عبد السادة جبار
مهنة قديمة انتشرت بين الناس لا تعتمد على شهادة او دراسة او علم بل تعتمد على الممارسة واللباقة والعلاقات في الدوائر المعنية وهي مهنة الدلالية والمعقبين لبيع وشراء العقارات والمهنتين مرتبطتين ببعضهما بالرغم من كون واحدة مسموح بها قانونا والاخرى مشمولة بقانون الفساد الاداري ،ولكن من الناحية الواقعية اصبحتا سائدتين وساريتي المفعول حالهما كحال اي ممنوع آخر ، والمشكلة ليست بممارسة المهنة بل بتنظيمها ووضع ضوابط جديدة وقانونية لممارستها ،هذا التحقيق يتناول هذا الموضوع لأهميته بسبب كثرة البيع والشراء والايجار لأنواع واصناف متعددة للعقارات شملت الشقق والاراضي الزراعية والشخصية والمرهونة وما يسمى بالحواسم والتجاوزات .
يتحدث المواطن صلاح كباشي عن تجربته في شراء قطعة ارض، اتفقت مع الدلال والبائع على قطعة ارض في منطقة حي الهادي على الخارطة الموجودة لدى الدلال وعلى اساس انها تطل على ساحة و لم يكتمل بناء المنطقة بعد وتركتها لحين توفر خدماتها وبعد مرور اربعة سنوات اكتشفت انها لم تكن كذلك وانها تطل على تشجير للمنطقة المقابلة ،وطبعا الدلال قد غير مكانه والبائع بعد ان قرر لي الارض ذهب الى مكان آخر ،وعندما صادفت الدلال في الطريق عاتبته كان رده انني لم اخسر وان الارض ارتفع سعرها الى اضعاف وانه يمكن ان يبيعها الى مشتري آخر ان رغبت ،فتصور كم مرة يحدث مثل هذا الامر فالدلالين غير ملزمين قانونا اذا حصلت مشاكل بين البائع والمشتري وعندما تبطل البيعة لايلتزمون برد نسبة الدلالية ،هم لا يهمهم غير ان يتم البيع بشكل سريع دون وضوح ويقبضون النسبة وتنتهي علاقتهم بالآمر
حسن صلال موظف يقول الدلالون والمعقبون متواجدون في معظم دوائر الدولة وليس في دوائر التسجيل العقاري فقط ، هم يمارسون عملهم في دوائر المرور والجنسية والجوازات وفي كل مكان لكن مجال العقارات مربح اكثر لذا نجد تهافت الدلالين على ممارسة هذه المهنة المربحة والتي لا تعرف الكساد وهم يملكون لباقة وقدرة في اغراء البائع او المشتري و(توريطه ) احيانا ببيع او شراء ليس في صالحه ، ومعظم المعقبين هم من الدلالين أو العاملين معهم وبإجازات صادرة من الدوائر المعنية وقد نظم ذلك بقانون يسمى قانون الدلالة ، وبموجب هذا القانون يمارس الدلال مهنته بعدى حصوله على الأذن القانوني وفي السنوات الأخيرة ظهر صنف أخر وهم المعقبون دون الوسطاء ، علما بأن دوائر التسجيل العقاري وضريبة الدخل ودوائر البلدية تمنع مراجعة هؤلاء لان القانون لا يجيز مراجعة هذه الدوائر الا من قبل صاحب الشأن أو من قبل محامي يحمل وكالة عامة مصدقة من قبل كاتب العدل والقانون يطال البائع او المشتري ولا يطال الدلال او المعقب لأنه خارج اللعبة ،طبعا هذا لا يعني ان جميع الدلالين والمعقبين هم نفس النوع هناك من ينصحك ويدلك على ما يناسبك ويتعامل معك بوضوح ولكن هؤلاء نادرون .
المدرس هاشم مزعل يتحدث عن بنايات دوائر الطابو يقول :ان اكثر دوائر التسجيل العقاري اشبه بالأقبية فهي عبارة عن بيوت مستأجرة تستقبل مئات المراجعين في اليوم الواحد فلك ان تتصور حشر هذا العدد من المراجعين في ممر مخصص لبيت وعدم وجود تكييف مناسب وطبعا تشكو الدائرة كغيرها من دوائرنا من الروتين القاتل وحيث ما وجد الروتين انتشر الفساد وخاصة ان بعض المواطنين لا يستطيعون الانتظار خصوصا اذا كانوا مرتبطين بعمل او وظيفة فيضطرون الى الدفع لتسريع معاملاتهم للمعقبين الذين بدورهم يعطون نسبة معينة مما يقبضون الى الموظفين في تلك الدوائر حيث تصل النسبة في المعاملة الواحدة الى مليون ونصف دينار مع انك ترى في كل دائر قطعة كتب عليها ممنوع دخول الدلالين والمعقبين.
