دمـــوع التماسيح
مصعب المشرّف
2 مارس 2021م
الذين يشبهّون قرارات لجنة ازالة التمكين ومحاربة الفساد بمصادرات وتأميمات نميري عام ١٩٧٠م ، يتعسفون المقارنة . ويخطئون المفصل ويبعدون النجعة.
شركات الكيزان البائدة والاصولية العالمية الفاشلة كانت مافيات نهبت البلاد ودمرت الاقتصاد . وسرقت ثروات البلاد وهربتها للخارج ، لتنتفع بها عواصم الاسلام السياسي العقيم وعلى راسها انقرة.
بيع الكيزان أرض السودان وجنسية السودان للاجانب وشذّاذ الآفاق بمبرر دولة الاسلام لا دولة المواطنة كان خيانة للوطن وشعبه واجحاف في حقوق ابنائه . وانكار لحقيقة دولة المواطنة التي جاء بها قول الله تعالى (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) .. ولم يقل "ليظلم ويسرق بعضكم بعضا وتناهبوا".
تاجير الاراضي الزراعية الخصبة بمصادر مياهها ومناجم الذهب لمدة ٩٩ عام للأجانب باسعار هزلية مضحكة رمزية ؛ كان في حقيقته إلتفاف وبيع للارض والثروة والموارد المائية تحت الطاولة. وخيانة كبرى نظير شراكات نائمة وعمولات ورشاوي تذهب لجيوب رموز الكيزان وقياداتهم الجشعة فارغة الأعين الظالمة. وكان ابعد ما يكون عن فكرة ومقتضيات قوانين الاستثمار العالمية المعمول بها والمتعارف عليها بل حتى تلك الاستثمارات الاجنبية القائمة الان في اثيوبيا ومصر وتركيا وماليزيا.ناهيك عن أستراليا وتلك الأوروبية الغربية والعُظمى الكُبرى.
الاستثمار الجائر الذي سمح به الكيزان ـ واداروا واشرفوا على فساده هو الذي ادى في نهاية اامطاف الى تشجيع بعض مواطني دول الجوار على الإستيطان داخل أراضينا ، وتزوير العملة السودانية ، وضرب اقتصادنا في مقتل.وإستباحة قطعانهم لحدودنا بحافلاتهم وقندراناتهم وآلياتهم على طريقة "إسماعيلية رايح جايي".
لا توجد دولة في العالم تسمح بزراعة اراضيها واستنزاف الاجنبي لتربتها ومياهها مجانا هكذا . ونقل منتجاتها الاستراتيجية الى الخارج ببساطة هكذا دون حسيب او رقيب.
وليعلم من لم يعلم بعد ؛ أنه هكذا كانت حقيقة إختلاط الحابل بالنابل في اراضي الفشقة وبعض الشرق واجزاء من الشمالية . التي تورط الكيزان البائدة بتأجيرها أو ببيعها تحت مسمى "الإستثمار" الى الامهرا من جهة والجيش المصري من جهة اخرى... وما خفي أعظم ستُبدي به الأيام ما كنا نجهل ويأتينا بخبره من لم نزوّدِ.
واتحدى ثم اتحدى واتحدى ان يخرج لنا (الآن) والي من ولايات الشمال والشرق والوسط في مؤتمر صحفي . فيحدد لنا بالارقام الاموال التي تدخل خزينة ولايته وخزينة وزارة المالية الاتحادية مباشرة من ارباح وريع هذه الاستثمارات الاجنبية القائمة.وإلى أين تذهب ؟
كل معاملات وتعاملات الكيزان المالية والعقارية كانت أمهات فساد لم تشهد مثله البلاد من قبل.
ان التعامل الذي كان يجري تحت ظل الكيزان خارج نطاق البنوك ليس تجارة ولا اقتصاد . والتمكين للبعض الكيزان وكهنتهم وخداديمهم وجواريهم وملك يمينهم وغلمانهم وامنجيتهم وزبانيتهم ومليشياتهم دون عامة الشعب لم يكن اداة تعمير ابدا . بقدر ما كان اداة استنزاف وفساد ونهب ثم نهب يتلوه نهب.
وطوال ٣٠ عام كان اعتماد الكيزان على الاجهزة الامنية وبطشها واغتيالاتها وبيوت اشباحها للاسكات والتزوير والتدليس واخفاء الحقائق استراتيجية ثابتة.
ولكن هيهات . فعلى مدار التاريخ لم تحمي مثل هذه الاجهزة القمعية نظام شمولي فاسد قائم من التهاوي والسقوط. ولن تحميه حاضرا ولا مستقبلا.ولو كان ذلك ممكناً لكان الجستابو الألماني وسافاك عرش الطاؤوس الإيراني أشطر.
نظام نميري بدأ انقلابي عسكري على ديموقراطية ثورة ٢١ اكتوبر . وتحول الى شمولي بليد.
ولكن ثورة ديسمبر اختلفت عن سابقاتها . وجاءت على نحو متطور من الثقافة والوعي والادراك ، على اشرعة عصر المعلوماتية والتفاعلية العريضة.
هي ثورة ديموقراطية صنعها الشعب هذه المرة لتستمر وتبقى متجددة بأفكار لا متناهية الافق وعقيدة حرية وسلام وعدالة. وشفافية ستتحول البلاد على يدها الى دولة قانون ومؤسسات ورفاهية يشارك فيها كل جهاتها ومواطنيها يــداً يـيـد وعلى قـدم وسـاق.
وثورة ديسمبر في الواقع ورثت من الكيزان البائدة جوعا ومرضا وغياب مؤسسات وفوضى عارمة في كل شيء . ولم ترث نظاما اقتصاديا مرفها او معافي او قاعدة إدارية وطنية مخلصة وامينة حتى يتباكى عليه متسلقيه واشباه رجال كيزانه البائدة ويذرفون دموع التماسيح.
التعليقات (0)