بقلم : خالد وليد محمود
فيما اعتبر التطور الأمني الأخطر بالجنوب اللبناني منذ الحرب الأخيرة في صيف 2006 ، وفي خرق واضح للقرار1701 الخاص بوقف إطلاق النار، قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي مواقع للجيش اللبناني في بلدة العديسة الحدودية، واجتاز الخط الحدودي الأزرق.الملفت لانتباه المراقب هو رد فعل الجيش اللبناني الذي فقد شهيدين في المعركة بينما ربح ثقته بنفسه و ثقة اللبنانيين ، بعدما كادت وظيفته تنحصر في الأمن الداخلي وإحصاء الانتهاكات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية، تحت شعار الخلل الكبير في موازين القوى. لقد استبسل الجيش اللبناني في المعركة و الدفاع عن الأرض والكرامة وأردى أحد كبار ضباط الجيش الإسرائيلي قتيلاً إضافة الى جريحين، هذا الجيش غير هذه المعادلة، واثبت انه، رغم فقر تسليحه وتواضعه، لا يقبل أي انتهاك لسيادة بلده، أو أي تعد على حرمة ترابه الوطني وتصدى بشجاعة وبطولة واستبسال للعدوان الإسرائيلي المتغطرس والمنفلت من كل عقال .
السؤال: لماذا سعت القوات الإسرائيلية هذه المرة إلى اختيار أن تكون المواجهة مع قوات الجيش اللبناني؟ وهل أنها اختارت الأخير كخيار تكتيكي يهدف إلى استدراج حزب الله في مرحلةٍ لاحقة؟ أعتقد أن تصرف القوات الإسرائيلية بهذه الطريقة يهدف إلى الآتي:
- محاولة إلحاق الأذى والضرر بقوات الجيش اللبناني، بما يؤدي لاحقاً إلى ردع هذا الجيش من التورط في المواجهة الإسرائيلية المحتملة مع حزب الله اللبناني. - إبراز الجيش اللبناني المزود بالأسلحة الأمريكية في مظهر العدو الذي يُطلق النار ضد الإسرائيليين، وذلك بما يطلق إشارة واضحة للإدارة الأمريكية بضرورة عدم الإقدام في مشروع تزويد الجيش اللبناني بالأسلحة أو القدرات العسكرية الأمريكية.
- إلقاء المزيد من الضغوط على الائتلاف اللبناني الحاكم، بما يتيح إحداث المزيد من عمليات الفرز والاستقطاب في الأوساط السياسية اللبنانية، بحيث يؤدي إلى المواجهات السياسية بين الأطراف اللبنانية التي سوف تسعى إلى خيار التهدئة وتحييد الجيش اللبناني في الصراع مع (إسرائيل)، والأطراف اللبنانية التي سوف تسعى إلى المطالبة بضرورة التزام الجيش اللبناني بأعباء المواجهة ضد الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية.
- تسعى (إسرائيل) من خلال التلويح بالحرب ضد لبنان إلى صرف أنظار المجتمع الدولي عن مطالبتها برفع الحصار الغاشم الذي تفرضه على قطاع غزة منذ أكثر من ثلاث سنوات متتالية، وبذلك يمكن لتل أبيب أن تجهض الجهود الدولية لرفع هذا الحصار، خاصة بعد اعتدائها الوحشي على أسطول المساعدات التركي" أسطول الحرية"، وقتلها عدداً من الناشطين.
- التهديد بالدخول فى حرب وشيكة ضد حزب الله ونشر السيناريوهات الإسرائيلية لهذه الحرب يهدف فى المقام الأول إلى توجيه رسالة للفلسطينيين والمقاومة الفلسطينية بالأخص فى قطاع غزة، بأن قوة الردع الإسرائيلية لازالت قائمة رغم عجزها عن كسر صمود ومقاومة الشعب الفلسطيني خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، وفشل الآلة العسكرية الصهيونية في هزيمة حركة حماس وإقصائها عن السلطة.
- التهديد بالحرب ضد لبنان يتعلق بأسباب واعتبارات خاصة بالساحة السياسية الداخلية في (إسرائيل)، حيث اعتاد قادة الجيش الإسرائيلي خلال السنوات الماضية على الزعم بوجود مؤشرات حرب جديدة ضد حزب الله بهدف منع تقليص الميزانية الضخمة المخصصة للجيش ووزارة الحرب الصهيونية والتي تقدر بأكثر من 55مليار دولار سنوياً، حيث تطالب الأحزاب الصهيونية مع مناقشة الميزانية الاسرائيلية بتقليص مخصصات الجيش لإنفاقها في مجالات أخرى تعاني من عجز كبير في ميزانيتها، وكأن التهديد بأمن واستقرار لبنان بات مستباحاً للصهاينة من أجل حفنة من الشيكلات.
- تعمد (إسرائيل) في إثارة الحرب المختلقة مع حزب الله في صيف كل عام يهدف في المقام الأول إلى الإضرار بالاقتصاد اللبناني الواعد والمنافس الأكبر للاقتصاد الإسرائيلي في المنطقة، وضربه في مقتل . لأن مثل هذه التهديدات تؤثر بالسلب على كافة المرافق الاقتصادية اللبنانية، وبخاصة البورصة والسياحة.
خلاصة القول إن (إسرائيل) تسعى إلى بدء المواجهة هذه المرة مع قوات الجيش اللبناني لتشتيت قوته وتفتيت التفاف اللبنانيين حوله، بما يؤدي لاحقاً إلى إضعاف علاقة خط قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية) – (مجلس الوزراء اللبناني)، ثم بعد ذلك تتحول (إسرائيل) إلى استثمار هذا الوضع بما يتيح لها الانخراط في مخطط إشعال سيناريوهات الصراع الشرق أوسطي الجديد!
موقع فلسطين أون لاين،
التعليقات (0)