مواضيع اليوم

دمشق ـ دبي ـ 1

يوسف رشيد

2012-09-26 21:48:34

0

  

 إحدى أحدث الطائرات التابعة لشركة طيران الإمارات ، أقلعت بنا من مطار دمشق ، إلى مطار دبي ..

وبأقل من ثلاث ساعات ، وصلنا ..

كانت هذه المرة الأولى التي يخرج فيها من سوريا إلى إحدى دول الخليج ، بعثة تعليمية حكومية ( إعارة ) ، وخاصة ( عقود شخصية ) بعد حرب الخليج ( عاصفة الصحراء ) ، ومؤتمر مدريد للسلام ..

إذ ، بعد احتباس متناغم مع الحصار الغربي على سوريا ، انفرجت أسارير هؤلاء ، ومعها ، انفتحت دول الخليج ، وفتحت أبوابها ـ جزئيا ـ للسوريين ، عرفانا بموقف حكومتهم من غزو الكويت ..

لذا ، كان الحدث تاريخيا للجميع ، ومثّلت الرحلة أملاً ، وبداية حلم طالما تاقت له نفوسنا ، وعملنا من أجله سنوات ، وشاركَنا الأحبة والأهل والأصدقاء غبطتنا ، وحسدَنا عليه كثيرون آخرون ..

ولم يكن الطريق لهذا اليوم 07/09/1992  سهلا ، بل سبقته أحداث ولقاءات ومقابلات وأوراق ثبوتية وسفر وإقامة ووساطات وانتظار وترقب وشائعات ....

لكن مشيئة الله تعالى تحققت في آخر المطاف ، واضعة حدا ونهاية لكل ذلك ، وصعدنا إلى الطائرة وسط مشاعر ملونة مضطربة قلقة ، انتابتنا جميعا ـ مسافرين ومودِّعين ـ قبيل الإقلاع ، خشية أن يُنادَى على أحدٍ منا ، ليُطلبَ منه النزول لسببٍ ما !!

وإذ أغلق باب الطائرة ، وعلا هدير محركاتها ، وبدأت تتدحرج على المدرج ، ضجت الطائرة بصيحات الفرح والصفير والتصفيق ، فيما تعالت شهقات وزفرات من صدور بعض الزميلات ، وهن يلوحن ويكفكفن دموعا لا يعلم أحد كنهها ..

كانت الطائرة من الداخل مثيرة لدهشتنا ، بأناقتها ونظافتها وأنظمة التلفاز والصوت والشاشات التي تعرض خط سير الرحلة مع معلومات ملاحية أخرى ..

وكانت الشاشات التلفازية اللمسية المثبتة أمامنا ، آخر تقليعة في طراز هذه الطائرات ، والكثيرون منا مذهولون بها ، وجاهلون بكيفية التعامل معها ، ومع أجهزة الصوت الخاصة بكل راكب ..

وما إن استقرت الطائرة في الأعالي ، حتى تحررنا من أحزمة الأمان ، وبدأت ألبي استنجاد الآخرين بمساعدتهم في التعامل مع الشاشات ومقابس الصوت ..

 

لم أكن أعرف أحدا من جميع المسافرين ، سوى معرفة بسيطة بأحدهم ، ولم تسمح الظروف بتعميق العلاقة ، خاصة مع انشغال الجميع بهاجس الوصول إلى " العالم الجديد " من جهة ، وبالظروف التي حتّمت على كل منا ، الانفصال عن أهله وأسرته وعياله إلى " الاغتراب " فيما وراء الصحراء ..

وحين طُلِبَ منا التزام المقاعد وربط أحزمة الأمان ، بدت المدن تحتنا كتلا من الضياء ، ثم ، بدت ألسنة اللهب المتصاعدة من حقول النفط تتراقص كشموع الأعياد ..

ومع هبوط الطائرة في مطار دبي ، هنأنا بعضنا بسلامة الوصول ، وسط بهجة الجميع وهرجهم .. وقيل لنا عبر مكبرات الصوت في الطائرة : إن ثمة حافلات تنتظر " المعارين " منا في الخارج ، لنقلنا إلى مكان إقامتنا بعد إتمام إجراءات الدخول ، واصطحاب الحقائب ، وذلك حسب الإمارة التي نتبع لها ..

