقص وتمايل شبابنا في تلكم الحفلات الغنائية تغنينا عن أية كلمات، وعليه كان لزاماً على الغيورين في هذه الأمة التحرك، وتقديم البدائل الفنية التي تراعي قيمنا ومبادئنا.
لهذه الدواعي والأسباب ظهرت دعوات الأسلمة فانحراف المسلسلات واضح للعيان والموبقات التي تظهر للرائين صارت مثل "الشمس في رابعة النهار" فهناك موبقات دينية واجتماعية بل حتى وطنية – ناهيك عن خلو معظمها من الفكرة والهدف – وهذا لن "أفتيك" به بل ورد على لسان الفنان "فايز المالكي " – مناحي – فقد صرح للصحف أن "توأمه الفني" يمارس تشويهاً لسمعة الشعب السعودي في مسلسل بيني وبينك" والذي تابع العمل يلاحظ شجاعة "مناحي" في هذه النقطة!!
أخيراً..
يقول الكاتب: "إن مشكلة التيار الإسلامي أنه متعال على الواقع وطوباوي إلى أبعد الحدود، وحينما يحاول أن يقدم بعض الحلول التي ينتقدها عند الأطراف الأخرى، فإنها تصبح حلولاً مثالية جداً ليس لها على أرض الواقع أي وجود إلا في خيالات أصحابها، وعلى هذا الأساس كانت فكرة البدائل الإسلامية مجرد أوهام شكلية يطرحها ممثلو الخطابات الإسلامية لجر المجتمع نحو أهداف أخرى بعيدة المدى".
لم تلفظ أقلامنا أمثال هذه الألفاظ "طوباوي ورجعي وغيرها" .. وما هي الأهداف الأخرى التي يتخيلها الكاتب؟؟؟
وعندما يدعو الواحد منا إلى حق أو انتقاد خطأ أو إحلال بديل جيد عوضا عن سيء هل يكون بذلك قد تحول إلى "طوباوي" وصار في عداد الرجعيين؟؟
غريبة قذف الآخرين لمجرد اختلافهم معك أو لمجرد تفكيرهم في مشروع ما .. بإمكان الشخص أن يقول ما يحلو له وينتقد ما يروق له لكن هل يستطيع هذا الشخص التخلص من ترسبات ذهنية سلبية علقت في فكره وتسربت إلى ثقافته أم الطبع يغلب التطبع؟!!!!!!!!!
بقي سؤال أخير:
الذي يعترضون على الأسلمة هل يعترضون على الاسم فقط أم يعترضون على المحتوى؟؟
إن كان الاعتراض من أجل الاسم فليس هناك مانع من تغييره واستبداله ، وإن كان الاعتراض على المضمون فما دواعي الخوف والهلع من "الأسلمة حتى يتم قذفها بكل ألوان السب وأشكال التهكم؟!! .. حقاً تلك مصيبة وكما قيل فالمصيبة أعظم.
ولكم تحياااااتي.
للتواصل
alomary2008@hotmail.com
ولزيارة مجموعتي
http://groups.google.com.sa/group/alomary2008
عصر الأحد 26/9/1431
التعليقات (0)