قاسم السنجري
الديكتاتوريات لا تشعر بالخجل، هذه حقيقة لا مفرَّ منها ، بل لا وجود لشيء يسمّى " الخجل" في قاموسها الجامع لمفردات الحكم الذي وطّدوه بالنار والحديد، فليس اغرب من ان يخرج احد العتاة و هو يتلوّى ألماً ويكاد أن يعتصر عينيه لاسقاط قطرة من الدمع و لو بقدر جناح بعوضة ، هذا المشهد يعيد إلى الاذهان خروج الطاغية صدام في احد خطاباته التي كانت تحشّد للحرب في الثمانينيات و حين مرّ على ذكر ضحايا العراق في هذه المحرقة تباكى عليهم بينما كانت فرق الإعدام التي شكّلها، تبطش بالجنود الذين يتراجعون من فوهة الفرن.
ويبدو ان التكرار لا يشكّل عيباً لديهم حين يقتبس الطغاة المواقف ذاتها و يطلقون الزفرات الكاذبة ، فأي ممثلين محترفين يظهرون أمامنا؟! و أيّ ضحكة صفراء يحاولون كتمها وهم يؤدون هذا الدور الهزيل ؟! فالمكان المطلي بالابيض ليس كافياً ليدل على النقاء كما ان ارتداء الملابس البيضاء لا يعني انها تخفي دماء الذين قتلوا بأوامر هذا الطاغية أو ذاك.
بعد ان احبط الفيتو الروسي – الصيني مشروع القرار القطري ضد سوريا ظهر الملك السعودي وهو ينتقد هذا الاجراء و يحاول أن يتقمص دور الذي يعصره الألم على الشعب السوري دون ان ينظر إلى يديه الملطختين بدم اهل القطيف و قبلها بدماء اهل البحرين الذين يتواصل عليهم القمع اليومي من قبل مرتزقة النظام الخليفي و قوات الاحتلال السعودي فمنذ عام و أهل البحرين يتعرضون للتنكيل و القتل و استباحة البيوت.
ان اعتراض الملك السعودي على "الفيتو" تبعه مشروع قرار سعودي تم تقديمه للمنظمة الدولية و كأن "المملكة الهرمة" تحاول أن تجد فرصة للظهور بعد أن تراءى لها ان موضوع ارسال قواتها لقمع انتفاضة البحرين قد غاب عن الاذهان بسبب تسارع الاحداث التي تعصف بالمنطقة غير ان ظهورها المخجل كان خاطئاً بل وخطيئة كبيرة، فالملك السعودي ينتقد الفيتو المزدوج في جمع من المشاركين في مهرجان " الجنادرية" وهذا المهرجان هو خطيئة كبيرة ورقص على جثث آلاف الحجازيين و القطيفيين الذين ابادتهم العائلة السعودية لتسيطر على جزيرة العرب وتقيم دولتها القبلية، كان الملك السعودي يتلوّى ألماً على ضحايا سوريا بينما في نفس الوقت تتناقل وكالات الانباء مصرع شابين في القطيف برصاص الأمن السعودي واستمرار القمع الممنهج لأبناء البحرين و انتفاضتهم الباسلة.
ما اشبه اليوم بالبارحة بل انها ذات الايام تدور بسيناريو مكرر وطغاة متشابهين و أن اختلفت سحناتهم، يقتلون بيد ويلوحون بغصن زيتون زائف في اليد الاخرى وهم يدركون ان هذه الحيل لا تنطلي على احد و لكنهم يصرّون على تقديمها و لا يدفعهم لمثل هذه الافعال سوى استهانتهم بعقول شعوبهم وما بكاؤهم إلاّ بكاء التماسيح.
http://www.beladitoday.com/index.php?aa=news&id22=2697
التعليقات (0)