وشكلت لحظة الخروج من الطائرة انتقالا قاسيا من أجواء الطائرة الباردة التكييف ، إلى أجواء المطار اللاهبة المشبعة برطوبة خانقة ، تحشرجت لها حناجرنا ، وتثاقلت أنفاسنا بكثافتها وشدة تأثيرها على الصدور الضيقة ..

نقلتنا ثلاث حافلات متوسطة إلى أحد فنادق المدينة ، بعد مشوار لم يدم أكثر من ربع ساعة عن المطار ..

كان كل شيء مرتبا في الفندق بالاسم ، وكنا حوالي الخمسين .. حملنا الأمتعة ، ورافقنا الأدلاء إلى غرفنا بعد أن أبلغونا بالنزول إلى المطعم لتناول العشاء ..

يقع فندق " الإكسيليسور " في وسط المدينة ..

لبثنا فيه خمسة أيام من الضيافة .. خلالها ، كنا نخرج ليلا للتجول في الشوارع المحيطة ، مسكونين بهاجس الاتصال بالأهل ، من الكبائن المنتشرة فيها ، لطمأنتهم عن أحوالنا ..

كما سمحت لنا أوقات الفراغ الطويلة ، والجلسات إلى الموائد المفتوحة بتعرفنا على بعضنا أكثر ، وتمتنت علاقات الزمالة بينا ، واستمعنا من الضيوف الذين زاروا بعض الزملاء إلى كثير من الشائعات حول المدارس التي سنوزع عليها ، والسلفة النقدية والرواتب والتعويضات التي سنتقاضاها .. كما أخذونا بالتتابع إلى أحد المستشفيات القريبة لإتمام الفحوصات الطبية التي تمهد للحصول على الإقامة اللازمة ..

وحصلت أنا من أحد الزملاء معنا ـ بعد أن سمعته يردد اسمه ـ على رقم هاتف الصديق الموجه الاختصاصي في دبي " عدنان كزارة " ، فرحب بوجودي ، وزارني في الفندق ، واصطحبني في جولة في المدينة ، ودعاني إلى عشاء في أحد المطاعم القريبة ..

كما اتصلت بالأخ " أبي سعيد " في الشارقة ، فزارني أيضا ، واصطحبني إلى أجواء مطعم شامي قريب ، وأكد علي بمودته المعهودة ، أن نبقى على تواصل لأي طارئ أحتاجه ..  

وفي اليوم الخامس ، حملونا إلى " منطقة دبي التعليمية " لاستلام " الإجراء المالي " الذي هو بمثابة قرار التعيين في العمل ، ونُقد كل منا بسلفة مالية قدرها خمسة آلاف درهم ، وأبلغونا باسم المدرسة التي يجب الالتحاق بها صباح الغد ..

على أن نغادر الفندق مساء اليوم ، لانتهاء أيام الضيافة ..

كثيرون منا رتبوا أمور إقامتهم خارج الفندق ، بمشاركة زملاء لهم .. وآخرون اتفقوا على استئجار سكن مشترك ، وغادر البعض مع معارف لهم ، وبقيت أنا و" مفيد " وحيدين من الذكور في الفندق ، كما بقيت بعض الزميلات ، حيث عُرض عليهن استمرار الإقامة بأجر مخفض ، فيما رفضت الإدارة قبول إقامتنا ـ أنا ومفيد ـ بنفس الأجر ، حسب ما أفادنا " عراب العرض " السائق السوري لإحدى حافلات الوزارة ، وكان الفارق كبيرا جدا بين الأجرين !!..

وفي أجواء الحيرة والاضطراب والانزعاج من هذا التمييز ، وكمساعدة لنا ، عَرَض " العراب " علينا أن ينقلنا إلى " بيت الشباب " بدبي ، لنمضي فيه الليلة ريثما نتدبر أمرنا ..

كان بيت الشباب في طرف المدينة القريب من الشارقة ، في محيط ناد رياضي ، حيث وضعت " كرفانات " كبيرة خشبية مسبقة الصنع ، قادنا الموظف المسؤول إلى إحداها ..

