الغريزة جزء من فطرة الخلق التي فطر الله الناس عليها وهي كما نعلم مادية وليست روحية... وعقلية وليست عاطفية.... وهي تشمل الإنسان والحيوان وكل الكائنات الحية.... وتظهر في بعض النباتات كما يعرف أهل الزراعة مثل النباتات المفترسة أو التي تستحي من اللمس فتذبل في لحظات...أو مثل دوار الشمس الذي تتوجه زهرته إلى الشمس مع دورانها في النهار..ولو اختلفت تسميتها فهي على كل حال ظاهرة حسية ...ونعود إلى الفطرة ومعناها أن المخلوق جبل عليها لأنها طبع لصيق لا إرادى كما في قفل العين حين الخطر دون تدخل العقل الواعي...أو رد فعل المخلوق تبعا لنوع العمل..... وأغرب ما يصادف الإنسان خلال بحثه في تصرف الكائنات أن ترى القط مثلا إذا خطف قطعة من اللحم فإنه يهرب بها مسرعا لأنه يعلم أن الخطف تصرف مشين !! وإذا أعطيته قطعة من اللحم وقف يأكلها في هدوء لأنه يشعر بأنها ممنوحة وليست ممنوعة!!! ..وكل الحيوانات عندها هذه الحاسة لمعرفة الخطأ والصواب, والعدوان والتراضي!! بل إن الحيوان يعرف ما في نفس الإنسان فيحذر المتربص به سوءً ويأنس إلى من يظهر له الصداقة.... ويصاحب الكلب من يعطف عليه ويهاجم من يشعر أنه يعتدي عليه...والفطرة العقلية تبدأ بالغريزة (عند المولود من أي أنواع الحيوان والإنسان) الذي يتجه إلى ثدى الأم دون تعليم ولا دراسة ويرفض أي شيء يدخل فمه إلا أن يكون لبن الأم....ثم تنتهي الغريزة ويتحول جزء كبير منها إلى الفطرة بمعرفة المسموح والممنوع كلما ازدادت الخبرة وتعلم المخلوق إما بالتلقين أو التجريب (يعني يعلمه أحد أو يجرب بنفسه) وترى الطفل الذي لم يلقن الفرق بين العمل المسموح والممنوع في تصرفاته فيخفي الخطأ ليتقي العقاب ويبرز الصحيح لينال الثواب....وإذا فالفطرة التي تتوافق مع المسموح نسميها سليمة والتي لا تتفق نراها في الحيوان الذي يخطف اللحم أو يعتدي ويفترس....أما البحث في تشكيل الفطرة السليمة والخبيثة فهذا بحث يصل في نهايته إلى قضية التسيير والتخيير التي لم تحل حتى الآن لأنها من شأن الخالق الذي خلق فسوى وقدر فهدى....ولا نعلم مفتاحا للحل في هذه القضية القديمة المتجددة.... ولا لماذا خلق الله الإنسان وجعل منه مؤمنا وكافرا وعاقلا ومجنونا ومات طفلا وبقي حتى أرذل العمر.... وقسم البشر فريقا في الجنة وفريقا في السعير.... ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم أيكم أحسن عملا..... فلا أنتم شياطين متوعدون بالنار... ولا ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون...لماذا خلق الله البشر خطائين؟....(ليتوبوا)..... ولماذا جعل منهم مؤمنين؟ .....(ليجزيهم خير الجزاء) ...يعني ليميز الخبيث من الطيب.... وليمحص الذين آمنوا ويمحق الكافرين...فمن اطلع على علم الله ورأى أنه من أصحاب الجنة فليعمل بعمل أهل الجنة وسوف يوفقه الله ......ومن اطلع على علم الله وتيقن أنه من أصحاب النار فليفعل ما بدا له.... وكل ميسر لما خلق له ...والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله.... والنظر السليم في كل الأمور أن تفعل ما يرضاه الخلق لتكون محترما ومقدرا وتمتنع عن عمل ما يغضبهم لكي لا تكون مجرما مهانا ولا تفعل ما يشين فتكون مطرودا من المجتمع مطاردا بالقانون ولو فعلت ذلك كنت من أهل الكرامة وممن فاز بالثواب ونجا من العقاب في الدنيا والآخرة ...أما إذا لم تؤمن بالآخرة فيكفينا منك في الدنيا أن تكف عنا شرك وتصنع الخير ما أمكنك ...وعموما (لنستريح جميعا) فإن الآخرة (سواء آمنا أو لم نؤمن بها) ليست بيدك حتى تضعنا حيث شئت...وليست بأيدينا حتى نضعك حيث شئنا
التعليقات (0)