كشفت مصادر اسرائيلة لمجلة تايم الامريكية تفاصيل الضربة الجوية اللتي نفذتها في منتصف يناير / كانون الثاني ضد ما اسمته هذه المصادر قافلة اسلحة ايرانية كانت في طريقها لحماس في الصحراء السودانية , كما وأكدت هذه المصادر الاسرائيلية اللتي وصفتها المجلة الشهيرة بالأمنية ان الضربة نفذتها عشرات المقاتلات الاسرائيلية المدعومة بعدد كبير من الطائرات بدون طيار , وان هذه الغارة هي عبارة عن تحذير لايران ولغيرها وللبرهنة على قوة المخابرات والالة العسكرية الاسرائيلية واستعدادها للضرب بعيدا عن حدودها دفاعا عن امن وسلامة اسرائيل . كما وكشفت المصادر الاسرائيلية عن علم مسبق للولايات المتحدة بالضربة الا انها نفت مشاركتها فيها .
وفي شرح وافي لطبيعة العملية قالت هذه المصادر ان عشرات الطائرات المقاتلة من طراز F16 و F15 مدعومة بعدد كبير من الطائرات من غير طيار اقلعت من اسرائيل وحلقت فوق البحر الاحمر الى داخل الحدود السودانية ونفذت ضربة اولية ومن ثم انتظرت نتائج تحليل الصور اللتي التقطتها الطائرات من دون طيار والاقمار الصناعية واللتي كشفت عن تدمير جزئي للقافلة مما دعى الى اعادة قصف القافلة مجددا وتدميرها بالكامل . وقد قامت الطائرات بالتزود بالوقود جوا فوق البحر الاحمر في طريق عودتها الى قواعدها سالمة .
كل ذلك حدث قبل اكثر من شهرين ولاتوجد حكومة عربية واحدة قالت شيئا عن العملية ولاحتى الحكومة السودانية اللتي ادعت بعد انكشاف العملية ان 800 شخص قتلوا في الغارة الاسرائيلية , فلماذا ؟؟؟ .
وبنظرة صغيرة الى خارطة العالم الالكترونية على موقع الويكي سنجد ان تفاصيل المنطقة وتفاصيل العملية تدل على ان هذه الطائرات لابد ان تكون قد مرت اما فوق اراضي تابعة لدول عربية قبل دخولها للسودان , واما انها قد مرت في مدى رادارات ثلاث دول عربية على الاقل هي الاردن ومصر والسعودية . فمن المعروف ان الوصول الى البحر الاحمر من اسرائيل يحتم على الطائرات المرور فوق خليج العقبة لتجنب المرور في اجواء هذه الدول , واذا علمنا ان اقصى عرض لخليج العقبة لا يتجاوز العشرة اميال فلابد وان تكون هذه الطائرات قد دخلت في مجال الرادارات للدول العربية الثلاث . كما ان المدخل الوحيد الى خليج العقبة والبحر الاحمر من اسرائيل يمر من نهاية الخليج الشمالية وهي منطقة لا يزيد طولها عن اربعين كيلومتر تضم مداخل حدودية لاسرائيل ومصر والسعودية والاردن ولا تتجاوز حصة الحدود الاسرائيلية من هذه المسافة اكثر من عشرة كيلومترات , كما وتضم هذه المسافة اربعة مدن كبيرة وهي ايلات الاسرائيلية وطابا المصرية والعقبة الاردنية وحقل السعودية ومن المستحيل عدم رؤية هذ العدد الضخم من الطائرات بالعين المجردة في هذه المنطقة الضيقة , بل من المستحيل عدم رؤيتها بالعين المجردة حتى من المراصد الحدودية لهذه الدول والواقعة على طول خليج العقبة وفي المدن الواقعة على طول سواحله . بالاضافة الى مئات السفن والزوارق التجارية والعسكرية اللتي تجوب الخليج .
الاستنتاج من كل ذلك واضح ويتلخص في النقاط التالية .
- اما ان قوات الدول العربية هذه اصبحت من الضعف التسليحي والتدريبي والاستخباري واللوجستي بحيث ان راداراتها وحرس حدودها لم يستطيعوا كشف الغارة بالرغم من سهولة ذلك نظريا قبل وقوعها بساعات , او على الاقل ان هذه القوات لم تستطع ايصال هذه المعلومات الى مراكز قياداتها بالسرعة المطلوبة , واما ان هذه القوات قد اوصلت هذه المعلومات الى قياداتها وبالتأكيد الى القيادات السياسية الا ان هذه القيادات قد سكتت ولم تتخذ اي اجراء , وبالتالي فلقد ضربت هذه القيادات بالامن القومي العربي عرض الحائط .
- ان الارض العربية كلها من المحيط الى الخليج اصبحت هدفا لاسرائيل مع موافقة كاملة على ذلك من جميع الانظمة العربية
- تفاصيل العملية تدل على اختراق استخباري اسرائيلي كبير للدول العربية وان المعلومات عن كل شيء في الدول العربية متاحة ومكشوفة لدى الأسرئيلي .
- الصمت المطبق للدول العربية وعدم التعليق على العملية قد يؤكد شكوك التواطؤ مع الاسرائيليين في العملية ويكشف تعاون عربي كبير معها للقضاء على منافذ تسليح حماس .
- الصمت السوداني عن العملية وانتظار اسرائيل للكشف عنها مع مقتل 800 مواطن سوداني يدل على ان الانظمة العربية لازالت تتعامل مع مواطنيها باسلوب الكذب واخفاء الحقائق بل وقلبها في احيان كثيرة .
- الصمت العربي الشعبي عن الغارة يبرهن مرة اخرى عن عجز الشعوب العربية عن التاثير في سياسات بلدانها وعن دورها المحدود في صياغة هذه السياسات , وربما تنم عن جهل كبير لهذه الشعوب لما تعنيه هذه الغارة من دلالات خطيرة تمس واقعها ومستقبلها .
- الصمت الامريكي عن هذه الغارة يؤكد ان السياسة الامريكية تجاه اسرائيل لاتتغير ابدا بتغير الادارات الامريكية وان اسرائيل كانت وستظل الحليف الستراتيجي الاول لها في المنطقة وان الدول العربية ومهما انبطحت فستظل حليف من الدرجة الخامسة اوالعاشرة لها بعد اسرائيل وتركيا وباكستان وحتى دول افريقية مثل اوغندا , وانها تحترم اعدائها من الايرانيين واستعدادها لمفاوضتهم واعطائهم مايطلبون من حقوق وادوار في المنطقة اكثر من احترامها لحلفائها من العرب .
- اكدت الغارة الاسرائيلية على ان جميع التصريحات والكلام والمؤتمرات الجماعية والثنائية والمقررات اللتي تخرج عن القمم العربية والتوصيات بالتعاون العربي السياسي والعسكري ليست سوى مسرحيات خائبة ومكشوفة وان المهم الاجتماعات العربية الامريكية والعربية الاسرائيلية ففيها تتخذ القرارات والاتفاقات الحقيقية .
- ربما ان كل ذلك يكشف عن تحالف مستقبلي عربي اسرائيلي امريكي ضد ايران في حالة ما اذا قرر الغرب ضرب ايران كما حدث في غزو العراق .
فالى اي مدى انحدر الواقع العربي ؟ . والى اي مدى سيصل ؟؟؟؟؟؟؟ .
التعليقات (0)