كان الضوء خافتا ، وقد استلقى فيها عدد كثير من النائمين على الأرض أو على فرش اسفنجية بالية ، يمتلئ المكان بالرمل وبروائح مقززة ، وتهدر فيه أصوات الشخير والمكيفات التي فشلت في تعديل الحرارة للحد المقبول ..

بدا انتقالنا من أجواء الفندق إلى هذا الجو مقيتا ومهينا ، فرفضتُ الإقامة ، وأيدني مفيد على مضض ، حيث  " تجاوزت الساعة منتصف الليل ، وما هي إلا ساعات قليلة لا تستحق مزيدا من المكابرة " .. ومع ذلك ، عاد معي إلى الفندق ، فقيل لنا : ليس لدينا غرف شاغرة !!.. وفشلنا في تأمين غرفة في فنادق أخرى ، ولم يبق أمامنا سوى القبول بالاستلقاء ـ في السويعات المتبقية ـ في كرفانات بيت الشباب ..

وبعد أن نقدْنا " المسؤول الهندي " أجر الليلة ، اختار لنا من أفضل الموجود عنده : فراشين ووسادتين وغطاءين ، واندسسنا بين الجَمْع ..

وكانت ليلة " تاريخية " في المدينة الصاخبة ..

أيقظني مفيد في السادسة ، ودلني على الحمّام ..

وبسرعة ، هربنا إلى الشارع .. ركبنا سيارة أجرة وطلبت من السائق " الهندي " التوجه إلى عنوان المدرسة التي سنداوم فيها معا .. كانت الشوارع مكتظة بالسيارات والحافلات المدرسية البرتقالية اللون ..

أمام باب المدرسة ، تأكدنا من اسمها المكتوب على يافطة كبيرة " مدرسة السعيدية الإعدادية للبنين " ، فتنهد مفيد وسألني : ألست جائعا ؟

تناولنا فطائر " لم نذق كطعمها من قبل " وعصيرا معلبا ، وعدنا إلى المدرسة ..

استقبلنا المدير " الهاشمي " في مكتبه ببشاشة ، واستدعى وكيله الذي أعطانا جدولا بالحصص ، وسار معنا إلى الفصول ..

خلال الدوام ، استأذنا المدير ـ أنا ومفيد ـ لاستخدام هاتف مكتبه ، فرحب ، وقال بأريحية : لا بأس .. أهلا وسهلا ..

اتصلت بأبي سعيد طالبا تأمين مسكن لي في الشارقة ، فوعد بكل مساعدة ، واتفقنا أن أوافيه في مكتبه بعد الدوام ..

بينما استعان مفيد بالمدير للحصول على رقم هاتف إحدى المدارس التي ذهب إليها زميله " محي الدين " ، فأجرى اتصالا به ، واتفق أن يشاركه مسكنهم بدبي ، وكتب العنوان ..

ثم استدعى المدير الزميل " محمد شريف " الذي يقطن في الشارقة ، فرحب أن يوصلني معه إلى مكتب أبي سعيد ..

محمد شريف ، سليل عائلة مصرية عريقة ، كان جده " باشا " حاكما لإقليم السودان أيام الانتداب البريطاني ، وقبل انفصاله عن مصر ..

وهو مهندس زراعي يدرّس مادة العلوم .. بيته في شارع الوحدة في الشارقة ، وزوجته مدرّسة أيضا فيها ..

لطيف جدا وطيب جدا ومضياف جدا .. وكمعظم المصريين ، سريع البديهة والنكتة ، تنم التماعة عينيه من خلف نظارته الطبية السميكة عن ذكاء فطري ، ولا تغيب البسمة والضحكة عن محياه ..

وفي الطريق المكتظ إلى الشارقة ، أعطاني رقم هاتف بيته ، ودلني عليه حين مرورنا من أمامه ، واتفقنا أن أتصل به لأعطيه عنوان إقامتي الحالي ، ليأخذني معه إلى المدرسة في دبي ..

استقبلني أبو سعيد بمودة وحُنوٍّ ، وخرجنا معا .. تناولنا الغداء ، وذهبنا إلى بيته ، لنقيّل في وقتٍ تكون فيه معظم فعاليات المدينة " مقيّلة " ، على أن نسعى في البحث عن مسكن بعد العصر ..