ويقول المحامي علي عبد الحسين : مهنة المعقب ليست وليدة الظروف التي نعيش وهي موجودة في العراق منذ زمن بعيد وتحمل أسماء شتى وهناك قانون يسمى قانون الدلالة والتعقيب في دوائر الطابو رقم (91) لسنة 1967 وقد اجريت عليه بعض التعديلات في السبعينيات لكنه لم يعد صالحا في ظل الظروف الحالية ولا أعتقد أن هناك من ضرر قانوني يقع على المعقب ان ظل يعمل ضمن الأصول المتبعة ولم يسهم في فساد أو أفساد أو يعتمد أساليب غير مشروعة كالرشوة مثلا لتسهيل مهمة أنجاز المعاملات الخاصة بعملائه ، وقد تعددت منافذ هذه المهنة بسبب سهولة ممارستها وانتشار البطالة وعدم تطلبها لرأس مال ، وقد اشاعت هذه المهنة أو بعض الذين يمتهنونها عمليات النصب والاحتيال والتزوير ، والأخطر هي ما يجري داخل الدوائر العقارية حيث تحولت ملكيات عقارات الى أناس أخرين بموجب وكالات عامة عملها المعقبون نتيجة اتصالاتهم وبارتباطات مشبوهة وضمن قوائم دفع معلومة ويعرفها الجميع
المواطن كاظم دواي يقول اشتريت مشتمل بمساحة 100متر من بيت مساحته 300 متر من شخص اشترى الارض فقط وبناها هو لكن مالك الارض الاساسي لم يكن حاضرا في الاتفاق وكاد الامر يتعقد لولا وجود المعقب ومتابعته للأمر بأسلوبه وطريقة اقناعه لجميع الاطراف واتمامه التقرير بدائرة الطابو مقابل مبلغ 600الف دينار ،لابد ان ادفع هذا المبلغ لأخرج نفسي من هذه المعمعة لأتمم الامر وقد ساهم المعقب بدورة بتخفيض نسبة التقدير للمشتمل لتنخفض نسبة الرسوم المدفوعة من سعر الشراء ،وجرت المعاملة بشكل سلس وطبيعي دون تأخير ،انا اعتبر الامر طبيعي رغم ما يشوب الامر من فساد ،لكنه واقع حال علينا ان نتقبله لان الدولة لا تتمكن من السيطرة على كل شيء .
محسن على دلال مجاز يمتهن هذا العمل منذ اكثر من عشرين سنة يقول : اتفق معك ان بعض الدلالين طارئين على هذه المهنة ،ولا يقدرون خطورة عملهم ان التوسط في بيع العقارات ليست عملية سهلة ،لقد نصحت اكثر من مواطن قبل ان يبيع عقاره او يشتري كيف يتعامل مع العملية وكل ما يتعلق به اسجله في دفتر فيما يخص الورثة او الحجز او الضربة او الرسوم ليكون الامر واضحا لديه قبل ان يبيع او يشتري ،وعند ظهور خلاف او بطلان البيع لأي سبب كان اكون طرفا منصفا للتوفيق بين الطرفين ،بعض الدلاليين يعتقد ان الحصول على نسبة الدلالية هي الهدف ،على العكس قد يضر الامر بسمعة الدلال اذا ما كان واضحا وكافلا للعقد المبرم بين الاطراف ويخسر زبائنه لأنه لن يكون محل ثقة
المواطن خلف علي له راي آخر
انا ارى ان المواطن بقدر من الصبر والمتابعة الاصولية وزيادة في الزمن يمكن انم يبيع او يشتري دون وينجز معاملته بطرق اصولية دون الحاجة الى دلال او معقب ،على العكس ربما يتورط عن طريق الوسطاء بقضايا غير اصولية يندم عليها بسبب الرشاوى ،انا اشتريت بيت من شخص كان واضحا معي وقد توصلت اليه عن طرق اعلانه البيع على واجهة البيت وسالت عنه فأشادوا به شاهدت المنزل وتم الاتفاق على السعر والمقدمة وفترة الاخلاء وتابعنا المعاملة سوية وبشكل اصولي ،نعم استغرقت زمنا مضاعفا ،لم يهمنا الامر لكن الامر انتهى بكل وضوح وكل منا حصل على حقه كاملا ووفرنا لكل منا مبلغ الدلالية والتعقيب وهو اكثر من مليوني دينار .
التعليقات (0)