استعان أبو سعيد بأحد معارفه ، فذهبت معه في جولة على بعض المكاتب العقارية ، وطالت الجولة ، ولم نعثر على ما يناسب ..

استضافني أبو سعيد في بيته في شارع المطار القديم ، واستمر ذهابي إلى الدوام والعودة منه مع الزميل محمد شريف ، واستمر البحث عن شقة مناسبة ..

بذل مدير المدرسة الهاشمي جهدا بالبحث عن شقة في دبي ، فخرجنا معا إلى مكاتب عقارية قريبة ، ولم نحصل سوى على وعود ، لندرة الشقق التي تناسب أوضاعي من حيث القرب من المدرسة ومبلغ الإيجار وعدد الغرف ....

وقد نصحني الزملاء بالاستئجار في الشارقة ، لعدد من الميزات التي تجعل منها أكثر مناسبة للسكن العائلي في بيئة " عروبية " تفتقدها دبي ، المدينة التي لا شيء فيها يجعلك تشعر أنك في بلد عربي ، أو على أرض عربية ، لغلبة الطابع الأجنبي عليها .. 

وبالفعل ، أثمرت رحلة البحث المتواصل في الشارقة ، ووجدت شقة في مبنى " مركز بهمن " في شارع الاستقلال ، فدفعت ثلاثة آلاف درهم كسلفة ، على أن أعطيه ثلاثة شيكات بالمبلغ المتبقي من الإيجار ، واستلمت الشقة فارغة ، وبدون كهرباء ..

نظفت مكانا أستلقي فيه ، بعدها خرجت أسكت جوعي في مطعم قريب ..

كنت وحيدا بعد انتهائي من الطعام ، حين مر من أمام الزجاج " زياد خليفة " ، فتوقف حين لمحني فجأة ، وأومأت له بالدخول .. تعانقنا ، واستخبر مني عن آخر أحوالي وظروفي .. ودلني على شقته القريبة من مكاننا ، في مبنى القاسمية للشقق المفروشة ، ودعاني لمرافقته إليها لارتباطه بموعد هناك ..

زياد ، كان طالبي في معهد إعداد المعلمين بحلب عام 1981 .. وكان هذا لقاءنا الأول بعد أكثر من عشرة أعوام ..

وحين عرف بعدم وجود الكهرباء في شقتي ، لم يتوان في الإصرار على استضافتي حتى توصيل الكهرباء ..

 

وفي الوقائع المرافقة لاستئجار الشقة ، أفرحني " الإنجاز " الهام ، فاتصلت بالعائلة أبشرهم بقرب احتضانهم بها ، وأرسلت لهم بقائمة بالأوراق والوثائق اللازمة للحصول على تأشيرات دخول لهم ، والثبوتيات اللازمة لتسجيل الأبناء في المدارس ، وأن المسألة يجب أن تتم سريعا قبيل مرور وقت طويل على بداية العام الدراسي هنا ..

لكن .. وُئدَت كل تلك الأوهام قبل أن تزهر ، لاستحالة الحصول على التيار الكهربائي فبل إجراءات كثيرة ، وأهمها :

أنه لكي يتم وصل التيار ، لا بد من أن يكون عقد الإيجار ناجزا ومصدقا من البلدية ..

وأنه لا بد لهذا من أن تكون " الإقامة " ملصقة على جواز السفر ..

ولن يتم لصق الإقامة على جواز السفر الموجود في عهدة الوزارة ، قبل شهر على الأقل ..

ولن تصدر الوزارة تذاكر سفر لمن يرغب باستقدام عائلته إلا بعد صدورها ، ولن تصرف لنا الرواتب قبل شهر آخر ..

وفوق هذا ، لا بد من تأمين مبلغ كبير يفوق ثلاث مرات السلفة النقدية التي استلمتها ، وذلك لشراء مكيفات وأثاث وأدوات منزلية ونفقات أخرى كثيرة ، تفي بحاجة أسرة من خمسة أفراد ..

 

وفي هكذا بلد ، وهكذا طقس ، تستحيل الحياة في شقة بدون تكييف وثلاجة .. وهو ما لا يمكن تحقيقه بدون التيار الكهربائي .. فصار الإحباط سيد الموقف بعد كل هذه المعيقات المستحيلة ، وصار لا بد من التخلي عن استئجار البيت ، واسترداد السلفة التي دفعتها ، لألجأ إلى السكن المشترك مع مفيد والآخرين في شقتهم الكائنة في دبي ..

وبعد لأيٍ ، وتدخلٍ من أبي سعيد لدى مالك البناية ، أعاد لي مندوبُه المبلغ ، وسعيت هاربا من كل تلك الدوائر المغلقة ..

ثم ، وبالاتفاق مع مفيد على تقاسم الغرفة الثانية من شقتهم ، اشتريت ( سريرين وملحقاتهما ، وتلفازا ومكيفا وطاولة وعددا من الكراسي وبعض الحاجيات الضرورية ) من معرض مجاور للأثاث المنزلي ، فوجئت بصاحبه " عادل رجب باشا " ( الذي عرفته موظفا في مركز هاتف الأنصاري ، ثم شاهدته بعد فترة ضابط شرطة في حلب ) ، فأخبرني أنه ترك عمله ليرافق زوجته المدرّسة في الشارقة ..

دبي :

الطابق الرابع عشر من بناية تويوتا في دوار الدفاع ، شقة مفروشة بموكيت رمادي داكن ، وتتألف من صالة فسيحة ، وغرفتين وتوابعها ، فأعيد توزيع المكان : الصالة للزميلين عادل حسن ومحمود ..... والغرفة الصغيرة المقابلة للحمام ، لـ بكري سلام عليك ومحي الدين مينو ، ووضعنا أمتعتنا أنا ومفيد في الغرفة الثانية الكبيرة المطلة على دوار الدفاع ، عبر شرفة واسعة ، فصارت للنوم والطعام والسهرة واستقبال الضيوف ...

لم يكن في الشقة قبل وصولي سوى بعض لوازم تحضير الطعام ، وأدوات كهربائية مستعملة ( ثلاجة وغسالة وفرن ) .. وفرش قطنية للنوم رقيقة جدا ، وبطانيات من النوع الرديء جدا ..

ينامون على الأرض ، ويكوون ملابسهم بالنوم فوقها وهي تحت الفراش ، وبلا تكييف ، ويفرشون أوراق الصحف لتناول الطعام ، وينظفون الموكيت بأيديهم من الوبر والشعر المتناثر من الفرش والبطانيات ..

كان محمود وعادل من عامودا في محافظة الحسكة ، وبكري من ريف إدلب ، ومفيد ومحي الدين من حمص ..

محمود وعادل ، شديدا التأثر بالبرودة ، فلا يرغبان بالتكييف البارد مطلقا .. أما محي الدين ، فكان كثيرا ما يفترش الأرض في غرفتنا طلبا للبرودة ، بينما لم يفعل بكري ذلك إلا لماما ..

وكان من الطبيعي أن تكون ثمة فوارق واختلافات بيننا ، حول كثير من العادات المعاشية والتقاليد والانتماءات ، وأساليب الترتيب والنظافة والقيافة ، وأنواع الطعام ومكوناته .....

وإضافة إلى الأثاث الذي امتلأت به غرفتنا ، طلبت ـ فور حصولي على الإقامة ـ توصيل خط هاتفي ، فوفر علينا جميعا ما كنا نعاني منه أثناء الاتصال بسوريا ..

وبدت حياتنا أكثر هدوءا وتنظيما واستقرارا مع اكتشاف المعالم المحيطة في المدينة عموما والمناطق المجاورة بشكل خاص ، وصار سهلا ، الوصول إلى المدرسة والعودة منها ، لنتبادل ـ على مائدة الغداء أو في السهرة ـ القصص الغريبة العجيبة عن سير يومنا الدراسي ، والعلاقة مع طلابنا ، والمواقف السخيفة والمشاهد الفاجعة التي لم نرها سابقا ، ولم نعتد عليها ، ولا تشبه ما كنا نعاني منه مع طلابنا في بلدنا ..

 

26/09/2012

 

الصورة هي لفندق ( إكسيليسيور ) بدبي عام 1992 ، وقد أعيد ترميمه فيما بعد ، وأطلق عليه اسم آخر .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !